صفحة الكاتب : نزار حيدر

المرجع الأَعْلَى يَنْسِفُ نَظَرِيَّةَ [مَجْهُولُ المَالِكِ]
نزار حيدر
    في أحدثِ إِستفتاءٍ للمرجع الاعلى في النَّجف الأشرف حرَّم سماحتهُ المرتَّب الذي يتقاضاهُ الموظَّف جرّاء ايَّ نوعٍ من أَنواع التَّحايل على الدَّوام الرسمي!.
   هذا يعني؛
   أَوَّلاً؛ انَّ المال العام مُصان شرعاً وقانوناً فلا يجوز لاحدٍ التَّحايل عليهِ بأيِّ شكلٍ من الأشكال فان ذلك بمثابة السَّرقة التي لا تجوز لا شرعاً ولا قانوناً.
   ثانياً؛ انَّ الموظَّف في الدّولة تحديداً وبأيِّ درجةٍ وظيفَّةٍ عبارة عن أجير عند المواطن يتقاضى مرتَّبهُ من المال العام مُقابل جُهدٍ معيَّن متَّفقٌ عليهِ يبذلهُ في خدمة المواطن وتحقيقِ مصالحهِ، من جانبٍ وكذلك مُقابل وقتٍ زمنيٍّ مُعيَّن مُتَّفقٌ عليهِ كذلك يقضيهِ في دائرتهِ، من جانبٍ آخر، ولذلك فانَّ ايَّ نوعٍ من أَنواع التَّحايل على الوقت او على تقديم الخدمة المطلوبة مِنْهُ يطعن بشرعيّة المُرتَّب الذي يتقاضاه.
   ثالثاً؛ للدّولة شخصيّة إِعتباريَّة لا يجوزُ شرعاً التعدّي على حقوقِها، وانَّ الشَّعب، كلّ الشّعب، هو المالك الحقيقي لِهذهِ الشّخصيّة، فليس هنالك شيءٌ مجهولٌ فيما يخصّ الدّولة لا على الصّعيد المادّي ولا على الصّعيد المعنوي، ولا على صعيد الحقوق ولا على صعيد الواجبات.
   ومن الواضح فانَّ هذا النوع من الاستفتاءات تحديداً لا يعني اللّص [غير المتديِّن] فمثلُهُ بالأَساس ليس بحاجةٍ الى ان يُشرعن لصوصيَّتهُ بآيةٍ او روايةٍ للردِّ عليها بمثل هذا الاستفتاء الشّرعي، إِنّما الحديثُ هنا مع اللصّ [المتديّن] الذي يقول انّهُ يُسبغ وضوءهُ قبل ان يذهب الى الوزارة! فمثلهُ الذي يسهر اللّيل والنّهار يبحث في القرآن الكريم وفي الرِّوايات والسِّيَر ليعثرَ على صيغةٍ ما لشرعنةِ لصوصيَّتهِ وسرقتهِ وتجاوزهِ على المالِ العام! ولقد وجد كثيرون من هؤلاء في نظريّة [مجهول المالِك] ما يغطّي فسادهُم المالي الذي أزكمَ رائحتهُ النَّتنة والكريهة الأُنوف! وهي النَّظرية التي اعتبرت كل ما يتعلّق بالدَّولة مجهولٌ ضاعَ صاحبهُ!.
   فقد لجأَ هؤلاء الى (فقهائهِم) الحزبيّين ليُشرعوا لهم فسادهُم ولصوصيَّتهم بهذه النَّظرية الفاسدة التي تستند الى فكرةٍ تَقُولُ بانَّ مال الدّولة هو مجهول المالك يحقُّ للفقيهِ ان يتصرَّفَ به كيفُ يَشَاءُ! ومن ثمَّ منحَ فَقِيه الحزب تفويضاً [شرعيّاً] مفتوحاً للأعضاء ليتصرَّفوا بالمالِ العام نيابةً عَنْهُ كيف ما يشاؤون!.
   هذه النَّظرية التي تُعرقلُ كثيراً عمل [النّزاهة] إِعتمدها اللّصوص [المتديّنون] بشكلٍ واسعٍ منذ سقوط نظام الطّاغية الذّليل صدّام حسين في ٢٠٠٣ ولحدِّ كتابة هذه الأَسطر! شملت أعضاءَ كبار في أَحزابٍ دينيّةٍ حاكمةٍ بغضّ النّظر عن زيّهم وموقعهم في مؤسّسات الدّولة، بمن فيهم عمائم فاسدة كبيرة وأَفندية كثيرون وغيرهم!.
   ولذلك مازال هؤلاء يسرقونَ ويسرقونَ ويسرقونَ [بدمٍ باردٍ] وكأَنَّهم لم يفعلوا شيئاً لانّهم شرعنوا قبل ذلك سرقاتهم وفسادهم ولصوصيّتهم بفتوى فَقِيه الحزب الذي أجازَ لهم التصرُّف بالمال العام كيف يشاؤون باعتبارهِ مجهول المالك!.
   وقد يعتبرونَ أَنفسهم متفضّلونَ على الدّولة لانّهم يحمون مالها المجهول! طبعاً في جيوبهم!.
   لقد ذكرَ لي مسؤولٌ كبيرٌ في [هيئة النّزاهة] اجتمعتُ بهِ خلال زيارتي الأَخيرة الى العاصمة بغداد قوله؛ كيف للهيئةِ ان تُساهم في زُجِّ [عجلٍ سمينٍ] واحدٍ على الأَقلّ خلف القُضبان اذا كان [الجماعة] يُشرعِنون فسادههُم بفتوى [مجهول المالك]؟!.
   السّؤال الآن هُوَ؛ هل سيُساعد إِستفتاء المرجع الاعلى الجديد هذا هيئة النّزاهة على تحقيق النّجاحات والانجاز أَكثر فأَكثر؟!.
   وهل ستُساعد في زجِّ [عجلٍ سمينٍ] واحدٍ على الأَقلّ خلفَ القُضبان؟!.
   السّؤال الآخر؛ وما هو مصير المرتَّب الذي ظلَّ يتقاضاهُ كثيرون من [المتديِّنين] طوال الأعوام الـ (١٣) المنصرمة من دونِ ان يلتزموا بأَيِّ دوامٍ رسميٍّ؟! خاصَّةً النُوّاب الذين لم يلتزموا بالدّوام والحضور تحت قُبّة البرلمان حتّى دقيقةً واحدةً في دورةٍ أَو دورتَين إِنتخابيَّتَين؟!.
   سؤال أَخير؛ لو بُعث الحُسين السّبط (ع) الآن ووقف هؤلاء أمامهُ يردِّدونَ {لَيْتَنا كُنّا مَعَكَ} أَفلا يُخاطبهم بقولهِ {لقد مُلِئَت بُطُونكُم مِنَ الحَرام}؟!.
   اذا كان ذَلِكَ صحيحاً! وهو صحيحٌ بِلا شكّ! فهل نتوقّع منهم الاصلاح والتّغيير؟! أَو نستغرب منهم عدم الإصغاء الى الموعظة من أَحدٍ كائِناً مَن كان؟! فضلاً عن المرجعِ الأَعلى؟!.
   ١٣ كانون الثاني ٢٠١٧
                       لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920
   *صورة الاستفتاء

