• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : حوار مع مالك الاشتر .
                          • الكاتب : رزنة صالح .

حوار مع مالك الاشتر

 احتضنت مياه النيل صحراء اليمن، غدا الكون وريدا لجريان دماء الشهادة، وضع عرش بلقيس أنامله على خصلات شعر مصر حتى يمشطها بأريج من الذكريات، هب قميص الرياح المطرز بالتراب برائحة عذبة، غدا الكون صرحا من حُب مُضيء. 
تزاحمت الخطوات لتحتضن قدميه، أقبل وهو يحمل بين كتفيه أمانة،  
ليزيح الرمال أشواك العابرين من طريقة 
- وتتساءل المدينة من هذا؟ 
- يُقال بأنهُ مالك! 
- من مالك يبدو عليه معالم الهيبة والإيمان. 
- مُلقب بالأشتر! 
اقتربت الرمال منهُ أكثر حتى رأت علامة سيف قد شطرت عينه! 
- إذاً لهذا الإصابة سمي الأشتر! 
- بين يديه رسالة مُعطرة بترياق من عبق النبوة، مُجدلة بالبلاغة والإنسانية! 
ابتسمت المدينة لصوت غرد من فوق بحر مصر، وقالت 
-إنهُ مُرسل من علي ابن أبي طالب "ع" وهذه الرسالة وصيتهُ لأهل مصر. 
 
قطع الحوار صوت اليمن، 
- تأتي لتزور مصر. 
وتقول: هل هُنا دُفن ابني يا مصر! 
- هُنا دُفن الجسد أما الروح فصعدت إلى السماء. 
- حين غادرني كان اليقين يقبع في قلبهِ بأنهُ سيكون سيف من سيوف الله. 
- وهكذا قال عنهُ علي "ع" (أطيعوا مالك فأنهُ سيف من سيوف الله) 
صمتت اليمن لبرهة وتاهت عينيها في النهر الواسع: 
- لم أكن أعلم بأن العسل قد يكون سُمًا إلا حين مات منهُ مالك. 
- خرج من أحشائكِ يا يمن، لينام في أحشائي، ربطنا الأشتر. 
- حين خسر عينهُ في حرب اليرموك، تشرف بأنهُ أصبح مُلقب في سبيل الدين. 
- ولكن يا يمن هل شاهد النبي؟ 
- لا ولكنهُ شاهد عصره وجاهد تحت رايته، واتبع وصيته في الوقوف مع باب العلم، وأصبح يد علي اليمنى وأحبهُ حبًا شديدًا. 
- هُنا شهدت ذلك الحب بين نبضاته، شممت رائحة أريج حبهِ وإخلاصهِ حتى ظننت بأنهُ خُلق لحبه. 
همست اليمن لمصر  
- هل لي بأن أتشرف بزيارة قبرة؟ 
- وهل تسأل الأم هذا السؤال؟ 
قبلت اليمن قبر مالك وقالت 
- هُنا يبات المجد، ليعلن لتاريخ بأن المرء يصبح رسالة سامية ودين قويم حين يتمسك بوصية نبيه. 
غادرت اليمن لتترك قبر الأشتر وتذكر العالم بأنهُ 
قد اتبع وصدق وما تزحزح عن رسالته حتى شهدت له الشهادة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=199172
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 01 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5