• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مشروعية القرعة في الإسلام .
                          • الكاتب : سماهر الخزرجي .

مشروعية القرعة في الإسلام

  لم تترك الشريعة السمحاء مفصلاً من مفاصل الحياة، إلا وتركت بصمتها فيه، فشرعت وقننت تلك القوانين لتنسجم وحياة الانسان، فلا تبقى للناس على الله من حجة. 

فما لم يبيّنه القرآن تكفلت السنة النبوية بتفصيله وتوضيحه، ومن بعدها سيرة الأئمة من فعل وقول وتقرير، فبعض الموضوعات تكون مورد حيرة وتردد في موضوع مسألة ما، أو موضع تنازع بين طرفين كل منهم يدعي بأحقيته، ويطلب ذلك الحق، أو ما يقع التردد والحيرة في حكم ما (الشبهة المحصورة)، فمن هنا شرعت القرعة وكانت حجة وسبباً لإصابة الواقع.
 القرعة في اللغة: السهم والنصيب، وفي عُرف الفقهاء والعرف العام الاحتيال في تعيين المطلوب لدى الشبهة والابهام بكتابة ونحوها، فللقاعدة موضوع ومحمول، موضوعها ما عينه الاحتيال ومحمولها ترتيب آثار الواقع عليه، أو موضوعها الاحتيال ومحمولها إعطاء الطريقة له، وجعله كالعلم تعبداً وتنزيلاً، والأول مبني على كونها أصلاً، والثاني على كونها امارة، فتشمل القاعدة موارد الاشتباه في الظاهر مع وجود واقع محفوظ، وموارد الابهام وعدم التعين في الواقع ونفس الأمر(1).
فالقرعة هي واحدة من القواعد الفقهية المشهورة، وأدلتها: الكتاب والسنة والاجماع والعقل.
فأما الكتاب، قال تعالى: «وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرسَلِينَ {139} إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ {140} فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ {141}»(2).
 وذلك في القصة المشهورة للنبي يونس (عليه السلام).
والآية: «ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ»(٣) التي تتحدث عن مريم (عليها السلام)، وتنازع القوم في كفالتها، فاقترعوا فكانت كفالتها من نصيب نبي الله زكريا (عليه السلام).
وأما السنة: فقد روي عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، وعن غيره من آبائه وأبنائه من قولهم: «كلّ مجهول ففيه القرعة» قلت له: إنّ القرعة تخطأ وتصيب، فقال: «كلّ ما حكم الله فليس بمخطئ» وظاهر الراوية يدل على أن من اصابته القرعة كانت جراء حكم الله فيجب التفويض أولاً ثم التسليم لها بعد ذلك.
وهناك روايات تجاوزت حد الاستفاضة أعرضنا عنها اختصاراً.
وكذلك فقد أجمع الخاصة والعامة على مشروعية القرعة، سواء كانت السيرة العقلائية أو السيرة المتشرعية، وكذلك التسالم.
أما عقلاً: فلولا مورد القرعة لما فضت نزاعات الناس وظلت كثير من الأمور عالقة، فالقرعة لها موارد كثيرة، مع ذلك لا تجري إلا مع شروط معينة.
________
(1) سورة آل عمران
(2) سورة الصافات
(3) اصطلاحات الأصول: ص202.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=169907
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6