هل ستقرأ الكراسي لكي نقرأ؟!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هل سمعتم بصاحب سلطة أو نفوذ في تأريخ مجتمعاتنا يقرأ , ويجمع في مجالسه نخبة من المثقفين والعلماء والعارفين؟
على مدى القرن العشرين لم يحصل هذا إلا فيما عزّ وندر , والذين يقرؤون ويكتبون منهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة.
وفي بلادنا ربما لا يوجد كرسي يقرأ.
فالكرسي ينضح بما فيه , وقد رأينا ما تعطيه الكراسي من تعبيرات الجهل والأمية بقراراتها الغير مدروسة , والمؤكدة على أن الكرسي لا يقرأ ولا يسمع ولا يرى.
نعم كراسي الحكم في بلداننا لا تقرأ.
فالذي يقرأ يكون هادئ البال وواثق ومطمئن , لكي يمتلك الرغبة والإرادة والقدرة على مجالسة كتاب أو الإجتهاد بالقراءة والتعلم.
لو أن الكراسي تقرأ , لما حصل الذي قد حصل في القرن العشرين , ولا زلنا مطمورين ومدثرين بأوحال أحداثه وتداعياته وتيارات جهله وبهتانه.
ودعوة الكراسي للقراءة أشبه بالتخاطب مع الأموات , وحتى الحجر يمكنه أن يبعث الصدى , أما الكراسي فأنها تحسبك طامع وعدو ومعارض وحاسد ومتطلع إلى مواقعها وحسب , ولا يمكنها أن تفكر بأسلوب آخر أو ترى بعيون مبصرة وواعية.
إن تأريخ معظم الكراسي عبر العصور يشير إلى أن القادة يقرؤون ويتثقفون , وعندهم مجالس للعلماء والخبراء والشعراء ولكل مصادر المعرفة , وكانوا يتباهون بالذكاء والمعرفة والعلم وفقا لحالة زمانهم , ولا يوجد قائد دون قراءة ومعرفة وتعلم , إلا في المرحلة التي تأسست فيها دولنا في القرن العشرين , حيث تم مساندة الجهلة ومحاربة العلماء والمثقفين وطردهم من البلدان , لكي يكون الأمر مطلق لجاهل منصّب على العباد ويفعل بما يؤمر وحسب , فلا حاجة له للثقافة والقراءة والتعلم ما دام هو أداة تنفيذ لا أكثر.
ومن الأدلة الواضحة على أن الكراسي لا تقرأ , أننا لم نتقدم وفقا لما يجب , وسبقتنا مجتمعات بدأت بعدنا بعقود , قادتها كانوا علماء ثقافة وفقهاء تأريخ وأصحاب عقول حضارية معاصرة.
فهل رأيتم كرسيا قد جلس عليه صاحب ثقافة وعقل , وهل رأيتم كرسيا يتكلم بلسان عربي فصيح , فينبئ عن ثقافة ومعرفة ودراية تأريخية وقرآنية ولغوية صائبة ومؤثرة في سامعيه.
وعندما تقارن خطابات الكراسي في مجتمعاتنا مع خطابات الكراسي في المجتمعات الأخرى تجد فرقا مروعا , فالمجتمعات الأخرى لا يمكن للسان الكرسي فيها أن ينطق بعوج , أو يأتي بسقطات لغوية في كلامه , لأن ذلك يكون عيبا مروعا وضعفا يدان عليه , فالفصاحة من ضرورات الكراسي الفاعلة في الحياة , لأنها تؤكد بأن الكرسي قد قرأ وتعلم وتواصل وتواكب مع المستجدات والمعارف , والكرسي لا يعني الشخص الفرد وإنما طاقم الحكم والنظام , لأن الفصاحة تقليد قيادي يؤكد المعرفة والإحترام والإلتزام الوطني.
ولو أن الكراسي قرأت كتابا واحدا في التأريخ واستوعبته , لما جرى الذي جرى ويجري كل يوم في ديارنا المكبلة بالبؤس والشقاء.
فلا تسأل الذي ما قرأ أن يقرأ , ولا تسأل الذي لا يقرأ أن يتعلم كيف يقرأ , لأن وطيس الكراسي لا يمنحه الوقت اللازم لبعض قراءة وبناءٍ لصائب رأي نافع سليم.
إن المشكلة في جوهرها ربما تتلخص في "إقرأ" ولهذا كانت هذه الكلمة أول ما صرّحت به السماء في غار حراء , وترافقت مع شدٍّ وجذب ودوي عنيف , لأنها أصل الوعي والإدراك والتحقق الحضاري الكبير.
فلن يقرأ الكرسي لأننا لا نقرأ ولن نقرأ!
وهل ستقرأ الكراسي لكي نقرأ؟!!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . صادق السامرائي

هل سمعتم بصاحب سلطة أو نفوذ في تأريخ مجتمعاتنا يقرأ , ويجمع في مجالسه نخبة من المثقفين والعلماء والعارفين؟
على مدى القرن العشرين لم يحصل هذا إلا فيما عزّ وندر , والذين يقرؤون ويكتبون منهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة.
وفي بلادنا ربما لا يوجد كرسي يقرأ.
فالكرسي ينضح بما فيه , وقد رأينا ما تعطيه الكراسي من تعبيرات الجهل والأمية بقراراتها الغير مدروسة , والمؤكدة على أن الكرسي لا يقرأ ولا يسمع ولا يرى.
نعم كراسي الحكم في بلداننا لا تقرأ.
فالذي يقرأ يكون هادئ البال وواثق ومطمئن , لكي يمتلك الرغبة والإرادة والقدرة على مجالسة كتاب أو الإجتهاد بالقراءة والتعلم.
لو أن الكراسي تقرأ , لما حصل الذي قد حصل في القرن العشرين , ولا زلنا مطمورين ومدثرين بأوحال أحداثه وتداعياته وتيارات جهله وبهتانه.
ودعوة الكراسي للقراءة أشبه بالتخاطب مع الأموات , وحتى الحجر يمكنه أن يبعث الصدى , أما الكراسي فأنها تحسبك طامع وعدو ومعارض وحاسد ومتطلع إلى مواقعها وحسب , ولا يمكنها أن تفكر بأسلوب آخر أو ترى بعيون مبصرة وواعية.
إن تأريخ معظم الكراسي عبر العصور يشير إلى أن القادة يقرؤون ويتثقفون , وعندهم مجالس للعلماء والخبراء والشعراء ولكل مصادر المعرفة , وكانوا يتباهون بالذكاء والمعرفة والعلم وفقا لحالة زمانهم , ولا يوجد قائد دون قراءة ومعرفة وتعلم , إلا في المرحلة التي تأسست فيها دولنا في القرن العشرين , حيث تم مساندة الجهلة ومحاربة العلماء والمثقفين وطردهم من البلدان , لكي يكون الأمر مطلق لجاهل منصّب على العباد ويفعل بما يؤمر وحسب , فلا حاجة له للثقافة والقراءة والتعلم ما دام هو أداة تنفيذ لا أكثر.
ومن الأدلة الواضحة على أن الكراسي لا تقرأ , أننا لم نتقدم وفقا لما يجب , وسبقتنا مجتمعات بدأت بعدنا بعقود , قادتها كانوا علماء ثقافة وفقهاء تأريخ وأصحاب عقول حضارية معاصرة.
فهل رأيتم كرسيا قد جلس عليه صاحب ثقافة وعقل , وهل رأيتم كرسيا يتكلم بلسان عربي فصيح , فينبئ عن ثقافة ومعرفة ودراية تأريخية وقرآنية ولغوية صائبة ومؤثرة في سامعيه.
وعندما تقارن خطابات الكراسي في مجتمعاتنا مع خطابات الكراسي في المجتمعات الأخرى تجد فرقا مروعا , فالمجتمعات الأخرى لا يمكن للسان الكرسي فيها أن ينطق بعوج , أو يأتي بسقطات لغوية في كلامه , لأن ذلك يكون عيبا مروعا وضعفا يدان عليه , فالفصاحة من ضرورات الكراسي الفاعلة في الحياة , لأنها تؤكد بأن الكرسي قد قرأ وتعلم وتواصل وتواكب مع المستجدات والمعارف , والكرسي لا يعني الشخص الفرد وإنما طاقم الحكم والنظام , لأن الفصاحة تقليد قيادي يؤكد المعرفة والإحترام والإلتزام الوطني.
ولو أن الكراسي قرأت كتابا واحدا في التأريخ واستوعبته , لما جرى الذي جرى ويجري كل يوم في ديارنا المكبلة بالبؤس والشقاء.
فلا تسأل الذي ما قرأ أن يقرأ , ولا تسأل الذي لا يقرأ أن يتعلم كيف يقرأ , لأن وطيس الكراسي لا يمنحه الوقت اللازم لبعض قراءة وبناءٍ لصائب رأي نافع سليم.
إن المشكلة في جوهرها ربما تتلخص في "إقرأ" ولهذا كانت هذه الكلمة أول ما صرّحت به السماء في غار حراء , وترافقت مع شدٍّ وجذب ودوي عنيف , لأنها أصل الوعي والإدراك والتحقق الحضاري الكبير.
فلن يقرأ الكرسي لأننا لا نقرأ ولن نقرأ!
وهل ستقرأ الكراسي لكي نقرأ؟!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat