صفحة الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي

مُستقبلٌ يَستدعي التحسُّب
د . حميد مسلم الطرفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  لعلّ بين التحسب الذي يعني التأهب والإستعداد وحساب الاحتمالات السيئة وبين التشاؤم أو سوء الظن بالله خيط رفيع يقع الكثير منا في الخلط بينهما وعلى المستوى الشعبي فما بين مقولة ( القرش الابيض ينفع في اليوم الأسود ) ومقولة ( اصرف مافي الجيب يأتيك ما في الغيب ) صراع ونزاع ولكل منهما انصارها وحججها وبراهينها لكن على مستوى الدول وتدبيرها واداراتها فمن مسلمات الامور أن التحسب جزء من ستراتيجية أية دولة لأن الدولة عقل لا عواطف وإرادة عامة لا إرادات شخصية ، ودول ننعتها بالرجعية والبداوة تبين ان لديها مثل هذا التحسب مهما قيل عن اسرافها وبذخها وترفها وملذات أمرائها فالصندوق السيادي الذي وفرته السعودية مثلاً من ارتفاع اسعار النفط بلغ 700 مليار دولار !!! في حين لم يوفر العراق سوى احتياطي البنك المركزي العراقي والذي يقارب الـ 70 مليار دولار . ورغم ان الفارق بين حالة السعودية والعراق  كبير سواءً في مستوى التصدير أو الحاجات الاساسية أو الانفاق على المجتمع أو الاستقرار الأمني إلا أن المثال هنا لضرورة الالتفات والتحسب من قبل  الدولة الى مستقبل الايام ولازال الوقت لم يفت بعد فلا بد من التأكيد على أن المنطقة والوطن يمر بظروف معقدة جداً تتداخل فيها المصالح بل الخنادق ما بين نزاع وصراع ووئام وانسجام يصل الأمر  الى حد الاحتراب  من جهة أو التحالف من جهةٍ أخرى وكل ذلك باثمان باهظة مالاً ودماًندفعه نحن .  واذا كان الاقتصاد من صفات الصالحين في الغنى والفقر فإنه من واجبات النظام الصالح في الفقر خاصة أو تحسب  الفقر .  من حقنا أن نفخر أننا استطعنا كشعب إطعام أربعة ملايين زائر اجنبي ولمدة عشرة أيام وآويناهم ونقلناهم ولكن من الحكمة والعقل أن نحسب كم أنفقنا عملةً صعبة لهذا الغرض وكيف نسترد هذا المال وكيف نؤدي هذا العمل العملاق مستقبلاً دون أن يرهق كاهل الدولة وأمنها الاقتصادي لانه يعني أمننا وأمن أبنائنا  . لا زالت الآلاف من السلع المستوردة ليس لها أية قيمة وخارج المسموح به من حيث السيطرة النوعية بل ويذهب معظمها للمزابل بعد ايام من استخدامها  في حين ندفع لاستيرادها الملايين من الدولارات ، قرطاسية ، مواد تجميل ، ملابس ، العاب اطفال ، اكسسوارات ....الخ . لقد بات على الحكومة ومن الان أن  تتبني برنامجاً واضحاً  لترشيد الاستهلاك مطلقا واستهلاك الطاقة والماء خاصةً ، ففي دول عظمى كألمانيا تملك ثالث أو رابع  إقتصاد في العالم هناك برامج لترشيد استهلاك الماء و الطاقة في حين تعج بلادنا بالتبذير والإسراف . وليسمح لي القارئ الكريم  أن أقول أن نمط الحكومة الحالي وسائر إجراءاتها لا يمكن أن نطلق عليه ( حكومة حرب ) في حين أن الحرب قائمة ومعقدة ومكلفة  ولا يلوح لها في الافق القريب مخارج آمنة وحلول تجلب الاستقرار فهل نلتفت قبل فوات الأوان ؟ قبل أن نصبح ذات يوم مشردين في البلدان يتقاذفنا الذل والهوان - لا سمح الله - نستطعِم فلا نُطعَم ونستجير فلا نُجار فما أمسنا عنا ببعيد إذ كنا قبل سُنَيّات كذلك ؟ اللهم آمنا في أوطاننا ياأرحم الراحمين . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد مسلم الطرفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/15



كتابة تعليق لموضوع : مُستقبلٌ يَستدعي التحسُّب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net