• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح301 سورة لقمان الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح301 سورة لقمان الشريفة


بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ{13}
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ ) , حين قال لقمان لابنه , (  وَهُوَ يَعِظُهُ ) , واعظا اياه , (  يَا بُنَيَّ ) , كان بإمكان لقمان ان يقول ( يا ابني ) مثلا , لكنه صغرها للإشفاق , وبها استهل موعظته له , (  لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ) , ينهاه عن الشرك بكل انواعه , (  إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) , " لأنه – الشرك - تسوية بين من لا نعمة الا منه ومن لا نعمة منه" –تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني- .    

وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ{14}
تضيف الآية الكريمة (  وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ ) , حيث اوصى الباري عز وجل ببر الوالدين والاحسان اليهما , (  حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ ) , ضعفا على ضعف , ضعف الحمل وضعف الولادة , (  وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) , فطامه , (  أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) , قرن الباري عز وجل شكره بشكر الوالدين , (  إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) , المرجع والمآل .  
( عن الرضا عليه السلام في حديث وامرنا بالشكر له وبالوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله وعنه عليه السلام من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل ) . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{15}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة مبينة (  وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) , لا طاعة للوالدين في الشرك , ويلحق به ان لا طاعة لهما في المعاصي , (  وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) , ضرورة مصاحبتهما بالمعروف والاحسان وان كانا كافرين , (  وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) , بالتوحيد والطاعة والانابة , (  ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ) , الجميع صائر اليه جل وعلا , (  فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) , فكلا ينال جزاء عمله .  
( الآيتان معترضان في تضاعيف وصية لقمان تأكيدا لما فيها من النهي عن الشرك كأنه قال وقد وصينا بمثل ما وصّي به وذكر الوالدين للمبالغة في ذلك فانهما مع انهما تلوا الباري في استحقاق التعظيم والطاعة لا يجوز ان يستحقا في الاشراك فما ظنك بغيرهما) . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ{16}
تعود الآية الكريمة لوصايا لقمان لأبنه (  يَا بُنَيَّ ) , يستهل كلامه بياء النداء , وفيها ما يلفت النظر والانتباه , (  إِنَّهَا ) , ان الاعمال سواء كانت خيرا او شر ,  (  إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ ) , سواء كان حجمها ووزنها كحبة الخردل في الصغر وخفة الوزن , (  فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ ) , في أي مكان كانت , (  يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ) , يحضرها ويحاسب عليها , (  إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) , انه جل وعلا (  لَطِيفٌ ) , يصل علمه الى كل ما خفى ولطف , (  خَبِيرٌ ) , عالم بكنه وجواهر الاشياء .   

يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ{17}
تستمر وصايا لقمان لأبنة في الآية الكريمة (  يَا بُنَيَّ ) : 
1-    (  أَقِمِ الصَّلَاةَ ) : حافظ على الصلاة الواجبة , ادائها ووقتها .
2-    (  وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ) : كل حسن من فعل وقول .
3-    (  وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ ) : كل قبيح من فعل او قول .
4-    (  وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ) : عند الشدائد والنوائب .  
(  إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) , هذه الامور مما ينبغي ان يحرص ويحافظ عليها , وان لا يتهاون المرء فيها .

وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ{18}
تستمر وصايا لقمان لأبنة في الآية الكريمة ناهيا :
1-    (  وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) : كناية عن التكبر , لا تمل بوجهك عن الناس تكبرا واستصغارا واستخفافا بهم , ينفرد القمي في تفسيره برأي اخر , فيرى ( اي لا تذل للناس طمعا فيما عندهم ) .
2-    (  وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ) : بطرا , خيلاء , غرور .  
(  إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) , يبين النص المبارك علة النهي , حيث ان المختال المتبختر في مشيته والفخور من جملة من لا يحبهم الله تعالى . 

وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ{19}
تستمر الوصايا في الآية الكريمة :
1-    (  وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) : الوسطية بين سرعة المشي وتباطئه , الزاما للسكينة والوقار . 
2-    (  وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ) : اخفض صوتك ولا ترفعه , (  إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) , فأن اقبح الاصوات صوت الحمير , اوله زفير واخره شهيق , اثبتت العلوم الحديثة ان في صوت الحمار ذبذبات تؤثر سلبا على جسم الانسان وغيره من المخلوقات .  

أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ{20}
الآية الكريمة تستكمل موضوع وصايا لقمان (  أَلَمْ تَرَوْا ) , يا من يخاطبهم القرآن او من طرق اسماعهم , (  أَنَّ اللَّهَ ) , انه جل وعلا : 
1-    (  سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) : ذلل كل الموجودات لتنتفعوا بها .
2-    (  وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) : وهو جل وعلا اتم ووسع عليكم نعمه , ما عرفتموه وما لم تعرفوه , ما ظهر منها وما بطن , ما تجلى لإدراكاتكم وحواسكم وما لم يتجل .  
(  وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ ) , من يجادل في توحيده جل وعلا :
1-    (  بِغَيْرِ عِلْمٍ ) : يستفاد من حجة او يبرهن عليه برهان .
2-    (  وَلَا هُدًى ) : ولا هداية من رسول او نبي او وصي او رجل صالح .
3-    (  وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ) : انزله الله تعالى .   

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ{21}
تستمر الآية الكريمة في بيانها (  وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ) , الذين يجادلون في توحيد الله تعالى من غير علم ولا هدى ولا كتاب منزل , (  اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ ) , على رسوله , (  قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا ) , لا يكون ردهم الا انهم باقون في تقليدهم الاباء , (  أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِير ) , حيث ان الشيطان الرجيم يدعوا مريديه الى موجبات العذاب .  
( عن الباقر عليه السلام هو النضر بن الحارث قال له رسول الله صلى الله عليه وآله اتبع ما انزل اليك من ربك قال بل اتبع ما وجدت عليه آبائي ) . "تفسير القمي , تفسير البرهان ج4 للسيد هاشم الحسيني البحراني" .  

وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ{22}
تستمر الآية الكريمة في الموضوع منتقلة الى الجهة المقابلة (  وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ ) , يقبل على توحيده وطاعته ويفوض اموره له جل وعلا , (  وَهُوَ مُحْسِنٌ ) , في عمله , (  فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) , فأن في الاقبال على الله تعالى بالتوحيد والطاعة واحسان العمل فيه القبض على الطرف الاوثق , وهو اوثق ما يمكن ان يتعلق به المرء , فلا يخاف انقطاعا او انحرافا , (  وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) , كل الامور صائرة له تعالى ذكره ومجده . 

وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{23}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ) , لا تحزن على كفر من كفر , فأنه لا يهتدي ابدا , وايضا ان كفره لن يضرك او يضر الاسلام والمسلمين , (  إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ) , يوم الحساب والدينونة , (  فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ) , بما هو مسطور في صحائف الاعمال , (  إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) , بما اختلج فيها من الكفر وايثار طاعة الشيطان الرجيم .  

نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ{24}
تبين الآية الكريمة (  نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ) , في الدنيا , (  ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ ) , نلجئهم اجبارا والزاما ونحشرهم ونسوقهم (  إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ) , فظيع .  

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=70707
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18