المصطلح و الصراع الحضاري مصطلح الإرهاب انموذجاً
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لقد جعل ( المصطلح ) أداة في الصراع الحضاري لكونه الوعاء المعرفي المعبر عما فيه من فكر ، و رأي ، و اعتقاد .
نعم ، لا مشاحة في استخدام المصطلحات من قبل الجميع على اختلاف دياناتهم و حضاراتهم و ثقافاتهم و زوايا الوعي لديهم ، و كذلك محمولاتهم الأيديولوجية ، لكن يأتي الحذر حيال مضامين هذه المصطلحات ، و بالتالي الانحراف التطبيقي لها .
فمرجع الإختلاف المضموني إلى الاختلاف في النسق ، لكن الإختلاف التطبيقي مرجعه أيديولوجي بامتياز .
بل ان الاختلاف التطبيقي ، أو الإنكار التطبيقي قد يرافقه الإصرار على شيء معاكس للواقع رغم الأدلة و البراهين عليه .
قال تعالى : (( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ )) سورة البقرة ، الآيات ( 11 ) ـ (12) .
فهذا الإنسان ينكر ، و يبرر ، و يدافع ، رغم كونه السبب الأول و الأساس في الفساد و الإفساد .
قال تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) سورة الروم ، الآية (41) .
إن حرب المفاهيم و المصطلحات تعدت الأُطر الفكرية ، و وصلت إلى أُطر أخرى ، كالأطر الدينية ، بل إن أكثرها قد ولد داخل المنظومة الدينية إثر الخلافات الدينية الداخلية و الخارجية لتشمل كل السوح الأُخر .
إن الخلل كل الخلل في عدم الاتفاق و عدم التوافق المفهومي ، و الحل كل الحل في الاتفاق المفهومي ، فإما أن نضع إطاراً و تعريفاً متفقاً عليه لـ( العنف ، و التطرف ، و الإرهاب ) ـ على سبيل المثال ـ و ان لا نجعلها تُفسر بحسب الاجتهادات الذوقية ، أو النفسية ، أو الفئوية الخاصة .
لابد من إجماعٍ دولي لتأطير هذه المفاهيم بأطر متفق عليها ثابتة و متسالمة . بل لابد من وضع دستور دولي و معجم مصطلحي متفق عليه لهذه المفاهيم مدعوم بإجماع دولي ، يرافقه تثقيف تتبناه المنظمات المختصة ، و دعم إعلامي عالمي .
إن أكثر ما دمر الساحة الإسلامية هو عدم الفهم لمصطلحات مهمة أدت إلى القتل و الذبح و التشريد منها على سبيل المثال : ( الشرك ، و الشفاعة ، و الرفض ) رغم العموميات الموجودة في كل واحدٍ منها .
بين الإرهاب و التطرف
يعد التفريق ما بين مصطلحي ( التطرف ) و ( الإرهاب ) من الأمور الشائكة في واقعنا المعاصر ، ذلك لشيوع أن التطرف و الإرهاب هما وجهين لعملة واحدة . و إن مرادهما واحد و مؤداهما واحد و نتيجتهما واحدة .
إن التفرقة أو التفريق بين مصطلحي ( التطرف ) و ( الإرهاب ) بات من الضرورات الملحة فكرياً و عملياً ، تنظيراً و تطبيقاً .
إن التطرف يرتبط بمعتقدات و أفكار بعيدة عن المعتاد أو المتعارف عليه سياسياً و اجتماعياً و دينياً و حتى اقتصادياً . دون أن ترتبط تلك المعتقدات و الأفكار بسلوكيات مادية أو عملية عنيفة في مواجهة الفرد أو المجتمع أو الدولة ، أما إذا ارتبط التطرف بالعنف المادي أو التهديد العملي فإنه يتحول حينها إلى إرهاب .
فالتطرف دائماً يبقى ـ و من حيث الحقيقة الأولية ـ في دائرة الفكر . أما عندما يتحول الفكر المتطرف إلى أنماط عنيفة من السلوك من أعتداءات على الحريات أو الممتلكات أو الأرواح أو تشكيل التنظيمات المسلحة التي تستخدم في مواجهة المجتمع و الدولة فهو عندئذ يتحول إلى إرهاب .
فالتطرف من حيث المفهوم الأولي يساوق ( الغلو ) ، و من حيث المصطلح هو الانحياز المفرط .
اما الارهاب فهو ممارسة الترهيب عن قصد و عمد ، من الفرد أو من الجماعة ، أو من الدولة ، تجاه فرد أو جماعة ، أو دولة . فهو محكوم عليه و من البدء بإنه مخالف لقواعد الإنسانية .
و الإرهاب يقسم إلى أربعة أنواع هي :
1ـ الإرهاب الفردي : و هو الارهاب الذي يرتكبه فرد واحد بعينه .
2ـ الارهاب الجماعي : و هو الارهاب الذي ترتكبه جماعة معينة ، سواء كانت هذه الجماعة دينية أو عرقية أو غير ذلك .
3ـ إرهاب الدولة : و هو الارهاب الذي ترتكبه دوله معينة بواسطة سلطاتها أو بواسطة عملائها بحق غيرها من أفراد او جماعات أو دول .
4ـ الإرهاب المختلط : و هو الارهاب الذي يمارسه فرد باسم جماعة او حزب او شعب ، و ما شاكل ذلك .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat