الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : د . محمد الغريفي

التوحيد في الحاكمية والسياسة
د . محمد الغريفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحكم في اللغة بمعنى القضاء والفصل. وسمي القاضي حاكماً؛ لأنه يفصل النزاعات بين المتخاصمين، وكذلك سمي السلطان حاكماً؛ لأن رأيه يكون هو الفصل في شؤون الرعية.. 

وفي الاصطلاح يطلق "الحكم" على السلطة التنفيذية وعلى السلطة القضائية وعلى الجامع بينهما. 

الحكم في الاصطلاح القرآني له معنى وسيع أوسع من التشريع والتقنين، والمراد منه هنا هو الحاكمية على الإنسان ولأجل كونه واجدا لذلك المقام. وانحصار حق الحكم في الله سبحانه، طبقاً لعقيدة التوحيد في الحاكمية {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ}، وبخلافه يكون حكم الطاغوت {يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ}.

في قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}. الآية واردة في تنصيب داود للقضاء، لكن نفوذ قضائه كان ناشئا من حاكميته الواسعة التي تشمل الحكم والإمرة، بحيث كان نفوذ قضائه من لوازمها وفروعها. ولم يكن القضاء في تلك الاعصار منفصلا عن سائر شؤون الحكومة ولم يكن شأن داود منحصرا في بيان الأحكام والمعارف، بل كان يتمتع بسلطة تامة تشمل التنفيذية والقضائية، بل والتشريعية أيضا بوحي من الله سبحانه.

المراد من التوحيد في الحاكمية (انحصار حق الحاكمية في الله سبحانه)؛ إن التوحيد في الحاكمية من شؤون التوحيد في الربوبية، فإن الرب بما أنه صاحب المربوب ومالكه، وبعبارة ثانية خالقه وموجده من العدم، له حق التصرف والتسلط على النفوس والأموال وإيجاد الحدود في تصرفاته. 

واختصاص حق الحاكمية بالله سبحانه ليس بمعنى قيامه شخصيا بممارسة الإمرة والحكم، بل المراد أن من قام بالإمرة في المجتمع البشري، يجب أن يكون مأذونا من جانبه سبحانه لإدارة الأمور، والتصرف في النفوس والأموال. ولذلك نرى أنه سبحانه: يمنح لبعض حق الحكومة بين الناس، إذ يقول: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}. 

ومن أدلة التوحيد في الحاكمية ما يلي:
(1) مجموعة من الآيات تحصر الحاكمية بالله سبحانه: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.

(2) جميع الآيات التي ذكرت التوحيد في التشريع ذكرت معه التوحيد في الحكم من باب الملازمة بين التشريع والحكم كما في الآية: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ}.

التوحيد في الحاكمية له دور اساسي على السياسة يقول الإمام الخميني (قدس سره) في هذا المجال: انطلاقاً من هذا المبدأ {التوحيد} بأن تأسيس الحكومة وإتباعها والإقتداء بها، يكون موضع قبول وفي محله عندما تكون هذه الحكومة من قبل المالك لجميع شؤون الناس، وان كل تصرف له مع أفراد هذه الحكومة إنما هو تصرف بماله. وان الذي تكون ولايته صحيحة ونافذة على جميع الناس بحكم العقل إنما هو إله العالم المالك للكائنات وخالق الأرض والسماوات، وعليه فان أي تصرف يقوم به إنما هو تصرف في ملكه. وإذا فوّض الله الحكم لأحد واعتبر حكمه الذي أبلغه عن طريق الأنبياء واجب الطاعة، فانه ينبغي للناس إطاعة هذه الحكومة، ويتحتم عليهم عدم قبول أي حكم غير حكم الله أو غير الذي عيّنه الله، فضلاً عن أنه لا يوجد أي مبرر للقبول به أصلا ً.

ومن الجانب التطبيقي وجدت عبر التاريخ العديد من الحكومات الإلهية وقد ذكرتها الكتب السماوية و القرآن الكريم، منها ما يلي:

(1) ملك نبي داوود (ع): {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ}.

(2) ملك حضرة طالوت {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

(3) ملك نبي يوسف (ع): وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ {يوسف/21} . رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ {يوسف/101}.

(4) ملك نبي سليمان (ع): {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}.

(5) ملوك بني إسرائيل: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ}.

(6) امامة نبي أبراهيم (ع): َإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ {البقرة/124}.

(7) ملك حضرة ذو القرنين: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}.

(8) دولة خاتم الأنبياء والرسل (ص): {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}.

(9) التنصيب لمقام الأنبياء والأوصياء والفقهاء: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنيَحْبِهَابِهَابِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء).

وعلى ضوء ذلك فلا محيص من لزوم كون الحاكم في المجتمع الإسلامي يحضى بالأذن من قبل الله سبحانه، وإلا كانت حكومة الطاغوت والشرك. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد الغريفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/16



كتابة تعليق لموضوع : التوحيد في الحاكمية والسياسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ·ط·آ·ط¢آ¢ط·آ¢ط¢آ£ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ·ط·آ·ط¢آ¢ط·آ¢ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ·ط·آ·ط¢آ¢ط·آ¢ط¢آ®ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¸ط·آ£ط¢آ¢ط£آ¢أ¢â‚¬ع‘ط¢آ¬ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¹â€  ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¸ط·آ·ط¢آ¦ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â€‍آ¢ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¸ط·آ·ط¢آ«ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¢آ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ·ط·آ·ط¢آ¢ط·آ¢ط¢آ¯ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ·ط·آ·ط¢آ¢ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¸ط·آ£ط¢آ¢ط£آ¢أ¢â‚¬ع‘ط¢آ¬ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¹â€ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ·ط·آ·ط¢آ¹ط·آ¢ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ·ط·آ·ط¢آ¢ط·آ¢ط¢آ­ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¸ط·آ£ط¢آ¢ط£آ¢أ¢â‚¬ع‘ط¢آ¬ط·آ¹أ¢â‚¬ع©ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¸ط·آ£ط¢آ¢ط£آ¢أ¢â‚¬ع‘ط¢آ¬ط·آ¹أ¢â‚¬ع© : 9 + 6 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net