بسم الله الرحمن الرحيم
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{101}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة مواقف :
1- ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) : مبدعهما من غير سابق مثال , ويلاحظ قارئ القران الكريم ان كلمة بديع مختصة بالسماوات والارض , وفي اية كريمة اخرى { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ }البقرة117 , اما كلمات ( خالق , خلق , يخلق ... الخ ) تختص بالموجودات ! .
2- ( أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ) : كيف يكون له ولد سبحانه وتعالى ولم تكن له صاحبة , تأتي كلمة صاحبة بشكل اعم واشمل من كلمة زوجة , مثال ( الامثلة تضرب ولا تقاس ) , يمكن للانسان الانجاب من زوجته , وعندها يكون ذلك شرعيا , ويمكن ان يكون الانجاب بشكل غير شرعي , عن طريق اتصال جنسي مع عشيقة او زميلة او حتى عن طريق الاغتصاب ! .
3- ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }الزمر62
4- ( وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) : لا تخفى عليه جل وعلا خافية .
ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ{102}
نستقرأ الاية الكريمة في عدة موارد :
1- ( ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ ) : ما تقدم من مواصفات ذكرتها الايات الكريمة السابقة , تؤكد ان لهذا الكون بما فيه رب واحد احد .
2- ( لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ) : وحده جل وعلا المتفرد بالالوهية .
3- ( خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) : خلق كل الموجودات .
4- ( فَاعْبُدُوهُ ) : امر مباشر لعبادته جل شأنه .
5- ( وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }الزمر62
الاية الكريمة من ايات التهليل , وفيها فضائل وخصائص لعلاج المرضى وقضاء الحوائج وغير ذلك الكثير . ( مكارم الاخلاق ) .
لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ{103}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاث مواقف :
1- ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) : لا تراه العيون ولا تحيط بكنهه العقول . ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .
2- ( وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ) : أي يراها ولا تراه ولا يجوز في غيره أن يدرك البصر ولا يدركه أو يحيط به علما ( تفسير الجلالين / للسيوطي ) .
3- ( وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) : اسمان جليلان من اسمائه عز وجل الحسنى , يصطحب فيهما لطفه عز وجل خبرته بشؤون الخلق .
قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ{104}
نستقرأ الاية الكريمة في اربع محطات :
1- ( قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ ) : حجج وبراهين واضحة الدلالة .
2- ( فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ) : من ادركها ببصيرته سيعود عليه ذلك بالثواب والاجر الجزيل .
3- ( وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ) : اما من حجبت عنها بصيرته , فلا يلومن الا نفسه .
4- ( وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ) : الرسول الاكرم محمد (ص واله) ليس رقيبا , انما بشيرا ونذيرا .
وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{105}
نتوقف في ثلاث مواقف في الاية الكريمة :
1- ( وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ) : بينا الحجج والبراهين في القران الكريم .
2- ( وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ ) : اتهم النبي الكريم محمد (ص واله) بتهم كثيرة , فيشير النص المبارك الى احداها , حيث اتهمه ( ص واله) المشركون بأنه تعلم ودرس الكتب , وتدارس ما جاء في القران الكريم مع اهل الكتاب .
3- ( وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) : يفتح النص المبارك جملة من الاراء ، حول ( لِقَوْمٍ ) , من هم هؤلاء ؟ , يرى اصحاب الرأي انهم ينحصرون في :
أ) عامة من آمن بالرسول الكريم محمد (ص واله) , لكن هذا الرأي قد لا يصمد امام النقد , كون عامة المسلمين لا يندرجون ضمن ختام الاية الكريمة ( يَعْلَمُونَ ) .
ب) ذوات مؤمنة خاصة , ينسب لهم العلم والمعرفة والحكمة , يكونون مصداقا لختام الاية الكريمة ( يَعْلَمُونَ ) ! .
اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ{106}
نتأمل الاية الكريمة في ثلاث مقاطع :
1- ( اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) : امر اول منه جل وعلا لنبيه الكريم محمد (ص واله) , والمعني به كافة الناس.
2- ( لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ) : وحده جل وعلا المتفرد بالربوبية .
3- ( وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) : امر ثان منه جل وعلا لنبيه الكريم محمد (ص واله) , لا تكترث لدعاوي المشركين واباطيلهم .
ان الامرين الربانيين في الاية الكريمة موجهين لعامة المسلمين , بطريقة ( اياك اعني واسمعي يا جارة ) .
الاية الكريمة من ايات التهليل , وفيها فضائل وخصائص لعلاج المرضى وقضاء الحوائج وغير ذلك الكثير . ( مكارم الاخلاق ) .
وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ{107}
تستوقفنا الاية الكريمة في ثلاث مواقف :
1- ( وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ ) : علامة او دلالة على ان الله تعالى لا يجبر احدا على الايمان , بل يترك له حرية الاختيار , فالثواب والعقاب يسقطان عند الجبر , ويثبتان عند حرية الاختيار .
2- ( وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) : لم يجعل الله تعالى الرسول محمد (ص واله) رقيبا , بل ان وظيفة الرسول حددتها اية كريمة { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً }الفتح8 .
3- ( وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) : وكذلك لم يخول الله تعالى نبيه الكريم محمد (ص واله) بذلك ايضا ( وكيل ) .
وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{108}
نستقرأ الاية الكريمة في اربعة مواقف :
1- ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) : الابتعاد عن الشتم والسباب , والدعوى الى الله تعالى بالمناهج العقلية السليمة , فعندما يسب مسلما مقدسات لغير مسلمين , يردوا عليه بالمثل , فيسبوا الله جل وعلا جهلا منهم بشأنه وعظمته .
2- ( كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ) : لكل امة عادات وتقاليد , يمارسونها ويتمسكون بها , فيها من الخير والشر , واباطيل واساطير وغير ذلك .
3- ( ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ ) : الجميع صائر اليه جل وعلا .
4- ( فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) : ذلك الحين , يخبر وينبأ كل بعمله ( صحيفة اعماله ) .
وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ{109}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد :
1- ( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ) : ان كفار مكة اغلظوا في ايمانهم , اذا جاءتهم الايات التي اقترحوها ليؤمنن به (ص واله) .
2- ( قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ ) : قل لهم يا محمد (ص واله) ان الايات ينزلها الله تعالى حسب ما تقتضيه مشيئته وحكمته .
3- ( وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) : ( يُشْعِرُكُمْ ) = يدريكم , لعل هذه الايات التي اقترحوها اذا جاءتهم لا يؤمنون بها ايضا , عندها يكون الخطر اشد واعظم ! .
وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ{110}
نستقرأ الاية الكريمة في موردين :
1- ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) : نحول قلوبهم عن الحق فلا يفهمونه , وابصارهم عنه فلا يبصرونه او يرونه , كما لم يؤمنوا به من قبل ( أَوَّلَ مَرَّةٍ ) .
2- ( وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) : ونتركهم في ضلالاتهم وتجاوزاتهم , متحيرون متخبطون بما فيه وعليه ! .