• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : أم تواسي الزهراء (ع) بشهادة ابنها .
                          • الكاتب : سماهر الخزرجي .

أم تواسي الزهراء (ع) بشهادة ابنها

ذات يوم، كنت واقفة أمام مكتبة أبي، فأثار إنتباهي كتاب يوحيّ لمن ينظر إليه، بإنه قديم جدًا من خلال غلافه ولون ورقه الأصفر (حتى أني لهذه اللحظة لم اعرف عنوانه ولا مؤلفه) تناولته من المكتبة، لاني كنت عكس اقراني الأطفال شغوفة بالكتب، فأخذت أقلب صفحاته ويزيد في إنجذابي إليه اوراقه التي بدت كأنها خشبية تتكسر بين اناملي الرقيقة،

كان يتحدث في بعض صفحاته عن ثورة التوابين في الكوفة ومن جملة مانقل عنها أن أحد سكان الكوفه كان يتناول الطعام مع زوجته وطفلته فسمع نداء الثورة (يالثارات الحسين )

فنفض يده من الطعام وقام

قالت له زوجته: إلى أين يانور عيني؟

قال لها : لأخذ ثأر هذا المظلوم.

فردت عليه : ومن لي ولطفلتك هذه؟

اجابها بثقة وتوكل : لك ولها الله.

كنتُ قد أندمجت مع الكتاب بكل مشاعري واحاسيسي،

فلا أدري فتنسلُ الدموع خفية لترطب صفحات الكتاب المتهرء،

قصصت تلك الحادثة لكل من ألتقيته، ولم تغب عن بالي تلك الحادثة،

وعندما تقدمتُ في العمر تجسدت أمامي تلك الحادثة مراراً ولكن هذه المرة ليس رجل واحد نفض يده من الطعام وترك زوجته وإبنته،

بل خلق كثير!

عندما أصدر المرجع الأعلى فتوى الجهاد الكفائي، سطر شيعة علي عليه السلام، شيبة وشباب، ملاحم وقصص من إيثار وتضحية وبطولة،

على السواتر وكأن صولة رجال الفتوى مشهد من مشاهد ظهيرة عاشوراء،

لم تحتويه كتب المقاتل وتنقله لنا،

فبثه لنا الله بثاً مباشراً،

لنشاهده ونلحقه بتلك الملحمة الإلهية التي قادها أمير قافلة العشق الإلهي (الحسين بن علي عليهما السلام )

كنتُ اتسائل ما الحافز والدافع لهولاء الشباب ليتركوا إغراءات الدنيا وملذاتها،

ويشدوا الرحال إلى الآخرة،

تاركين خلفهم قلوب إلى الآن تأنّ لرحيلهم!

ما الأمر الذي جعل الشهيد عباس يَقدِم على تزوير مواليده ليستنى له المشاركة في القتال!

لماذا ترك حيدر زوجته في اليوم السابع بعد زواجهما، وهو الذي صنع المستحيل من أجل الظفر بها ليعود لها بنعش؟!

إلى الآن اتذكر كرار الذي كنا ننتظر زواجه بعد ثلاث اشهر،

عندما تعرضنا للهجوم وسط النيران والرصاص الأعمى، صحتُ فيه مازحًا: رحمك الله كرار.

فأجابني: الله كريم ولا استبعد أن يكرمني بها اليوم!

ولا أنسى علي في السنةِ الرابعة كلية قانون، عندما سألته ما الذي أتى بك إلى هنا؟

قال : عسى الله أن يُطعمني الشهادة.

أستغربت من جوابه، لاني لأول مرة أسمع شخص يقول( يُطعمني) بدل ان يرزقني وقد أطعمه الله الشهادة فعلاً.

وأما مشهد المغتسل عندما آتينا بالقائد محمد شهيد، ذلك المشهد الذي جسدته والدته، عندما ألقت قبلة على جبينه وهي تقول( عفيه محمد عفيه ابني الحيد مافشلتني هسه أكدر اواسي الزهرة وزينب) إلى الآن تفيض عيوني بالدمع كلما تذكرته ما الذي دفع ام محمد لتنثر الشكولاتة وتزغرد طوال تشييع ولدها محمد!!

ما الذي دفع هولاء لفعل ذلك؟ لايوجد جواب غير إن إستنصار الحسين (عليه السلام )في اليوم العاشر ألا من ناصر ينصرنا ألا من داب يدبُ عن حرم رسول الله،

ما زال صداه يرّنُ في ضمير محبيه، و هو من جاء بابناء الحشد، وجعل بعضهم يستدين أجرة الباص ليعانق منيته!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=165624
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6