
حين قررت مجلة صدى الروضتين التابعة لقسم الإعلام في العتبة العباسية المقدسة أن تقيم أصبوحة للكاتب والإعلامي صاحب الخبرة المتنوعة في عالم الإبداع بين الصحافة والأدب والكتابة المسرحية، المبدع (عدي المختار) راودني سؤال: -من أي منهج سينهل المختار أصبوحته؟
القضية لا تعني المديح، بل تعني خبرة إدارة محاضرة، كان هاجسه الأول للبحث عن الأسلوب الخاص للكاتب، والسعي للتحول من الكتابة النمطية إلى الكتابة المتطورة، واختيار النمط الفني التقني للتعبير عن مقاصده وأفكاره ومشاعره بشكل مؤثر، والتعامل مع بعض الرؤى المعروضة في عالم الصحافة والثقافة، مثل مفهوم الخبرة، مصطلح عام يختزل مفهوم المعرفة أو المهارة بأسلوب فطري عميق، ولا ترتبط الخبرة بمفهوم العمر، بل بذكاء الكاتب، بالالتزام ، بالعزيمة والإصرار، بمعنى أقرب إلى الروحي، لا يريدنا على هامش الكتابة، بل للعمل الجاد لاستثمار هذه الخبرة للوصول إلى المسعى الإجرائي، بمعنى أن نكسب من خلال المعرفة الإجرائية التي يصفها أهل النقد (معرفة تجريبية) يحتاج الإعلامي إلى يقظة شعورية للعمل، إلى حراك مدرك، وهمة تبعد عنه الكسل، لكي يكون مبدعا فاعلا، وهذا الأمر يحتاج إلى إدامة البناء النفسي للكاتب، إلى المتابعة الدؤوبة من أجل التعلم.
هناك سؤال مهم، كيف يكون الكاتب والأديب والإعلامي مؤثرا؟
علينا قبل الجواب أن نذهب إلى قاعدة تكوين الأسلوب، الأسلوب لا يشكل هكذا فجأة بل يبنى ويتطور عبر التجربة الكتابية، مشاعر وروح وأحاسيس، ومجموعة عواطف لا يمكن أن يصبح الأسلوب مؤثرا بالناس دون أن يتأثر هو بالتجارب التي سبقته.
وجواب السؤال عندما يمتلك الروحية المنفتحة على الناس، الوعي الاجتماعي لمعرفة دوره الإنساني، بعض الأساليب الكتابية تعد هوية لكتابها، يعرف الكاتب من أسلوبه دون تدوين الاسم، وارقى الأساليب هي التي تصبح هويات معرفية.
الكاتب عدي المختار يطلق على هذه الفعالية (تسويق الذات) أي أن النص يحمل روحية كاتبه ومعناه، ويعرفنا بمفهوم البناء، قد يؤخذ معنى سكون التجربة في عالم متطور متنامٍ، في كل أمر.
هناك شيء جديد، هذه العملية المتطورة تعرفنا بمفهوم البناء المتحرك المتنامي المتطور مع الحدث مع التخصص، والتخصص يعني الإلمام المعرفي الإنساني الذي يصل إلى الناس بخصائص ومضامين في مجالات متنوعة.
إعداد الشكل المناسب، يرى أغلب ما يصدر تحت عنوان الوثائقي اليوم لا علاقة له بالوثائقي، على الكاتب أن لا يبقى رهين الجانب الوظيفي، الإصدار الورقي، بل التحرك في عالم المواقع الإلكترونية لبناء اسم وتجربة وعلاقات واطلاع ومعرفة الأساليب الجاذبة للمتلقي، بدءا من المتعاليات النصية، العنوان/ الاستهلال/ المدخل، أهم منجز يقدمه الكاتب لنفسه قبل الناس هو احترام عقلية المتلقي ليحترمه المتلقي، وبالمقابل سيشغف بما يكتب، لهذا يشمل التخصص في الإعلام المضمون وشكل الخطاب والتنوع، أي توزيع تلك المضامين إلى مواد متنوعة كمواد الدراما والرياضة والسياسة والاقتصاد، ولا بد من اجتياز التأثير العام للصحافة الصفراء، والصحافة الصفراء هي صحافة غير مهنية تهدف إلى إثارة الراي العام لزيادة عدد المبيعات، وإشاعة الفضائح المستخدمة والمبالغة والمثيرة، لجذب القراء وزيادة تشويش إعلامي وإشاعات، مثل هذه الصحافة مرغوبة عند الكثير من الناس، هذا يعني لا بد من سعي مثابر وتوازن إعلامي.
الصحافة الصفراء لم تعد كما كانت تمتلك مقدرة إقناع الناس، لهذا لا بد من بناء العلاقة مع الناس بمصداقية تتخطى الحواجز، وإعطاء أهمية للتفاصيل، التفاصيل أهم من الموضوع.
الإعلام الملتزم يحتاج إلى متابعة ومعرفة مناهل الخبر.
نجد أن جهدا إعلاميا من العتبة العباسية (ملتقى القمر) يتحرك حول بعض المناطق التي تأثر شبابها باللا ديني ،وتمرد على تعاليم البيت والأهل والعشيرة، وانفلتت الموازين، أخذت العتبة العباسية المقدسة دورا مهما، فنجد تواجد الملتقى ومكاتب المرجعية المباركة أثروا في الشباب، ورغبوا لهم حب الدين والفكر وروح الثقافة الإنسانية، وقد نجحت المساعي وتابعت العمل الإعلامي في العديد من المناطق الأخرى.
مهمة الإعلام الملتزم اليوم فهم وتقصي عمل الفعل الإنساني، ومعالجة بعض الظواهر الخطيرة التي تظهر في المجتمع، تهدد سلامة الإنسان والمجتمع، مثل ظاهرة انتشار المخدرات، موقف الإعلام من هذه الظاهرة إشاعة المعرفة، وتعظيم دور مكافحة المخدرات، والإعلام إذا تكامل فهو قادر على تشكيل المواقف الإيجابية والقيم المؤثرة على المدركات الناس، والتأثير في أفراد المجتمع، وفي قيمه وآرائه واتجاهاته، ويساهم بالتغيير الاجتماعي للمجتمع.
نعود إلى أساس المحاضرة والبحث الذي قدمه الأستاذ عدي المختار بأهمية التخلي والابتعاد عن النمطية والبحث عن الجديد الفاعل والمؤثر، والإسهام في تمام القضايا الإيجابية، مثل الحجاب في سن التكليف، استخدام أكثر من شكل ثقافي إعلامي للدخول إلى عوالم الطفل المؤثرة، الإعلام بجوهره وبوسائله المتطورة أصبح يمتلك أقوى أدوات العصر للحفاظ على الثقافة نفسها، الإعلام أصبح قادرا على حمل جميع المضامين الثقافية والإنسانية، ونشرها بين قطاعات الجمهور، والنفاذ إلى وجدانهم وعقولهم.
|