صفحة الكاتب : واثق الجابري

الحشد في زمن الإرهاب
واثق الجابري

 يعتقد كثيرون؛ أن تقدم الشعوب يتناسب طردياً مع أحترامها لمفاهيم حقوق الإنسان والإلتزام بالقوانين والعدالة الإجتماعية، ونعتقدها مفقودة في مجتمعاتنا.
لم نترك مناسبة لأخطائنا وتخلف شعوبنا؛ إلاّ ونضرب مثل في تناقضنا عن عالم نعتبره متحضر متطور؟!
مجمل ما نعتقده؛ ان دول العالم الأول سبقتنا في تطبيق القوانين، وترجمتها الى واقع عملي، وطبقت قوانين وضعية تحترم حقوق الفرد والجماعة، وتجاوزت رفاهية الإنسان، وبدأت تبحث عن حقوق الحيوان، ومنظمات تدافع عنه، وبعضهم من جمع إرثة لقطة، ولم يعتبروا زواج الجنس الثالث والكلاب والحمير؛ عيباً في حرية مطلقة، تسمح للإعلان في شاشات الفضاء، ولها مشرعين وقضاء رسمي؟!
صدقنا تلك الأحاديث، وتابعنا بشغف كيف تسلط الكاميرات، على إنقاذ حصان وقع في مجاري المياه، وقرأنا الأدب الغربي، وبحثنا عن روايات فائزة بجائزة نوبل، وقصص خيالية خلدها التاريخ، وتمنينا معهم أن لا يموت شرلوك هولمز، ونحرص على قراءة قصص إرنست همنغواي وتولستوي، بحثاَ عن مواقف إنسانية، تنقذ طفلاَ في الصحراء، ورجلاَ في البحر بين الحيتان، ونبحث مع أجاتا كرستي بشغف عن القاتل، وننتظر ما هو نوع العقاب، وقرأنا الحب في زمن الكوليرا، ولم نقرأ الحب في زمن الإرهاب، والجنون بحب الوطن، وعشق الشهاده، والوله بالمقدسات، والهيام بالعقيدة.
لا توجد في العالم مجلدات تروي قصص واقعية، عن شعب عاش تحت نير الدكتاتورية، ولم يُصور كيف كان مجاهدي الأهوار؛ يتنفسون بقصبة من أفواههم تحت الماء، ويتحملون برد الشتاء وحرارة الصيف وتطفل الحشرات، كيف يقفون ساعات طويلة بين الثلوج في جبال العراق، وكيف يتقاسمون رغيف الخبز مع العوائل، وتحمل النساء البنادق تحت العباءة، ولم تتحدث موسوعة غينس عن كم بيضة تم قليها( بالكرك العراقي)، في ساحات القتال، وكم عائلة نازحة تناولت الحشيش للمحافظة على شرفاها، وكيف يتبرع مقاتل عراقي بنفسه لإنقاذ جريح، أو إحتضان إنتحاري، وكيف حشد شعب كامل بفتوى كفائية، ماذا لو كانت وجوبية؟!
أغفل التاريخ عن صفحاتنا البيضاء، في مواجهة الدكتاتورية السوداء، وثورة شعب وأمة في إنتفاضة الشعبانية عام 1991م، التي كسرت طوق الخوف والرعب، وأذلت الطاغية في مواجهة شعبية مسلحة، ومن نخبوية الى ثورة جماهيرية؛ جذرت مبدئية الشعب المقاوم؛ بمشاركة 14 محافظة من أصل 18، وتحملت ضريبة المقابر الجماعية؛ سيق الى مذابحها مختلف الطبقات؛ بتعتيم إعلامي، وغطائات إقليمية ودولية؛ غضّت الطرف عن المجازر الوحشية، وإبادة جماعية طائفية تحت شعار " لا شيعة بعد اليوم "؛ لمواجهة انتفاضة قادتها المرجعية الدينية والمثقفين، وأطلقوا العد التنازلي؛ لأسقاط الدكتاتورية، وعزلها عن تحقيق مصالح القوى الاقليمية والدولية.
تفرج العالم على مأساتنا، وتحركت الدول بإستعراضية وتسابق قوى، وليس من المعقول اليوم، أن يسمى تحالف دولي ضد منظمة إرهابية في العراء، ولا يستطيع القضاء عليها؟!
تعجز الكتب والمؤلفات أن تروي كل قصص البطولة، وقد كتب تاريخنا بالدماء، وكل مقاتل من الحشد الشعبي، هو ألف رواية ورواية، وتقول أننا شعب يملك إرادة لا تلين وأن العالم إجتمع لتمزيقنا، ولا تنقصنا الشجاعة والكرامة، ولكن العالم سمح لسلطوية وإنحراف، أن تضع البنادق على رقابنا، ويجتاح أرضنا الغرباء، ولكن حشدنا ووحدة كلمتنا، هي مثال للدفاع عن حقوق الإنسان، وتطبيق العدالة الإجتماعية، ولحظة وقوف متطوع في مواجهة الإرهاب؛ تساوي كل مؤلفات العالم، وما كتبوا في عقود؛ خُلطت أوراقه في فتوى كفائية، انه الحشد في زمن الإرهاب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/05



كتابة تعليق لموضوع : الحشد في زمن الإرهاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net