• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح174 سورة الحجر الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح174 سورة الحجر الشريفة


بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ{78}
تشير الاية الكريمة الى ان اصحاب الايكة ( الايكة هي غيضة الشجر المتشابك ) وهم اهل مدين ( قوم شعيب "ع") ظالمين بتكذيبهم .

فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ{79}
اكدت الاية الكريمة الى ان الله جل وعلا اهلك اصحاب الايكة "مدين" ( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) , واضافت ( وَإِنَّهُمَا ) , يعود على سدوم ومدين ( اصحاب الايكة ) , ( لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ ) , يقعان في طريق واضح للعيان , فأحرى اخذ العبرة منهما .            

وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ{80}
تنعطف الاية الكريمة لتشير الى ان اصحاب الحجر وهم قوم ثمود قد كذبوا صالحا (ع) , والحجر هو وادي بين الشام والمدينة , تكذيبهم لصالح (ع) هو تكذيب لكل الرسل والانبياء (ع) لذلك جاءت ( الْمُرْسَلِينَ ) جمعا .  

وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ{81}
تبين الاية الكريمة ان قوم ثمود جاءتهم ايات الله تعالى وكانت الناقة وسقيها ودر لبنها , ( فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) , فاعرضوا عنها والتفكر فيها .  

وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ{82}
تبين الاية الكريمة ان قوم ثمود كانوا ينحتون الجبال ليتخذوا منها بيوتا وبذاك يتحقق امرين :
1-    اتخاذها للسكن .
2-    (  آمِنِينَ ) : يأمنون فيها من عدة امور :
أ‌)    من اللصوص .
ب‌)    من المناخ وتقلباته .
ت‌)    من ان تهدم وتنهال عليهم .
ث‌)    من تخريب الاعداء وغاراتهم .
ج‌)    وايضا يعتقدون انها تقيهم من العذاب الذي سيقع بهم . 

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ{83}
تبين الاية الكريمة انهم وبالرغم من كل احتياطاتهم وحصانة مساكنهم , الا ان صاعقة العذاب ( الصيحة ) نالتهم ولم تنفعهم كل تلك الحصون المنيعة , وتحدد الاية الكريمة موعد الصاعقة ( الصيحة ) في الصباح (  مُصْبِحِينَ ) .

فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{84}
بينت الاية الكريمة انهم ( ثمود ) لم ينفعهم بناء الحصون وكثرة العدد والاموال . 

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ{85}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد :
1-    ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ ) : ( فلا يلائم استمرار الفساد ودوام الشر فلذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء وإزاحة فسادهم من الأرض ) ."تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
2-    ( وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ ) : لا ريب فيها , فينتقم الله تعالى مجده من الكافرين .
3-    ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) : ننقل رأيين في ( الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) :
أ‌)    (فاصفح) يا محمد عن قومك (الصفح الجميل) أعرض عنهم إعراضا لا جزع فيه . "تفسير الجلالين للسيوطي " .
ب‌)    في العيون عن الرضا عليه السلام يعني العفو من غير عتاب . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .  

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ{86}
تبين الاية الكريمة على نحو التأكيد ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ ) , لكل شيء , ( الْعَلِيمُ ) , بكل شيء .    

وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ{87}
تبين الاية الكريمة عطاءه جل وعلا لنبيه الكريم محمد (ص واله) ولامته :
1-    ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي ) : سورة الفاتحة الشريفة على ارجح الاراء .
2-    ( وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) : القرآن الكريم .    
يلاحظ ان الاية الكريمة قد وضعت سورة الفاتحة الشريفة ازاء القرآن الكريم , لذلك عدة احتمالات نذكر منها :
1-    بيانا لشرف السورة المباركة ( الفاتحة ) .
2-    مضمونها يعدل مضمون القرآن الكريم بجملته .
( والقمي إنها الفاتحة وفي الكافي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعطيت السور الطوال مكان التوراة واعطيت المئين مكان الأنجيل واعطيت المثاني مكان الزبور ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .

لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ{88}
تضمنت الاية الكريمة ثلاثة وصايا لرسول الله محمد (ص واله) , وفي الواقع انها موجه لامة الاسلام ( للمسلمين كافة ) :
1-    ( لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ ) : ينهي النص المبارك النظر الى ما متع به الكفار , نظرة طامحة لما بين ايديهم من النعم , ( أَزْوَاجاً ) هنا لا تعني الزوجات بل تعني الاصناف . 
2-    ( وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ) : ينهي النص المبارك عن الحزن عليهم  ان لم يؤمنوا .
3-    ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) : يشير النص المبارك ويوصي بالتواضع للمؤمنين . 

وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ{89}
تخاطب الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) مخبرة اياه ان يبلغ الناس بأنه (ص واله) النذير من عذاب واقع لا محالة يصيب من لم يؤمنوا برسالته , ( الْمُبِينُ ) , لا نذير اكثر بيانا ووضوحا منه (ص واله) . 

كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ{90}
تستكمل الاية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة , مبينة ان مثل العذاب الموعود قد نزل حقا ( عَلَى المُقْتَسِمِينَ ) , والمقتسمين هم اليهود والنصارى وفقا الى رأي السيوطي في تفسير الجلالين .   

الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ{91}
تستكمل الاية الكريمة موضوع سابقتها , مبينة شيئا عن  ( المُقْتَسِمِينَ ) , اي ان اليهود والنصارى جعلوا القرآن اجزاء فقالوا ان بعضه حق موافق لما جاء في التوراة والانجيل , والبعض الاخر ( كذب – سحر – كهانة ... الخ) باطل لمخالفته كتبهم . 
( والقمي قال قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله الله والعياشي عنهما عليهما السلام إنهما سئلا عن هذه الآية فقالا هم قريش وعن أحدهما عليهما السلام في الذين أبرزوا القرآن عضين قالوا هم قريش ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .

فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ{92}
يقسم الباري جل وعلا بنفسه في الاية الكريمة ( فَوَرَبِّكَ ) , انه جل وعلا سائلهم ( المُقْتَسِمِينَ ) عن ... .

عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ{93}
تستكمل الاية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة , ( عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) , عن اعمالهم فيجازيهم بها .

فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ{94}
تخاطب الاية الكريمة الرسول الكريم محمد (ص واله) ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ) , اجهر  به واعلنه , ( وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) , لا تلتفت لما يقوله المشركون , ولا تبال بهم .  

إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ{95}
تؤكد الاية الكريمة ان الله تعالى قمع واهلك المستهزئين برسوله الكريم محمد (ص واله) من زعماء قريش تأييدا منه جل وعلا لرسوله المصطفى (ص واله) , وزعماء قريش كما يذكرهم السيوطي في تفسير الجلالين هم ( الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد المطلب والأسود بن عبد يغوث ) , ويضيف الفيض الكاشاني في تفسير الصافي ج3 اليهم ( الحرث بن طلاطلة الخزاعي ) .
( وفي الأحتجاج عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام في حديث فأما المستهزؤن فقال الله إنا كفيناك المستهزئين فقتل الله خمستهم كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد فأما الوليد بن المغيرة فمر بنبل الرجل من خزاعة قد راشه (1) ووضعه في الطريق فأصابه شظية (2) منه فقطع أكحله (3) حتى أدماه فمات وهو يقول قتلني رب محمد وأما العاص بن وائل السهمي فإنه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول قتلني رب محمد وأما الأسود ابن عبد يغوث فإنه خرج يستقبل إبنه زمعة فاستظل بشجرة فأتاه جبرئيل فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه إمنع هذا عني فقال ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك فقتله وهو يقول قتلني رب محمد وأما الأسود بن المطلب فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعا عليه أن يعمي بصره وأن يثكله ولده فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار إلى موضع فأتاه جبرئيل بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقي حتى أثكله الله ولده وأما الحرث بن الطلاطلة فإنه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال أنا الحرث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول قتلني رب محمد ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .

الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ{96}
بينت الاية الكريمة اعمال المستهزئين (  الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً ) , حيث اتخذوا الاوثان آلهة , ثم تتوعدهم بالمصير المحتوم (  فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) , عواقب فعالهم .

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ{97}
بينت الاية الكريمة انه (ص واله) كان يضيق صدره من تكذيبهم له , والطعن فيه واتهامه بمختلف التهم , فجاءت لتسليه (ص واله) ان كل ذلك بعمله سبحانه وتعالى . 

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ{98}
تأمر الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) ان يفزع الى تسبيحه عز وجل والثناء عليه والصلاة , ففي كل ذلك زوال الهم , وكشف الغم , وفيه ايضا درسا تربويا لكل مسلم . 

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{99}
تأمر الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) ان يعبده جل وعلا طوال حياته , حتى يأتيه ( الْيَقِينُ ) , وهو الموت . 


 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=40413
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19