الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : ادريس هاني

هذه فلسفتي 13
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 يوجد الإنسان على مستوى متساوي من الاستعداد في حدود ما بالقوّة، هذا المفهوم الأثير في الفلسفات الأولى، كل شيء متساوي..يأتي الاكتساب بالعمل..فالإنسانية مرحلة ثانوية وإن كان جوهرها مركوزا في الهيولى الأولى فهي لا تشرق إلاّ بالفعل والكسب..هذا يجعلنا ندرك أنّ الإنسانية محض استعداد قووي بينما هي بالفعل قد تتحقق وقد لا تتحقق بحسب سياسة الكائن وتدبيره لرحلة السفر من القوة إلى الفعل..بالنسبة إلى بن رشد لسنا في حاجة إلى نكران الشيء بالقوة لإثبات أهمية الفعل، فابن رشد يمضي على السفر الدائم من القوة إلى الفعل، بل وعلى التجدد المستمر للعالم..ولا شيء في العالم بله الإنسان صادر عن العدم، فالهيولى قديمة ، وصور العالم ثاوية هنالك..ومعقولية العالم تحيل على العقل ومن ثمة إلى العاقل، وهو الصيغة الرشدية لاتحاد العاقل والعقل والمعقول..فعل "يُوجد" في اللغة العربية يعفينا من مراحل معقّدة من فلسفة الوجود..فالكائن يوجد، وهذا يكفي لكي يقدح رغبته في التساءل: من هو الموجد؟ ففي فعل يوجد يتلخّص الكوجيتو الديكارتي المفضي إلى إثبات الموجد وإلى المبدأ..كما يتلخّص الدارزاين الهيدغيري المفضي للقلق وإلى المصير..الكائن القلق بخلاف سائر نظائره..الكائن الذي لا يحسن أن يستسلم للنظام..أو الذي تنتابه الشقاوة لينخرط في أحوال ليست معدّة لسنخه..الكائن الوحيد الذي يوجد ويتعين عليه البحث عن ماهيته ..وقد يخطئ الطريق إليها..وقد لا يحصلها..فإنسانية الإنسان غاية تتحقق بكدح الكائن وإصراره على ماهيته..قد تتحصل تلك الماهية بدرجات متفاوتة..وهذا التفاوت هو الذي يخلق سوء الفهم الكبير في حياة البشر..تفاوت في مستوى المدارك الإنسانية تجعلهم في لحظات تاريخية أو أوضاع اجتماعية ما في حالة غرابة..الكائن الناطق هو وحده الذي يمارس الجريمة انتقاما أو استمتاعا بخلاف سائر الحيوانات التي تمارس حقها في العنف لأسباب موضوعية ثم تنتهي الرغبة في العنف متى اطمأنّت..يستطيع الكائن الناطق أن يتحكّم في مصيره وماهيته بخلاف سائر الكائنات..كونه كائن يملك سائر الاستعدادات بلا حدود..من هنا لا محدودية الكائن الناطق..بل حتى عقله لا حدود له على الأقل كما نحى ابن رشد في لامحدودية العقل الهيولاني..أو ابن عربي في اعتبار لامحدودية العقل في القابلية لا في الفعل..وأيّا كان الأمر، فإنّ لا محدودية العقل هي سمة تفوّق فيها الكائن في مستوى الاستعداد..ولكّنه بالفعل يتدلّى باستمرار بفعل الرغبة في الانحطاط..ليست الحيوانات كائنات منحطّة..ولكن الكائن الناطق كائن منحطّ متى ما تماهى مع ما لا ينبغي له من منازل دنيا..إنّ دائرة الفعل هي دائرة البلاء الأعظم..وأن توجد يعني أن توجد باستمرار في حركة تكامل دائبة..كل مرتبة تمنح الكائن شوقا لمواصلة الطريق والحاجة إلى كمالات إضافية..الإحساس بالفقر الوجودي هو علّة هذا الشّوق وقوّة اندفاع الكائن لتحصيل ما يتشوّف إليه منها..الكائن المكتفي باستعداداته الأولى ليس كائنا فطريّا..فالفطرة معنى يلخّص الاستعداد الأقصى للخير..وقد تكون الفطرة هي جماع الاستعداد الخيّر للعقل الهيولاني..وليست هي الجهل الأوّل الذي قد يفضي إن لم تتداركه العناية إلى جاهلية عظمى..لو كانت الفطرة تعني الجهل لما تمدّح بها الحكماء..الفطرة هي الاستعداد ما قبل الفعلي لكل الكمالات.. فالاكتفاء بالجهل الأوّل نقيض للفطرة..والميل إلى الكسب المعرفي والأنسنة هو الاستجابة الحقيقية للفطرة..فالمتعلّم والخبير إن تحصّل له هذا الذوق والفن فهو على فطرته.. فالكائن الناطق متساوي مع نظائره في هذا الاستعداد..في الفطرة..ولكن ما أن يشرع في الاستجابة بالفعل لداعي الفطرة حتى يبدأ الخلاف والتفاوت..قدر الكائن الناطق ان لا ينمو ويتكاثر بالمستوى نفسه من كمال ماهيته..في عالم الحيوان حيث لا يوجد حيوان أكثر حيوانية من الآخر لا يحصل النزاع الذي يحصل في عالم البشر..أقصد الاندماج في الأنواع نفسها..ليس الإنسان ذئبا لأخيه الإنسان، فالذئاب حينما تشعر بالإطمئنات لا تفترس بعضها بعضا..لكن الكائن الناطق يفعل ذلك مع بني نوعه لأسباب قد تتعلّق بالرفاه أو الجشع أو الاستمتاع أو أي نزعة من النزعات التي لا توجد إلاّ في الكائن الناطق..لا تحتاج الحيوانات إلى ديمقراطية لأنّها أدركت نظام الحياة..ولا تحتاج إلى رفاهية لأنّها غير مصابة باضطراب في غريزة حب البقاء..وحده الكائن الناطق يعيش في مجتمع غير متكافئ من حيث ماهيته الإنسانية العميقة..فيحتاج إلى الأيديولوجيا والتربية والدولة والديمقراطية والثقافة ليخفف من حدّة هذا التفاوت المؤدّي للانتحار الجماعي..سيبقى الكائن الناطق هو آخر الكائنات تؤمن بالحرب وترغب في الاستئصال..لأنّ العالم قد ينتهي ولا زال الكائن الناطق يبحث في بدايات الطريق عن إنسانيته الهاربة.. وهو كائن في حالة انتظار لكماله الوجودي..
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/21



كتابة تعليق لموضوع : هذه فلسفتي 13
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
ط·آ·ط¢آ£ط·آ·ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ®ط·آ¸أ¢â‚¬â€چ ط·آ¸ط¦â€™ط·آ¸ط«â€ ط·آ·ط¢آ¯ ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¹آ¾ط·آ·ط¢آ­ط·آ¸أ¢â‚¬ع‘ط·آ¸أ¢â‚¬ع‘ : 3 + 3 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net