في آخرِ الطابور أقف
كما ينبغي لمشرّد مُحترفٍ ان يفعل
تماماً في آخر الطابور
امام لجنة توزيع الأوطان
على الفائضين عن حاجة الزمان
ِوالمكان
ِوالخرائط
و سجلاتِ النفوس
و المقابرِ
في آخر الطابور اقف
مثل دمعةٍ معلقة في مأتم
اجمع ما تساقط من سنيني
وخرافاتي
و احلامي البائدة
في صرّة طفولتي التي اضاعت دميتها
وحصتي المؤجلة من حنان أمي
لي نكهة لم تستأصلها القابلة مع حبل السرّة
لي في القلب نشيدٌ عن بط
يسبح في شط
واغانٍ عن دمع الحلوة يسيلُ مع الكحل
و اصابعي مازالت ترتجف
من هول الدرس
و حفيفِ مسطرةِ المعلم
و لي في حصّالة حياتي
كتبٌ في الجوع وحربِ الطبقات
احرقها الفاشست
و اطفأوا دموعَ الحبّ الممنوع
ولي في حصّالة حياتي
تمراتٌ ادخرتُها من توق النخلة للأرض
وبعضُ غبار الطلع مازال يسافرُ في رئتي
ليس في جبيني علامات النبوّة
ولا هالاتُ القدّيسين
ولكنه سيعرفني
وطني الجالسُ هناك
في لجنة توزيع الأوطان
و انا في الطابور
لن ازاحم رفاقي المشرّدين
في اوطانهم
و لن اقبل بذاك الوطن اللامع الذي على اليمين
و لا بذاك المترف الذي على اليسار
فقط ذاك
ٌذاك الذي رأسُه نخل
و ذراعاه نهران
******
انت ايها السيد*
يامن كنت في آخر الطابور
لم يتعرف عليك وطنٌ من الأوطان المجتمعة في اللجنة
لقد أطفأَت المنافي نكهتك
و ذبُلت اغانيك
و بالرغم من منسوب العشق العالي فيك
و لكن ما من وطنٍ في الأرض
يفهمُ لغتك
حتى ذاك! ؟ --
حتى ذاك --
و اشفاقا منّا عليك
قرّرنا منحك رصيفاً
رصيفاً لن ينتهي ابدا
تهدرُ فيه
ما تبقى لك في حَصّالة حياتك
مِن سنوات |