إنسانية و عالمية الثورة الحسينية
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لقد حققت الثورة الحسينية نصراً عظيماً للإنسانية من خلال الانتصار لإنسانيتها المسلوبة , و حقوقها الضائعة وراء التمييز و الطبقية , فجيش الأمام الحسين ( عليه السلام ) رغم قلته فقد تجسدت الإنسانية كل الإنسانية فيه , إذ نجد فيه الحبشي الأسود , و التركي , و النصراني . فهو جيش الإنسانية يحارب جيش الشياطين .
و تمثلت عالمية الثورة الحسينية من خلال تأثر الكثير بالثورة الحسينية من غير الشيعة , بل من غير المسلمين من أهل الديانات الأخرى في العالم , و الشاهد على ذلك المقالات التي ذكرناها في طيات البحث استشهاداً و استطراداً و تأييداً لذلك .
كما و إن عالميتها واضح من جانب آخر ألا و هو عالمية الرسالة الإسلامية التي جاء بها النبي محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) , و بالتالي عالمية رسالة الأئمة ( عليهم السلام ) و منهم الأمام الحسين عليه السلام , لذا فإن من يريد اختزال القضية الحسينية و حصرها بشعب معين أو طائفة معينة فهو خاطئ و يحتاج إلى إعادة النظر في كل منظومته .
القضية الحسينة , و الأخلاق الحسينية , و الثورة الحسينة قضية عالمية إنسانية عامة و شاملة لكل بني البشر , فالقضية الحسينية انطلقت وفق أهداف إنسانية بحتة هدفها تحرير الإنسانية جمعاء بما تحمله من أهداف و قيم و تضحيات و نماذج مشرفة , فهي قضية عامة لكل بني الإنسان لا تختص بفئة معينة من الناس , و لا بمكان معين من الأرض .
إنها انطلقت من رحم الإنسان و مدافعة عنه , لان من أهم تعاليم الدين الإسلامي الحقيقي هو إرساء قيم الإنسانية , و احترام الإنسان , و صون كرامته , و رفض الاستعباد و الأذلال و الانقياد الأعمى للسلطة كائنة من كانت , لقد أسس الأمام الحسين ( عليه السلام ) فقه سياسي ذا طابع إنساني قائم على ثنائية الحاكم و المحكوم , و هو بذلك حارب التسلط باسم الحاكمية , و حارب الخنوع و الخضوع باسم المحكومية .
فقد قالها ( عليه السلام ) مدوية خالدة باقية على مر العصور : ( ... ألا و إن الدعي أبن الدعي قد ركز بين اثنتين , بين السلة و الذلة , و هيهات من الذلة , يأبى الله لنا ذلك و رسوله و المؤمنون , و حجور طابت و طهرت و أنوف حمية و نفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام , ألا و إني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد و خذلان الناصر ... )1. و قوله عليه السلام : ( فإني لا أرى الموت إلا سعادة , و الحياة مع الظالمين إلا برما )2 . و كذلك قوله عليه السلام : (( و الله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل و لا أقر لكم إقرار العبيد ))3
و لو استعرضنا سيرة الأنبياء ( عليهم السلام ) سنجد هدفها الأساس هو محاربة الظلم , و الدفاع عن كرامة الإنسان و حريته , و من هو أفضل مجسد لذلك غير وارث3 الأنبياء عليه و عليهم السلام .
و نحن نقرأ في زيارته ( عليه السلام ) : (( ... فأعذر في الدعاء , و بذل مهجته فيك , ليستنقذ عبادك من الضلالة و الجهالة و العمى و الشك و الارتياب إلى باب الهدى من الردى ))5 .
لذا يقول الشيخ ( محمد حسين كاشف الغطاء )6 : (( نهض الحسين " عليه السلام " تلك النهضة الباهرة , فقشع سحب الأوهام , و أنتزع النور من الظلام , و أصحر بالهدى لطالبه , و بالحق الضائع لناشده ... و يتفرع من هذه المزية مزايا تفوق حد العد , و يحصر عنها لسان الحصر ))7 . نعم لقد (( بقي الحسين بن علي يُذكر حياً , نضراً , فواحاً , كلما ذُكر محمد و آل محمد و رسالة محمد ( ص ) , في كل صلاة , و في كل تسليم ))8 . على شفاه المحرومين , و المنتظرين للعدل و للحق و للحرية .
................................ الهوامش .....................................
1 : مقتل الحسين , المقرم , ص 244 .
2 : تاريخ الطبري , ج 6 , ص 229 ، و مقتل الحسين , المقرم , ص 200 .
3 : مقتل الحسين , المقرم , ص 230 .
4 : تراجع لذلك زيارة ( وارث ) للوقوف على مضامينها .
5 : كامل الزيارات , ص 401 .
6 : الشيخ محمد حسين بن علي بن رضا بن موسى بن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي ( 1294 ـ 1373 هـ ) , له من المؤلفات : ( الدين و الإسلام , المراجعات الريحانية , الآيات البينات في الرد على الفرق الضالة , الفردوس الأعلى , جنة المأوى , تحرير المجلة ( فقه مقارن ) , أصل الشيعة و أصولها , ... ) .
7 : الآيات البينات في قمع البدع و الضلالات , محمد حسين كاشف الغطاء , القسم الأول , ص 26 .
8 : الحسين بن علي أمام الشاهدين , علي شلق , ص 9 .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat