• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح383 سورة الذاريات الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح383 سورة الذاريات الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ{41}
تستمر الآية الكريمة (  وَفِي عَادٍ ) , اهلاكهم , (  إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ) , يسمي بعض المفسرين هذه الرياح بـ "الدبور" , ويختلفون على سبب تسميتها بالعقيم , فمنهم من يرى :   
1-    هي التي لا خير فيها لأنها لا تحمل الغيث ولا تلقح الشجر . "يذهب الى مثل هذا الرأي السيوطي في تفسيره الجلالين وكذلك للفيض الكاشاني  في تفسيره الصافي ج5 " . 
2-    قيل سماها عقيما لانها أهلكتهم وقطعت دابرهم . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
( عن أمير المؤمنين عليه السلام الرياح خمسة منها الريح العقيم فتعوذوا بالله من شرها . 
 عن الباقر عليه السلام إن لله عز وجل جنودا من الريح يعذب بها من عصاه ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ{42} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ ) , ما تترك شيئا مرت عليه من نفس او مال , (  إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ) , كالرماد من الرم وهو البلى والتفتت - تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني - .   

وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ{43} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَفِي ثَمُودَ ) , آية هلاكهم , (  إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ) , قالت لهم رسلهم بعد عقرهم الناقة تمتعوا في داركم الى حين انقضاء اجالكم او الى حين يأتيكم العذاب .     

فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ{44} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ) , فتكبروا عن امتثال الامر الالهي , (  فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ) , و ذلك بعد ثلاثة ايام , (  وَهُمْ يَنظُرُونَ ) , يرى بعض المفسرين ان الصاعقة أتتهم بالنهار , او ان في النص المبارك بيانا لعجزهم عند حلول العذاب عليهم , حتى انهم عجزوا من فعل اي شيء سوى النظر .     

فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ{45} 
تستكمل الآية الكريمة الموضوع (  فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ ) , ما استطاعوا النهوض حين نزول العذاب , (  وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ ) , ممتنعين من العذاب .  

وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ{46}
تضيف الآية الكريمة شيئا من خبر قوم نوح "ع" (  وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ ) , من قبل هؤلاء "عاد وثمود" , (  إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ) , خارجين عن الاستقامة مصرين على الكفر والعصيان .   

وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ{47} 
تنعطف الآية الكريمة لتبين مؤكدة (  وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ) , بالقوة والقدرة , (  وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) , يختلف المفسرون في النص المبارك , فمنهم من يرى :   
1-    قيل أي لقادرون من الوسع , يذهب الى مثل هذا الرأي جملة من المفسرين منهم السيوطي في تفسيره الجلالين وكذلك للفيض الكاشاني  في تفسيره الصافي ج5 . 
2-    لموسعون السماء بمعنى الزيادة , يذهب الى مثل هذا الرأي جملة من المفسرين منهم الفيض الكاشاني  في تفسيره الصافي ج5 .  . 
يستدل بعض المهتمين بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم على ان الآية الكريمة  اكدت او اثبتت توسع او تمدد الفضاء كما تؤكد التقارير العلمية الحديثة .  

وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ{48}
بعد ان سلطت الآية الكريمة السابقة الضوء على السماء تأتي الآية الكريمة لتسلط اضواءها على الارض (  وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا ) , مهدناها للاستقرار فيها , (  فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ) , نحن .   

وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{49} 
تضيف الآية الكريمة (  وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) , للنص المبارك محورين :
1-     محور خاص : من كل صنف من المخلوقات "الموجودات" خلقنا جنسين "مذكر ومؤنث" , وفيه دحضا لنظرية النشوء والارتقاء التي جاء بها داروين . 
2-    محور عام : وهو ما اشار اليه بعض المفسرين بقولهم :     
أ‌)    السيوطي في تفسيره : كالذكر والأنثى والسماء والأرض والشمس والقمر والسهل والجبل والصيف والشتاء والحلو والحامض والنور والظلمة . 
ب‌)    الفيض الكاشاني  في تفسيره الصافي ج5 "عن الرضا عليه السلام في خطبة : و بمضادته بين الاشياء عرف أن لا ضد له وبمقارنته بين الاشياء عرف أن لا قرين له ضاد النور بالظلمة واليبس بالبلل والخشن باللين والصرد بالحرور مؤلفا بين متعادياتها مفرقا بين متدانياتها دالة بتفريقها على مفرقها وبتأليفها على مؤلفها وذلك قوله ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ففرق بين قبل وبعد ليعلم ان لا قبل له ولا بعد " . 
(  لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) , لعلكم تتذكرون وتفكرون فتعلموا و تدركوا قدرته جل وعلا وتيقنوا ان الخالق واحد , فتؤمنوا به .   

فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ{50}
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ) , حيث لا مفر ولا مفزع منه الا اليه جل وعلا , ففروا من الكفر الى الايمان , ومن العقاب الى الثواب , او فروا من متعلقات الدنيا الفانية الى موجبات العاقبة الحسنة الخالدة , (  إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) , واضح الانذار لعذاب اعد للكفار والعاصين . 

وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ{51}
تستمر الآية الكريمة ناهية (  وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ) , ولا تتخذوا من دونه جل وعلا معبودا غيره , (  إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) , كررت لمزيد من التأكيد .   

كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ{52} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  كَذَلِكَ ) , كما هو الحال لدى الامم السابقة , (  مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ ) , كلما يأتيهم رسول او نبي , (  إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ) , الا واتهموه بالسحر او الجنون .     

أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ{53} 
تستمر الآية الكريمة (  أَتَوَاصَوْا بِهِ ) , كأن الاولين والاخرين تواصوا على تكذيب الرسل واتهامهم , فالتهم نفسها توجه الى الرسل "ع" , (  بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) , لم يتواصوا بينهم على ذلك , بل يشتركون مع السابقين في الطغيان , فالطغيان هو ذاته , لا يفرق بين طاغ وأخر , الا بالتسميات.     

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ{54} 
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" (  فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) , اعرض عن مجادلتهم , وكان ذلك بعد ان كرر النبي الكريم محمد "ص واله" عليهم الدعوة , (  فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ ) , لقد اديت رسالتك بأكمل وجه , فلا لوم عليك .    

وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ{55} 
يستمر الخطاب في الآية الكريمة (  وَذَكِّرْ ) , عظ بالقرآن , (  فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) , فأن الموعظة تنفع دخل الايمان قلبه .   
( عن علي عليه السلام لما نزلت فتول عنهم لم يبق أحد منا إلا أيقن بالهلكة فلما نزل وذكر الآية طابت أنفسنا ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" . 

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{56} 
تبين الآية الكريمة سبب خلق الجن والانس (  وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) , العبادة , وهي الغاية السامية .   
( عن الصادق عليه السلام قال خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال أيها الناس إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه فقال له رجل يابن رسول الله بأبي أنت وامي فما معرفة الله قال معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي تجب عليهم طاعته . 
وعن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال خلقهم ليأمرهم بالعبادة قيل قوله تعالى ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم قال خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
( خلقهم للأمر والنهي والتكليف وليست خلقة جبران يعبدوه ولكن خلقة اختيار ليختبرهم بالأمر والنهي ومن يطع الله ومن يعصي وفي حديث آخر هي منسوخة بقوله ولا يزالون مختلفين ) . "تفسير القمي" . 

مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ{57}
تضيف الآية الكريمة (  مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ ) , من رزق لي , (  وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ) , تبين الآية الكريمة غناه جل وعلا عن عباده وعبادتهم , فنفعها لا يعود عليه بل عليهم , وتركها لا يضره في شيء , بل ضرره عليهم .   

إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{58} 
تقرر الآية الكريمة استمرارا في موضوع سابقتها الكريمة (  إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ) , الذي يرزق الجميع , الانسان والحيوان , البر والفاجر , (  ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) , الشديد الذي لا يغلب .  

فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ{59} 
تضيف الآية الكريمة (  فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ) , يختلف المفسرون في (  ظَلَمُوا ) فمنهم من يرى :    
1-    السيوطي في تفسيره الجلالين يقول " أنفسهم بالكفر من أهل مكة وغيرهم" . 
2-    ظلموا غيرهم بصدهم عن الايمان واللحاق بركب الرسالة المحمدية . 
3-    ظلموا النبي الكريم محمد "ص واله" واهل بيته بالتكذيب بالرسالة او بما دعاهم الرسول اليه او بغصب حقهم , يذهب الى مثل هذا الرأي جملة من المفسرين مثل القمي والفيض الكاشاني وغيرهم .   
(  ذَنُوباً ) , يستحقون عليها العذاب , (  مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ) , مثل نصيب امثالهم في الامم السابقة في استحقاق العذاب , (  فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ ) , بالعذاب .    

فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ{60}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة متضمنة تهديدا للكفار (  فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا ) , فيها بيانا لشدة العذاب , (  مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) ,  في اليوم الموعود . 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=118635
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29