وسكرنا نحتسي ليل مطر
نلثم الكأس نديا في سحر
و تناجينا بصمتٍ حالمٍ:
كم لهفنا كي يظللنا شجر
و تهامسنا :هناك المدن
خلف أسوار وقد مات قمر
واستبحنا الصحو نسقيه الطلا
نسكب القيد سلافا وخدر
في مساء الصدفة الأولى غفا
و تناسينا عيونا كالمطر
------------------------------
وتناسينا سكارى نشوة
وغفلنا وقع أقدام الحذر
ورقصنا فوق طين موحل
قبلة الرقص جنون وسعر
نسرق القبلة غزوَ الفاتحِ
كي نريق الشوق في نصب الضجر
و بعثنا اللهو غصنا يانعا
وأبحنا جوعنا حلو الثمر
وحدها الصدفة متراس الهوى
قد أظلتنا بعطف وسكر
-----------------------------
واغتبطنا نرجم السأم بلهوٍ
ونقيم الصخب في صلب الكدر
واشتعال دبّ في عمق الملال
وحطام طاح من قيد يُصَر
لنشذّ اللحظ من مزق المدى
طيلسانُ الدهرِ رتقٌ من حجر
و نغلَ الخوفَ تيها بعدما
نسرجُ الأفقَ أثيرا لا أثر
أنما نحنُ شظايا صدفةٍ
عصفت جمرا كأشتات غجر
---------------------------------
وتناسينا حديث المدنِ
أهيَ النشوة فينا أم خدر؟
وتُراها الكأسُ شذّت فعلنا ؟
أم لأحلامٍ يمازجها مطر
فرمقناها بعينِ الساخرِ
وبسمنا الثغر في وجه القمر
هذه اللحظة نحنُ المدنُ
نشوة الروحِ أمتلاكٌ للقدر
فتفيأنا ظلالا مورقا
ولثمناها شفاها تستعر
-------------------------------
أيَّ شهدٍ ذاك تقطرهُ اللمى؟
وسلالُ الكرمِ خمرا تقتطر
وتلالُ الشوق عطرٌ رائجٌ
قد كساها الزهر حتى المنحدر
فنعمنا الروض سهلا مونقا
وتجشمنا عناءات الحفر
ودفقنا الماءَ خصبا آتيا
يعشِبُ الصخرَ ويندي بالحجر
نبذرُ الأفقَ أجناةِ غدٍ
موسقت فجرا لأحلام البشر
-------------------------------------
وأفقنا ننظرُ الفجر حزينا
شاحبَ الوجه بصوتٍ معتذر:
قد أطلّ الصبحُ يعدو لاهثا
لاحَ بالقيدِ كسجانٍ أَشِر
فأحلنا الطرفَ في نحو الرُبى
مات فيها الزرع جرداء قفر
فانتبهنا أننا محض هوىً
صدفة جاء ويمضي كالعِبَر
فافترقنا السير صوبَ المدنِ
نقرعُ السورَ لتأوينا الحفر
|