• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح43 سورة آل عمران .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح43 سورة آل عمران

 
بسم الله الرحمن الرحيم 
 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{102}
تخاطب الاية الكريمة عامة المسلمين , وتأمرهم بأمرين : 
1- (  ْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) . 
2- (  وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) .      
الملفت للنظر , انها اختتمت بـ ( وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) , لا يوجد  مسلم  معصوم , الا من عصم الله تعالى , ولابد ان يكون المسلم قد اكتسب جملة من الذنوب , التي يستحق العقاب عليها , فتكون الاية الكريمة في مورد تحفيز المسلمين على ان لا يموتوا الا وهم متمسكون بحبل الاسلام ! .  
 
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{103}
يستمر الخطاب الرباني في هذه الاية الكريمة , وذكر فيه جملة من الامور المهمة : 
1- (  وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً ) : يؤكد النص الكريم على ضرورة وحدة المسلمين , مهما اختلفت ألوانهم , او السنتهم , او حتى مذاهبهم ومسالكهم . 
2- (  وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) : الاسلام دين ينبذ التفرقة ( الفرقة ) . 
3- أ) (  وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ ) : حيث كان العرب في مجابهات قتالية مستمرة , وكان من ابرزها اقتتال الاوس والخزرج , فتذكرهم النص الكريم بنعمة التأليف بين القلوب , تحت سقف الاسلام . 
4- (  وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ) : كان عرب الجاهلية يعبدون الاصنام , ولم يكن يفصلهم عن جهنم الا الموت , فأنقذهم الله عز وجل بـ( الاسلام ) , وانتشلهم من ذلك الحال .           
الملفت للنظر في الاية الكريمة ( حبل الله ) , هناك عدة اراء عن ماهية حبل الله , نذكر منها : 
1- حبل الله أي دينه عز وجل ( الاسلام ) . 
2- القرآن الكريم . 
3- يحتمل ان يكون ( حبل الله ) النبي الكريم محمد (ص واله)  في زمانه , ومن بعده عباد صالحين , يسيرون بنهجه (ص واله) , ولا يحيدون عنه طرفة عين , صالحا بعد صالح , الى ما شاء الله تعالى ! .  
 
وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{104}
الخطاب الالهي لا زال مستمرا , ويوجب في هذه الاية الكريمة عدة نقاط : 
1- (  وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ) . 
2- (  وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) .
3- (  وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) .           
الملفت للنظر , اختتام الاية الكريمة بـ (  وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) , لا غرابة في ذلك , فأن الدعوة الى الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر , من مستلزمات الفلاح الأكيدة ! . 
     
وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{105}
يستمر الخطاب الرباني محذرا المسلمين من التفرقة والاختلاف , لكن هناك نوعان من التفرقة والاختلاف : 
1- اختلاف ايجابي : بالتأكيد الاية الكريمة لا تقصد هذا النوع من الاختلاف , وهو يشتمل على عدة جوانب : 
أ‌) الاختلاف في اللغة . 
ب‌) الاختلاف في لون البشرة . 
ت‌) اختلاف المستوى العلمي او الثقافي . 
ث‌) اختلاف الجنس . 
ج‌) اختلاف العمر .
ح‌) اختلاف الموقع الجغرافي . 
خ‌) ....... الخ, وجميعها تنصب في الحديث الشريف ( اختلاف امتي رحمة ) ( سمعت هذا الحديث الشريف من بعض المشايخ , ولم اطلع على المصدر ) , حيث لا يكون هذا النوع من الاختلاف سببا في تفرقة المسلمين . 
2- اختلاف سلبي : من المحتمل جدا , ان يكون هذا النوع هو ما قصدته الاية الكريمة , وله عدة اشكال : 
أ‌) التعصب لمذهب او مسلك معين , والمغالاة فيه , حتى يرى ان مذهبه على حق , و باقي المذاهب الاسلامية على باطل ! . 
ب‌) الغلو الباطل في الاشخاص او الافراد او الرموز .   
ت‌) التمسك او التفرد بالرأي الواحد , مما لا يترك مجالا للرأي الاخر .     
 
الملفت للنظر , ان الاية الكريمة تهدد وتنذر المتسببين بأختلاف وتفرقة الامة الاسلامية بــ (  وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .    
 
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ{106} وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{107}
تذكر الايتين الكريمتين نوعين من الوجوه : 
1- وجوه بيضاء : فئة المؤمنين , الذين صمدوا امام كل التيارات المضادة والمعادية لدين الله عز وجل , فقبضوا على دينهم , كالذي يقبض على جمر . 
2- وجوه سوداء : كل من جرفته التيارات , بأي صورة كانت .  
 
تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ{108}
تنعطف الاية الكريمة لمخاطبة النبي الكريم محمد (ص واله) , بعد ان كانت الايات السابقة توجه الخطاب لعامة المؤمنين , وتبين امرين : 
1- (  تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ) : كل ما كان الله عز وجل مصدره , فهو حق لا شائبة فيه . 
2- (  وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ ) : يشير النص الكريم الى ان الله جل وعلا لا يريد الا العدل والخير للانس والجن , حيث ان كافة العبادات التي لا يقصد بها الله جل وعلا , تحتوي على الكثير من الظلم والاجحاف بحق معتنقيها ! .     
 
وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ{109}
تبين الاية الكريمة وتثبت ان كل ما في السموات والارض ملكا لله تعالى , وتتيح المجال مفتوحا للمتأمل , ان يتأمل ذلك , فيرى جسده وروحه ملكا لله تعالى , فما بقى لك ايها الانسان ؟ ! , سوى العمل , ان كان خيرا فخير , وان كان شرا فشر ! . 
 
 
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ{110}
تخاطب الاية الكريمة الامة الاسلامية , وتبين لهم انهم ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) , والسبب في ذلك : 
1- (  تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) . 
2- (  وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) . 
3- (  وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ) .  
   
الملاحظ في الاية الكريمة , انها ذكرت اهل الكتاب بنوع من النصيحة (  وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً ) , وبينت ان (  مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ) , حيث يدل حرف الجر ( من ) على التبعيض , دلالة على ان المؤمنين فيهم قليل , لكن الاعم الاغلب (   وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ) ! .    



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20621
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29