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/14



كتابة تعليق لموضوع : المرجع الأَعْلَى يَنْسِفُ نَظَرِيَّةَ [مَجْهُولُ المَالِكِ]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : عماد علي ، في 2017/01/15 .

حياك الله استاذ نزار وسلامي لك يعبر البحار
يظهر أن مسؤول النزاهة يرى شرعية فكرة مجهول المالك قبل هذا الاستفتاء؛ لذا خالف قوانين الدولة وتورع عن زج عجل سمين خلف القضبان.
مع العلم أن (مجهول المالك) القائل بها هو السيد الخوئي ومن قبله حتى الشيخ الأنصاري..
ولست أتبع مرجعا يرى أن أموال الدولة من مجهول المالك.
كما لم أأكل بحمد الله من مجهول المالك يوماً.
ولكن المشكلة أكبر من هذا ولا تحل بهذه الطريقة، والسُرّأق (الكبار) لا ينتظرون فتوى تحرم مال الدولة، بل إن هذا بمثابة الثناء عليهم وإعطاء عذر لهم، وإنما تنفع الفتوى مع السراق الصغار الذين يترددون تارة ويمضون تارة أخرى في الأخذ.
وهناك فساد أكبر وهو فساد العمولة الذي تورطت به ..... والذي لن تصدر اي فتوى ضده أبداً لأسباب مجهولة المالك.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net