• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أخلاقية الفتوح الإسلامية/ ح2  .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الرزاق فرج الله .

أخلاقية الفتوح الإسلامية/ ح2 

 وكما قصر الإسلام الحرب على ساحة المعركة، فأنه قصرها على المقاتلين، ولم يتعد إلى غيرهم من الناس. وإليك ما جاء في تحديد تلك المسلمات فقد روي:
ان النبي (ص) كان إذا بعث أميراً على سرية، أمره بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه ثم أصحابه عامة، ثم يقول: (اغزوا بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله ولا تغدروا، ولا تغلـّوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، ولا متبتلاً في شاهق، ولا تحرقوا النخل، ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تحرقوا زرعاً، لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه إلا ما لا بدّ لكم من أكله، وإذا لقيتم عدواً للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث، فإن أجابوكم إليها فاقبلوا منهم وكفـّوا عنهم: 
ادعوهم الى الإسلام، فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفـّوا عنهم، وادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام، فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، وإن أبوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في دار الهجرة، كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين، يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين، ولا يجري لهم في الفيء، ولا في القسمة شيء، إلا أن يهاجروا في سبيل الله، فإن أبوا عن هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون، فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا فاستعن الله عز وجل عليهم، وجاهدهم في الله حق جهاده. 
وإن حاصرت أهل حصن فأرادوك على أن ينزلوا على حكم الله عز وجل، فلا تنزل لهم، ولكن أنزلهم على حكمكم، ثم اقض فيهم بعد ما شئتم، فإنكم إن أنزلتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا. وإذا حاصرتم أهل حصن فإن آذنوك على أن تنزلهم على ذمة الله وذمة رسوله فلا تنزلهم، ولكن أنزلهم على ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم، أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله) الوسائل 15/ 59-60 وورد مثله في سنن ابن ماجة 2/953-954.
وتلوح من خلال هذه المقالة لرسول الله (ص) طبيعة التعامل الذي رسمه الإسلام مع العدو وفق المبادئ الأخلاقية والضوابط الإنسانية التي من أهمها: 
1.  ما ذكرناه من قصر الحرب على ساحة المعركة وعلى المقاتلين من أهل  الحصون فقط.
2.  دعوتهم إلى الإسلام قبل كل شيء فإن قبلوا ُدعون بعدها إلى دار الهجرة، فإن أبوا الهجرة كانوا كأعراب المؤمنين تُصان كرامتهم وحرمة دمهم ومالهم.
3.  إن أبو الإسلام والهجرة معاً، أقروا على دينهم مقابل دفع الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.
4.  إن أبو واحصروا بالحرب في حصونهم، فأرادوا النزول عند حكم الله عز وجل، فلا ينزل بهم إلا عند حكمهم خوفاً من أن لا يُصاب فيهم حكم الله تعالى. وإن طلبوا النزول على ذمة الله ورسوله فلا ينزل بهم إلا على ذمم المقاتلين وآبائهم وإخوانهم احتراماً لذمة الله ورسوله من أن تنقض وتخرق.
هذا هو مبدأ الحرب وأخلاقيتها في الإسلام التي تجمع بين مصلحة الإسلام العليا وحرمة مقدساته، وبين إنسانيته في التعامل مع العدو من خلال التدرج معه في المواقف والإجراءات. لا كما نلاحظ في عصرنا الحاضر... حتى دُعاة الإنسانية ودعاة حقوق الإنسان لم يعد عندهم قتل الإنسان الأعزل والشيخ الكبير والمرأة المرمّلة والطفل البريء أمراً مستنكراً، ولدينا دليل علمي وتطبيق يومي ثابت على ساحة فلسطين، يؤشر إلى هذه النزعة الحاقدة ضد المسلمين، ونلاحظ الصمت الدولي المطبق تجاه ما يرتكب في حق هذا الشعب ومقدساته من عمليات الإبادة والتشريد، وتهديم الدور والمساكن، وحرق وتخريب المزارع ومصادر العيش والحياة.
وفوق هذا كله - والأمرّ من ذلك - إن قوة العدو وغطرسته الموهومة، ودعم الاستعمار الأمريكي له، كمّت الأفواه العربية عن المطالبة والدعم لهذا الشعب، واصمّت الآذان عن سماع نداءات الاستغاثة، وصرخات الثكالى والأطفال، وغشت الأبصار عن النظر إلى مشاهد وفظائع المأساة، وأزكمت الأنوف عن تحسس رائحة الدم البريء الذي يُراق في أرض فلسطين.
لا شيء سوى أنه شعب يطالب بحقه الإنساني والديني واستقلاله على أرضه ومقدساته، وهو منظار دعاة حقوق الإنسان مطلب مشروع. فأين نظرية الحق الإنساني التي تدّعيها دول الغرب وهي تستعظم حقوقها وتستهين بحقوق الآخرين؟ وأين واقعهم من واقع الإسلام وتهذيبه لطريقة أخذ الحق؟




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155545
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6