في باحة هذا العالم الصغير الذي أسكن فيه من خلف نافذته الصغيرة، أنظر الى ما يدور فيه من اختلاف اهواء الناس وألسنتهم، أراقب عن كثب تحركاتهم ووجوهم المملوءة بالفرح تارة، وبالضجر تارة اخرى، وكل منهم ما يشغله من امور هذه الحياة التافهة، يتصارعون فيما بينهم من أجل هدفهم، ولا يراعي بعضهم بعضا.
 السنوات تمضي، والأيام ترحل، ولم يتبق منها إلا ذكريات عالقة في اذهان من خالط وعاش في هذه الدنيا الفانية.. أتتسابقون لدنياكم، وتذرون آخرتكم.. بئس العباد انتم ماذا كنزتم لآخرتكم؟
ماذا أحرزتم لقبوركم؟
بأي خطابٍ تجيبون بارئكم؟
ماذا اتبعتم؟
لماذا غركم شيطانكم؟ لماذا ربط على قلوبكم وافئدتكم؟
افيقوا يا عباد الله من غفلتكم، واتبعوا إمامكم الذي طالما جهلتموه بأعمالكم، وتركتموه وراء ظهوركم تأملون ظهوره، وترجون صلاحه، وتطمعون برحمته.
اصلحوا انفسكم، وتراحموا فيما بينكم، لعل الله تعالى يرحمكم.. كفاكم تجريحاً، كفاكم تعذيباً، ارحموا قلب امام زمانكم، واحفظوا غيبته، وراعوا شعوره، ترونه بعيداً ويراكم قريباً، يسكن بينكم ويراقب افعالكم، ويأمل دعاءكم وذكركم له، يقف امام كل عبد منكم يخاطبكم وينصحكم وانتم صم بكم عمي "فَأَغشَينَاهُم فَهُم لاَ يُبصِرُونَ" مشغولين بفتن الدنيا وأهوائها يعجز عن استجابتكم، ويحزن لفعلكم، ويلكم ايها العباد..!
أما تخافون الله وانتم تملؤون ارضه ظلما وجورا؟
اما تخشون غضب الله وانتم تسيؤون الى خليفته؟
تدعون له بألسنتكم لا بقلوبكم.. 
ما أجرأكم على الله.. كأنكم قوم موسى يدعون الله وهم يسيئون لنبيه..!
كفاكم رياء وتصنعا.. لا يغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. افيقوا من غفلتكم، وتداركوا انفسكم، وأصلحوا اعمالكم، وادعوا بالفرج.. خير افعال الامة انتظار فرج قائمها نوروا طيات كتبكم باسمه، وعمروا قلوبكم بذكره، وادعوا بتعجيل فرجه.. لعل الله يحدث بعد ذلك خيرا.