• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : العياذ برمضان لمحق الذنوب .
                          • الكاتب : حوراء بطيخ .

العياذ برمضان لمحق الذنوب

      لقد خلق الله جل جلاله للانسان يومًا غاية في الترتيب والدقة، حركة النهار مع بزوغ الشمس، والسعي وراء المستقبل، والأولاد والأموال والأهداف، وبعدها سكون الليل حيث يضع هذا الانسان المسافر في رحلة الحياة رحاله، يغترف ساعات من الراحة يستقوي فيها على تعب نهار جديد، 
، كذلك الانسان يستعيذ برمضان بأجوائه وأوقاته وساعاته ودقائقه ليحط رحال الذنوب والخطايا بعد سنة كاملة من التعب والجهد والانغماس في ملذات الدنيا.

في محطة الاستراحة هذه يرجو الانسان أن يمحق الله ذنوبه، أي يرجو امحائها تدريجياً كما في قول الإمام السجاد (عليه السلام): "وامحق ذنوبنا مع انمحاق هلاله".
والمحق هو الإبطال والإمحاء، يقول السيد احمد الصافي هنالك تدرج في ارتكاب الذنب بين أن لا أنوي ارتكاب الذنب أصلاً، ولا يأتي في بالي أن أكذب أو أن أسرق أو أن أستعمل جوارحي في غير طاعة الله، هذا أوّلاً.
وتارة أنوي أن أفعل ولكنني لم أفعل، وثالثاً أفعل وأندم من ساعتي، ورابعاً أفعل وأندم بعد حين. أنا أتكلّم عن هذه الحالات وهي الحالات الصحية، لكن هذه الحالات الصحية فيها تفاوت، فالأول هو الأفضل ويأتي بعده الثاني ثم الثالث والرابع.

أمّا الذي يرتكب الذنب ولا يتوب فهذا ليس له من حظه إلا السوء.

بين هذه التدرجات يهلك الذنب الانسان ليرجو الله أن يمحق ذنوبه مع انمحاق شهر رمضان، يعني بالتأكيد الانسان في رمضان يأتي محملًا بالمهلكات لنفسه، ويومًا بعد يوم ومع كل دقيقة صبر على تعب الصيام ومع كل دمعة ندم وكلمة دعاء ورجاء تتساقط تلك الذنوب تباعًا حتى تنسلخ عنا كما يُكمل لنا الإمام السجاد في دعائه: "واسلخ عنّا تبعاتنا مع انسلاخ أيامه".

الانسلاخ عملية تدريجية وهناك التفاتة لطيفة أن عملية التوبة والتخلص من الخطايا هي عملية تدريجية لا بين ليلة وضحاها، لأن الانسان يكون عبارة عن بؤرة من الخطايا كأن يكذب ويغضب ويغتاب، فبالتأكيد التخلص منها يكون تباعًا، إضافة إلى أن كل ذنب يترك أثرًا يترك مرضًا. ومثلما يقول أجدادنا: "العجينة التي لا تلزق تترك أثرًا". صحيح أن عجينة الذنب سقطت، لكن بقي الأثر.
لذا الإمام يذكر هذه العبارة: "وأسلخ عنا تبعاتنا مع انسلاخ أيامه".
كلما مر يوم ينسلخ منا شيء حتى نصل إلى أواخر شهر رمضان ومع ليالي القدر نحصل على مرادنا كما يذكرها الإمام لنا: "حتى ينقضي عنا وقد صفيتنا فيه من الخطيئات، وأخلصتنا فيه من السيئات".

التصفية بمعنى الغربال، نستخرج كل الأمور المهلكة الدخيلة علينا، نصفى وننقى، وهذا هو الفوز العظيم من شهر رمضان.
والحسرة كل الحسرة على أن يمر شهر رمضان بأيامه وساعاته وبركاته، والملائكة تفتح أجنحتها لتحتضن توبة التائبين، تهرع بها إلى الرحمن، يكون الانسان غارقًا في سطوح الأمور.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=200474
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 02 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 1