• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : نبوءة الشاعر.. أم كارثة النبوءة؟ .
                          • الكاتب : احمد الثائر .

نبوءة الشاعر.. أم كارثة النبوءة؟

 

(البريسم.. قصائد مخططة) أنموذجا 
 حين يكون الشعر ناقلا للحدث يصبح مخبرا عاديا او مصورا
فوتوغرافيا فاشلا، فالمصور الفوتوغرافي الناجح فنان يلتقط الزاوية التي يرى انها
تمثل شعرية اللقطة او المشهد، لهذا يمتاز الشاعر بكونه يخلق من اللغة عوالم وأشياء
قد تكون في اغلب الاحيان من يوتوبياه وفي احيان كثير تتجاهل عدسته القبيح ثم تعيد
صياغة المشهد الحياتي بأشكال جميلة، واذا ما تناول الكارثة بضدها- فأنه سيحرض على
الجميل من الفعل وهذا الفعل التحريضي لا يتم بلغة مباشرة، بل بلغة شعرية.. ولكن هل
يستطيع الشعر ان يمد ببصره الى المستقبل من دون ان يرتد اليه فيرى ببصيرته الثاقبة
ما سوف يحدث؟.. ترى هل هو كاهن؟ هذا السؤال يحيلنا الى الميثولوجيا والتنبؤ، ولكي
لا ندور بعوالم غيبية نقول انما بصيرة الشاعر هي التي تعبر لعوالمن المستقبل من
خلال ادواته وآليات اشتغاله من وعي وفعل ابداعي وحس شفاف فيحدد عبر مجساته ما يحمل
لنا المستقبل من اوضاع كارثية لأنه حتما –قد قرأ التاريخ بشكل جيد وبدلا ع ان يكون
التاريخ بالنسبة له كمية ثابتة او نسبية متكررة في مسمياتها واسترجاعات لحوادث قد
حدثت وكانت في فترتها مستقبلا ثم حاضرا ثم ماض (فالتاريخ لا يعيد نفسه) ولكنه
يستعير مقاربات لحوادث قد حصلت. 
وازاء تشكيلات الجمال المتنوعة في الكون يقف الشاعر في
المركز –ربما لان الشعر مركز للجمال- ويتأمل المساحات الممكن استثمارها جماليا
فيخلق في مخيلته صورة تحمل مجموعة من التوقعات تلتحم في رؤية ثاقبة ليظهر لنا
الشاعر عملا يستحق الاشادة والاعجاب. 
ولعل الشاعر عبد الحسين بريسم قد استوعب مهمة الشاعر
فكتب بلغة مشاكسة قصائد تجعل من المرارة مشهدا مثيرا يجعلك تتأمل في سبقه المخيالي
لما حصل قبل حدوثه، فنقول نعم لقد قال الشاعر هذا قبل اوانه وتقترب قصائده بهذه
اللغة المشاكسة من خيول فائق حسن التي اضافت للخيول جمالا وهي تشاكس الريح فجاءت
مجموعة (البريسم.. قصائد مخططة) رؤية آنية ومستقبلية في الوقت نفسه.. فاستطاع
البريسم ان يمد ببصره ليرى كارثية المستقبل لكنه لم يدون الكارثة كما يفعل المؤرخ
بل جعل من نبوءته مستقبلا قابلا للحدوث.. ولعل قصيدته (علي بابا) كانت استباقا رؤيويا
لتداول هذه المفردة –المصطلح الشائع لـ(صفة اللص) بشكل يومي: 
(1) 
لأني بلا مغارة 
اللصوص يطالبونني بالزعامة 
لأن (علي بابا) يشبهني 
الى حد ما 
هل كان يدرك ما حصل قبل حدوثه؟.. فأي مجتمع لا يستطيع ان
يحد من امراضه لن ينشيء انسانا سليما دونما استقرار أمني واقتصادي لهذا جاءت
نبوءته (لاني بلا مغارة) فالمغارة كناية عن البيت والبيت يعني السكن والسن يعني
السكينة و(اللصوص يطالبونني بالزعامة). 
هنا يكون الانسان الذي لا يجد مثوى في وطنه عرضة للنزوع
الى انتهاك القانون امام مغريات تمليها عليه ظروفالمرحلة التي يعيش. 
(2) 
لا توجد اغان تكفي 
لأطلقها عليك وأنام 
لا يوجد ما اسرقه 
لأكون حقا متهما.. 
في مجتمع مصاب بداء العوز المزمن هل تستطيع كل اغاني
الكون ان تنشر البهجة في ارجاء روحه المجدبة؟ 
انه يبحث عن الأمن والسعادة لهذا يبحث عن اغان والاغاني
دائما لا تسمع الا بنفس لم يكدرها شظف العيشن فحين لا يملك الانسان ما يسد رمقه
ماذا يستطيع اللصوص ان يسرقوا منه مادام كل شيء قد سرق منه مسبقا. 
اذن (علي بابا) كانت استباقا شعريا لما حصل في ظظروف
الانفلات الامني التي جعلت الايادي تمتد من خارج حدود الوطن ومن داخله لسرقة
الاثار واللوحات التشكيلية وكل ما وقعت عليه اليد فصار مصطاح (علي بابا) مصطلحا
يوميا اطلقه غير العراقيين على العراقيين على الرغم من كونهم جاءوا ليسرقوه..
أليست مفارقة كارثية ان يتهمك المحتل الذي جاء لسرقة كل تملك يتهملك بأنك سارق؟ 
ان الشاعر هنا تنبأ بهذه الكارثة فكانت نبوءته كارثة..
ايته ما تنبأ ولكن يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره.. فهل يستطيع الا يتنبأ؟ 
ويلخص الشاعر عبد الحسين بريسم في ختام قصيدته الوضع
الذي يعيشه العراقي بعبارة مازالت تعلق كيافطة لروابط واتحادات تدافع عن العاطلين
عن العمل قالها الشاعر في زمن كان الحصار قد شكل هما كارثيا على العراقيين ولكن
ليس كما هو الحال الآن: 
(3) 
بما اني الآن.. 
(عاطل عن العمل) 
علي ان ابحث عن.. 
اربعين حرامي ومغارة 
لنسرق الشمس.. 
محاولة سرقة الشمس هي محاولة لخنق الحريات وهذا ما حصل
فعلا، ان الشاعر يتقمص هنا دور الوطن فهو متهم للا شيء، لأنه يملك ثروات وحضارة
وفكرا اذن هو متهم بنظر الآخر.. المحتل.. ترى هذا نجح الشاعر بإيصال صوته؟ اترك
الاجابة على السؤال للنص فهو اكثر اقناعا. 
1. البريسم.. قصائد مخططة) ط 1 للشاعر عبد الحسين بريسم
صدرت عن دار الشؤون الثقافية 2001 وضمت (18) قصيدة. 
2. ص(30) قصيدة (علي بابا). 
3. ص(31) المصدر نفسه. 

كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : احمد الثائر ، في 2012/06/06 .

شكرا ايها المبدع علي حسين الخباز

• (2) - كتب : احمد الثائر ، في 2012/06/06 .

شكرا ايها المبدع علي حسين الخباز

• (3) - كتب : علي حسين الخباز من : كربلاء ، بعنوان : قصور في 2011/07/17 .

استاذي العزيز احمد الثائر اعترف اولا بقصوري لمتابعة مثل هذا اليراع الانطباعي الكبير واتقدم بالتهنئة اليك لهذا الموضوع وبالتهنئة للشاعر المبدع البريسم لكما مودتي ودعائي





  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7738
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 07 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6