صفحة الكاتب : ادريس هاني

حول السيرة
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم تخضع السيرة لفن الكتابة التاريخية..فمنذ البداية ثمّ تحديد الصورة التي ستكون عليها هذه السيرة التي غلب عليها التسامح والتراخي في التحقيق وتأطيرها بأنماط من اللاّمعقول التاريخي..إنها مجال لتسطيح تجربة كان يفترض أن تكون مثالا للعمق والمثل الأعلى..فالسيرة تاريخيا هي اللحظة التاريخية التأسيسية في الثقافة العربية حيث تعلقت بما يصطلح عليه أركون "الحدث الإسلامي" وهو ما اصطلح عليه آخرون بمراحل الدعوة وتأسيس الدولة..كان أحرى بدارسي السيرة أن يربطوها بالمعقول التاريخي ليظهروا أسباب قيام هذا الحدث ويفسرون انتصاراته التي لم تكن انتصارات إعجاز بل انتصارات نابعة من تخطيط وتفكير ورؤية.. ساعة ينهزمون فيها وساعة ينتصرون..إن قضية الإعجاز لها مساحاتها الخاصة وليست هي الغالب على الحدث العربي يومها..ومن هنا فإن الهروب في الإعجاز للتغطية على الكثير من الفتوق التي عرفتها السيرة هو واحدة من إشكاليات كتابة السيرة عندنا..لا أريد أن أقف على تفاصيل كثيرة لا زال العقل العربي يعاند في تجاهلها، ولكن رأفة بهشاشة هذا العقل نخفّف الوطأ ونقول ما يتحمّله الجمهور ولا تنفرط عرى مزاجه عند سماعه وهو كثير عندنا ابتلعناه ابتلاعا وصبرنا على البوح به صبرا جميلا..ولكن لنقل من باب الاستطراد: إنّ أوّل ما يستوقفني في ذكرى وفاة الرسول الأعظم محمد(ص)، ليس سيرته التي تحتاج إلى الكثير من التنقية والتحقيق لأنها تتضمن الكثير من أنواع التزييف الذي يعكس آراء الكتبة وأغراضهم وميولهم وانتماءاتهم وثقافتهم..سيرة يجب أن تكتب من جديد من المبدء جتى الخبر..حيث فيها من أشكال التحريف ما يجعل من حقّ أي عاقل أن ينتقد ومن أي خصيم أن يجد فيها مادة دسمة للتجديف..إنما مفتاح فهم السيرة يبدأ من الأخير..من النهايات..حيث مات الرسول شهيدا بينما كان يفترض أن يموت وفاتا لأنه بحسب القرآن أكمل الرسالة..ما الرابط بين إكمال الدين والشهادة؟..وهل إكمال الدين تنزيلا أم تأويلا؟ مات الرسول شهيدا..قالوا قتلته اليهودية بسم دسته له قبل سنوات..وجمدت آثاره إعجازا لحين إكمال الدين..لكن كل هذا حتى لا يقال: هل محمد قتله الأعراب؟ قتله دواعش زمانه؟ ما الغريب إذن؟ أليست آخر سور القرآن وآخر ما نزل قبل إكمال الدين هو الحديث عن منافقين كثر حول المدينة؟ ألم يسلم حذيفة بن اليمان وثيقة بأسماء المنافقين؟ أليس الرسول تعرض لعملية اغتيال من قبل ملثمين في الحادثة الشهيرة؟كل ما كان يحيط بالرسول يؤكد على أنّه كان مهددا بالقتل..هناك يجب البحث عن جذور داعش..عن أولئك الملثمين الذين حاولوا اعتيال صاحب الدعوة ولا زالوا يغتالون الجوهر الإنساني لهذا الدين....لقد كان محمد (ص) بالفعل أبا الشهداء..والحسين حفيذه أبا الشهداء أيضا..أليس لذلك قال: حسين مني وأنا من حسين...لأنّ النفاق امتحن امتحانه الأعظم في كربلاء..يومها اكتملت السيرة التي تنتهي عندي في كربلاء ليبدأ فصل لها آخرى من التداعيات..في كربلاء تدحرج الأعراب وانكشفت خدعهم وأميط عن وجوههم اللّثام وباتو في أسوأ صورة للشمر ومن تبعه ويزيد ومن والاه..ثم سرعان ما يعود النفاق من جديد..نفاق يمتح حقيقته من مثل الظواهر الشبيهة له في كل جيل..نفاق باسم الدين ونفاق باسم كربلاء..فالمنافقون يبتلعون كل الحقائق ويعيدون إنتاج الموقف الخاطئ بأقدس قدساتك..إنّ السيرة هي حقائق تتكرر..فيها يتجلّى ميلاد الحقيقة ومعاناتها واغتيالها..هنا تاريخنا حقّا هو مسلسل من الاغتيالات..(ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون)...فالذين قتلوا رسول الإسلام هم أنفسهم من يقتل المعنى الحضاري لهذا الدّين..هم من يذبحون الاعتدال..هم من يبيعون مقدّسات الأمة للاستعمار...هم من يبيعون الأرض والإنسان والثروة للإمبريالية وأذنابها..هم الذي ابتكروا لاهوت الخيانة..لاهوت العمالة..لاهوت الهزيمة..هم الذين يقتلون التنوع والتعايش الجميل في هذه الأمة..هم الذين استبدلوا إدارة التوحش بإدارة الرحمة..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/12



كتابة تعليق لموضوع : حول السيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net