لم يكن صاحبي المثقف بأحسن حالاً من صحبه المثقفين فهو لم يعرف التلون ولا يجيد فن التزلف لا يتزلف إلى الأعلى ولا يتجبر أو يتغطرس على الأدنى ، لم تتروض نفسه يوماً ولم تذل ليحترف فن الوصول الى المناصب والمراتب فدون ذلك خرق القتاد بالنسبة له ، لا يجيد بوس اللحى ولا تقبيل الأيادي ولا يحبذ الألقاب الجليلة كسيادة الوزير أو سعادة النائب أو فخامة الرئيس لا يحبذ أن يلقيها على أحد ممن يلتقيهم أو يتعرف عليهم ، ويعز عليه أن يحني رأسه تحيةً لذي شأنٍ حكومي أو يتبعه بخطوات أو يظهر معه في صورة أو يتزاحم مع الآخرين ليجلس جنب هذا المسؤول أو ذاك لم يتعلم كل تلك الفنون حتى اليوم وها قد اقترب التغيير من عامه الثاني عشر ، لم يتعلم أن يقول ( كيف حالكم مولانا الجليل ) أو ( شرفتمونا سيدنا ) ورزقه جارٍ له والحمد لله . صاحبي هذا عظيم الشأن عندي إن انتقد فعن يقينٍ واعتقاد وحرصٍ على الوطن وغيرةٍ على هذا التراب وإن مدح فليس لرجاء موقع أو طلب منصب أو قربةٍ لمسؤول ولكن ينفث ما أضمر ضميره وصدقته عيناه وأيقن به قلبه ، وقليل مثل صاحبي في أزمنة الفتن وفوضى الادارة والحكومة . صاحبي ورغم شنأه للأحزاب والمنظمات وكثرة انتقاده للفئات والتكتلات لكنه اليوم معجبٌ كثيراً بالسيد هادي العامري زعيم منظمة بدر وعندما سألته عن السبب لم يتردد في الإجابة قائلاً ، هل سمعت تصريحه قبل أيام حول تحالف ( مستقبل ذي قار ) الذي أقال المحافظ ورئيس المجلس بأغلبية واضحة ؟ إنه قال إن خلخلة استقرار محافظات الوسط والجنوب في هذا الظرف بالذات ونحن نقاتل في جبهةٍ شائكة ومعقدة أمر خطير للغاية وعلينا تجنبه ، لم ينظر العامري الى أي منصب ستحصل كتلته وأي موقع سيحتله ممثلوها في ذي قار أو غير ذي قار ، هل رأيت كيف تنقل العامري من جبهة الى جبهة ومن معركة الى معركة وحوارات تشكيل الحكومة في أوجها بين ١١/٨/ و ١١/٩ عام ٢٠١٤ ، تلك المواقف مواقف وطنية كرهتُ منظمة بدر أم أحببتُها والكلام لصاحبي . كم تحتاج المواقف الصعبة الى رجال بمستوى المسؤولية ، وكم ينقذ موقف بطولي لرجل مصير أمة من الانزلاق وكيان دولة من التشتت والتمزق ؟ ما أحوج العراق اليوم لرموز بمستوى التحدي الكبير الذي يواجهه الوطن وأهله ، سيكتب التاريخ عن الخائنين وسيكتب عن الشرفاء ، وكلاهما سينام على وسادة الموت ولكن شتان بين من ينام والاطمئنان يملأ قلبه رضىً ويقيناً بمواقفه وبين من تيقنت نفسه بأنه ما سلك إلا طريقاً معوجاً وما ارتكب الا خيانةً بحق أهله ووطنه . أحيي صاحبي الذي لم تثنه أحكامه السابقة ومواقفه المعهودة عن قول ما استجد في قناعاته وأدعوه وكل المثقفين أن ينظروا دوماً إلى ( ما قال ) ولا ينظروا الى ( من قال ) ، فالحياة مواقف ورجال .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat