• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : فن الكتابة في مجلس مكتبة الجوادين بالكاظمية .

فن الكتابة في مجلس مكتبة الجوادين بالكاظمية

أبان موفد دائرة المعارف الحسينية الى العراق الباحث العراقي المغترب الدكتور نضير الخزرجي أهمية الكتابة والقراءة في رشاد الإنسان وسعادة البشرية وتطور المدنيات والحضارات الإنسانية.

جاء ذلك في الندوة الثقافية التي عقدها مجلس مكتبة الجوادين الثقافية العام في العتبة الكاظمية المشرفة في السادس من أيلول سبتمبر 2012م وبالتنسيق مع المركز الحسيني للدراسات بلندن وأدارها أمين عامة مكتبة الجوادين الشيخ عماد الكاظمي، وحضرها لفيف من أعلام وأدباء وعلماء مدينة الكاظمية وعدد من وسائل الإعلام.

وركز الدكتور الخزرجي في حديثه في الندوة التي عقدت تحت شعار "موسوعة سبط سيد البرية في مدينة الكاظم والجواد الأبية" على أهمية التعليم والكتابة في الصغر وتقييد العلم بالكتابة، وهو في سياق الحديث عن باب معجم المصنفات من دائرة المعارف الحسينية للفقيه المحقق الدكتور محمد صادق الكرباسي التي بلغ المطبوع منها 77 مجلداً من مجموع أكثر من سبعمائة مجلد في ستين بابا من أبواب المعرفة.

وأشار المتحدث إلى تاريخ نشأة الخط والتصنيف والكتابة، مؤكداً استناداً إلى ما جاء به الكرباسي في مقدمة معجم المصنفات الحسينية أنّ الكتابة بدأت مع أب البشرية آدم عليه السلام كما أن النبي إدريس عليه السلام هو أول من استعمل القلم، فيما حصل التصنيف في عهد النبي نوح عليه السلام، وفي العالم الغربي فإن الخبراء يذهبون إلى أن ارسطو هو أول من صنف الكتب، أما في العالم الإسلامي فإن الكرباسي يرى أن جابر بن حيان الكوفي الأزدي المتوفى سنة 197هـ هو أول من صنف الكتب العلمية.

ولفت المتحدث إنتباه الآباء إلى تحمل واجباتهم في تعليم الأبناء بوصف العلم مسؤولية وكرامة، فهي مسؤولية لأن "طلب العلم فريضة على كل مسلم" كما في الحديث النبوي الشريف، وفي الحكمة المشهورة: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد"، كما أنها كرامة من حيث قول الإمام علي في وصيته للآباء: (أكرموا أولادكم بالكتابة فإن الكتابة من أهم الأمور وأعظم السرور)، وحيث على الأب أن يحسن تسمية ابنه ويختار له أمًّا صالحة، فتقع المسؤولية عليه بأن يحسن تربيته وتعليمه، لأن التربية السليمة وحث الصغير على القراءة والكتابة من شأنهما أن تنتج مفكرين وكتاباً وأدباء وشعراء وقادة صالحين.

وذهب الخزرجي وهو في معرض الحديث عن باب التصنيف والمصنفات، الى بيان تاريخ نشوء المكتبات العامة والخاصة، بوصفها واجهة لثقافة الأمة ودرجات رقيّها، فكلما تعددت المكتبات العامة كشفت عن حقيقة المجتمع وتوجهاته، معبراً عن أسفه لأن بعض قادة العرب والإسلام لم يقدروا قيمة المكتبات مثلما حصل في فتح العراق في العهد الاسلامي الأول عندما تم تدمير مكتبة المدائن بحجة تعارض ما فيها من مصنفات مع تعاليم الإسلام، أو تدمير مكتبة الأزهر برمتها عندما أسقط الأيوبيون العهد الفاطمي في القاهرة حتى أن جلود الكتب جعلوها نعالاً وأحذية لعبيدهم وإمائهم، وبها أوقدوا حمامات القاهرة، واستمروا على ذلك نحو عشر سنوات، مما يدل على عظم هذه المكتبة التي كانت تضم في ذلك الوقت أكثر من ستمائة ألف كتاب ومصنف، وجرى الحال مع النظام العراقي البائد الذي عمد إلى محاكمة الإنسان العراقي بجريرة امتلاكه لكتاب ديني أو سياسي، وذهب إلى حظر الكتب وجمعها من المكتبات العامة وحرقها، كما أن أصحاب المكتبات الخاصة ولتلافي الإعتقال دفنوا مكتباتهم أو أحرقوها، ولذلك كما أكد الخزرجي، أن العراق بالإضافة الى النفط يضم في باطنه مقابر جماعية للإنسان والكتاب والسلاح.

 ودعا موفد الموسوعة الحسينية في سياق الحديث عن تعليم الصغار الى فتح المكتبات العامة في كل حي ومنطقة من المدينة، وعدم الاقتصار على المكتبات المركزية القليلة، كما دعا أصحاب المكتبات العامة الى عدم اقتصار روادها على الأدباء والكتاب، وإنما فتح أجنحة خاصة للأطفال وحديثي السن، وتشجيعهم على ارتياد المكتبات من خلال عمل دورات تشجيعية للقراءة والكتابة، وكذلك تشجيع طلاب المدارس الإبتدائية على كتابة القصة القصيرة والخاطرة، وإجراء المسابقات لهم ونشر نتاجاتهم في كتاب مستقل وتوزيعه وبيعه في الأسواق، لأن من شأن ذلك في قابل الأعوام أن يخلق أدباء ومفكرين وكتابا وقادة.

ونوّه المتحدث إلى أن الدكتور الكرباسي اعتمد باب المصنفات الحسينية في سبيل توثيق الكتاب الحسيني وتحصينه من الضياع، هذا من جانب، ومن جانب آخر، إحياء مؤلفه وبيان سيرته، لأن الكتاب الذي يزول من ذاكرة التأليف يزول معه اسم مؤلفه، وهذا الضياع يعتبر نكسة في عالم الكتابة والتصنيف، وقلة حظ للأمة التي يضيع عندها أصحاب القلم، كون الأمم الحيّة تنمو بأصحاب القلم ورواد العلم.

وفي ختام حديثه تناول الدكتور نضير الخزرجي جوانب من جهود المحقق الشيخ الدكتور محمد صادق الكرباسي في التأليف في مجالات غير الموسوعة الحسينية، كما في الشريعة والتفسير والأدب واللغة والعروض والأوزان الشعرية والجغرافية والتاريخ، معتبراً أن العلامة الكرباسي الذي تمكن بمفرده أن يكتب موسوعة في الإمام الحسين(ع) يمثل أسوة للحواضر العلمية التي ينبغي لعلمائها أن يكتبوا الموسوعات في النبي محمد(ص) وأهل بيته الكرام، وحيث أن الندوة منعقدة في العتبة الكاظمية المشرفة التي تضم الإمامين الهمامين موسى بن جعفر الكاظم ومحمد بن علي الجواد عليهم السلام، فحري بأعلام مدينة الكاظمية أن يتباروا الى تأسيس موسوعتين على غرار الموسوعة الحسينية أو بأوسع منها.

الأديب والمؤرخ العراقي البروفسور حميد مجيد هدو عميد كلية صدر العراق الجامعة في مدينة الكاظمية تناول في كلمة قصيرة جوانب من سيرة المؤلف منذ صغره حتى هجرته من مسقط رأسه كربلاء المقدسة، كما سلط وبالأرقام الضوء على زوايا من دائرة المعارف الحسينية، فهناك أكثر 21 ألف مصنف عن الإمام الحسين أحصاهم الشيخ الكرباسي، فضلا عن 30 ألف مقالة ودراسة، وأكثر من 3500 شاعر نظموا في الإمام الحسين(ع) منهم  2500 شاعر عربي، وأكثر من 900 شاعر شعبي، ونحو 35 ألف حسينية و30 ألف مأتم وهيئة ومجلس حسيني في أنحاء العالم، وغيرها من الأرقام المذهلة المتضمنة في دائرة المعارف الحسينية المتكونة من نحو مائة مليون كلمة.

وكانت الندوة الثقافية الحوارية التي تعد الثامنة والأربعين التي يعقدها مجلس مكتبة الجوادين العامة الثقافي قد بدأت بآي من الذكر الحكيم تلاها المقرئ الأستاذ عبد الكريم قاسم، ثم كلمة البدء للشيخ عماد الكاظمي وقصيدة بحق مدينة الكاظمية وما تضم من مرقد الكاظمين وأهلها الكرام بعنوان "كاظمية الجوادين" من إنشاء الشاعر الجزائري الدكتور عبد العزيز شبين، قرأها الأديب العراقي الدكتور حسين أبو سعود، جاء في مستهلها:

بِكاظِمَةٍ ذَكَرْتُ الكاظِمينَا ... وَناجَيْتُ الهُداةَ المُكْرَمِينَا

وَعانَقْتُ السَّماحَةَ في عُلاها ... وَنادَيْتُ الكِرامَ مُحَجَّلِينَا

ثم يضيف ذاكرا مكتبة الجوادين ومنشئها:

أرى هِبَةً يَشِعُّ سِراجَ طَوْدٍ ... بِهِ أحْيَا الوَرَى دُنْيا وَدِينَا

مَعاني الأَحْرُفِ الخَضْرا تَجَلَّتْ ... بِمَكْتَبَةٍ بَناها الكَاتِبُونَا

وينقل الدكتور شبين في خاتمة القصيدة على لسان مؤلف الموسوعة تحياته الى مدينة الكاظمية:

هَفَا مِنْ لَوْحِ كَرْباسٍ شُعُورٌ ... إِلَيْكُمْ يَبْعَثُ السَّلَمَ المُبينَا

كما قدم الأستاذ محمد اياد الشهرستاني مدير مكتبة الجوادين العامة درع الإبداع للدكتور نضير الخزرجي مهداة الى المركز الحسيني للدراسات بلندن الذي تصدر عنه أجزاء دائرة المعارف الحسينية، كما أجرى الإعلامي سمير الخزعلي مراسل إذاعة الجوادين حوارا إذاعيا مع الخزرجي تناول بالأرقام نشاط الدكتور الكرباسي في تأليف الموسوعة الحسينية والنتاجات العلمية الأخرى فضلا عن النشاطات الثقافية والإجتماعية والدينية المتنوعة، وعلى صعيد متصل أجرى الإعلامي علي السوداني مراسل قناة كربلاء الفضائية في بغداد العاصمة حواراً قصيرا مع الباحث الخزرجي تناول فيه الدور الكبير الذي لعبه الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) في توجيه أصحابه نحو التخصص في الدراسة والتدريس وتصنيف العلوم، معتبراً أنَّ الإمام الصادق(ع) من أول الدعاة الى التخصص في العلوم.

والمفيد ذكره أن مكتبة الجوادين الثقافية في العتبة الكاظمية المشرفة أنشأها سنة 1941م العالم الجليل السيد هبة الدين محمد علي الشهرستاني المتوفى سنة 1967م والمدفون في مكتبته العامرة، وقد ترجمها العلامة الكرباسي في باب معجم المصنفات الحسينية. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=21649
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 7