صفحة الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

ما وراء الأعمال
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    من اليقين ان لأعمال الإنسان تجليات و آثار ، تلك التي يُطلق عليها بـ( الآثار الوضعية ) للأعمال ، و هي تنعكس على الفرد و على المجتمع .

ان الآثار الوضعية لأعمال الخير تكون ذات مردودات ايجابية على الفرد و المجتمع ، اما الآثار الوضعية للأعمال الشريرة و السيئة فستكون ذات مردود سلبي على الفرد و على المجتمع على حدٍ سواء . فذلك هو التجلي الدنيوي للأعمال قبل تجليها الأخروي .

قال تعالى : ((وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ))سورة الأعراف ، الآية (58) .

على ان يكون ذلك واضحاً و جلياً للإنسان ، و هو أشبه بتناول غذاء مسموم و ما ستكون آثاره عليه .

ان الآيات القرآنية الدالة على ذلك كثيرة ، تضمنت معاني و ألفاظ أكدت على ذلك .

قال تعالى : (( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ )) سورة البقرة ، الآية (225) .

و قال تعالى : ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) سورة الروم ، الآية (41) .

و قال تعالى : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) سورة الأعراف ، الآية (96) .

أما الروايات ، فكذلك قد دلت على ذلك :

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : (( و اَيْمُ اَللَّهِ مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِي غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَيْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلاَّ بِذُنُوبٍ اِجْتَرَحُوهَا ... وَ لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ اَلنِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ اَلنِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسدٍ )) .

في دلالة على ان أي عمل يُعمل له ( ما وراء ) دنيوياً ، و له آثاره التي ستظهر على الشخص أو على افراد عائلته أو على المجتمع .

ان العمل وفق مقولة ( ساعة للقلب ، و ساعة للرب ) لن تجدي نفعاً ، بل هي بلاء فوق البلاء . و ان عمل الأشياء السيئة في بلاد بعيدة ظناً ان لن يراه احد ، و عمل الموبقات و الذنوب بالخفاء ، و وضع التخريجات للأعمال السيئة ظناً في تصحيحها لن يجدي نفعاً مطلقاً .

قال تعالى : ((أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى )) العلق ، الآية (14) .

ان الإنسان ليفعل ذنباً بالمشرق فيعم شره المشرق ، و ذلك لا يعارض العدالة الإلهية بعد ان اعطى الله تعالى العقل و الخيار للإنسان ، و عرفه الخير و الشر . 

قال تعالى : (( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا )) سورة الإنسان ، الآية (3) .

ان الطبيعة البشرية تعرف الخير و الشر ، لكنها تصر على فعل الشر ، و هناك من يسكت عنها من المجتمع فتعم عليهم البلوى لذلك .

و تلك الازدواجية يصورها الشيخ ( علي الشرقي ) في شعرٍ له يقول فيه :

أكثر الناس ـ هل تأملت في الناس ـ    فهم يمزجــــــــون ديناً و كفرا( )

إن أعمال الإنسان لا و لن تذهب سدى ، و ليس هناك سر أو خفاء يخفيها ، نعم قد لا يعلم بها أحد ، إلا ان انعكاساتها ستظهر إذا لم تظهر هي ، و خفائها لن يخفي آثارها ابداً .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/28



كتابة تعليق لموضوع : ما وراء الأعمال
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net