صفحة الكاتب : ادريس هاني

إدارة الأنسنة
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سؤال الأنسنة ككل الأسئلة المستنزفة اليوم يتعرّض لمكابدة الأيديولوجيا وتشويشها..ولذا تعيّن أن تخضع مفاهيمنا دائما لعملية اختبار وتنمية مستدامة أيضا..الأنسنة هي مبدأ عقلائي لا شيء يملك الوقوف ضدّه أو مصادرته لأنّه لا يتوقّف على جعل جاعل..وحينما خلق الله الإنسان كان ذلك هو العنوان المبدئي لرحلته في الزمان بحثا عن كمالات تنمي سنخيته كإنسان. كل ما جاء واستنبت من تعاليم كان هدفه تأويل إنسانية الإنسان وتحريض الإنسان لبلوغ كمالاته. وكما أخفق الإنسان في تحقيق ذلك سواء بالتعاليم الدينية أو الدنيوية فذلك مردّه إلى الجهل والحرية..بالجهل يتراجع الكائن عن إنسانيته، وبالحرية يختار حتى الأسوأ من بين مصائره الممكنة. الحرية نفسها حينما لا تتأنسن تصبح خطرا على الإنسان. يرفع الجهل بالعلم وتهذّب الحرية بالأنسنة. إنّ الجهل لا يرفع بالاستبداد والتوحّش، لأن الاستبداد والتوحش هما أصلا فرعان للجهل. بل وكما ذكر الكواكبي في طبائع الاستبداد: أن الاستبداد يذهب الراحة الفكرية..وكذلك لا ترفع الحرية اللاّإنسانية بالاستبداد، لأنّ هذا الشكل من الحرية الخاطئ هو في حدّ ذاته متولّد عن الاستبداد العاري وشكل من أشكال ردود الفعل عليه.. والحل، هو أنّ تهذيب الحرية لا يتم إلا بمزيد من الحرية المتترسة بالعلم والتربية والأنسنة..إنّ تنمية الضمير الإنساني وإعداد المناخ المساعد لذلك هو المخرج الممكن من آثار وطبائع التوحش..الأنسنة إذن هي إحساس ووجدان قبل أن تصبح فكرة وأيديولوجيا..ولا شيئ يوقف هدير الأيديولوجيا وفسادها أكثر من إعادة تشخيص المفاهيم على أساس الوجدان..الوجدان قاهر للأيديولوجيا..وبما أنّ الأنسنة استنزفت بسبب أدلجتها كان لا بدّ من قلب المعادلة لأنسنة الأيديولوجيا نفسها..ترعى الأيديولوجيا دائما على طبائع توحّشنا فتزداد شططا وإرهابا..وإذا لم يعاد تقييمها وتقويمها خرجت عن الطوق وعاثت فسادا في النظر والعمل..تعود الأيديولوجيا لتزاحم المعرفة في عملية تشكيل العالم وتمثّله..بل غالبا ما تسعى الأيديولوجيا إلى انتحال شخصية الإبستيمولوجيا فتحاول إعادة تشكيل العالم عبر خداعها..في مثل هذه الحالة لا مخرج غير القبض على الحدّ الأدنى من الأنسنة باعتبارها معيار نجاح التمثل الإنساني للأفكار والأديان..إنّ معيار انحراف الأديان نفسه يظهر من خلال قياس منسوب الأنسنة فيها..فالأديان التي تنتج خطاب العنف والاستهتار بالقيم والأحاسيس الإنسانية هي ديان تتعرض للقرصنة من قبل كهنة لديهم مشكلات مع الإنسان وقيمه..الثقافة التي تحوّل العلم إلى توحش أو الأديان إلى عنف هي ثقافة واحدة..مجتمعاتنا تفتقد إلى الثقافة الإنسانية وكذا دولنا وأحزابنا..هناك التفاف على مفهوم الأنسة وتوحّش ضارب الأطناب في ذهنيتنا..إنّ مواجهة إدارة التوحش لا تتمّ إلاّ بإدارة الأنسنة من أي زاوية دخلنا إلى الأنسنة .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/07



كتابة تعليق لموضوع : إدارة الأنسنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net