• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح7 سورة البقرة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح7 سورة البقرة

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ{83} وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ{84} ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{85} أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ{86}
القرآن الكريم يشرح ميثاق بني اسرائيل بثمان نقاط , عبادة الله وحده , الاحسان للوالدين , وذي القربى , و اليتامى , والمساكين , والقول الحسن , واقامة الصلاة , وايتاء الزكاة , او ربما خمسا , عبادة الله وحده , الاحسان ( للوالدين وذي القربى واليتامى والمساكين ) , والقول الحسن , واقامة الصلاة , وايتاء الزكاة . 
دعنا من كل ذلك , فليس ذاك موضوعنا , ولا من اختصاصنا , المهم لدينا , ان الله عز وجل قد اخذ ميثاق بني اسرائيل لفعل كافة الخيرات , وبالتأكيد اجتناب كافة المآثم , حتى ولو لم تذكرها الاية الكريمة , فالامر بأعمال الخير , يوجب ترك الاعمال القبيحة , فعندما يأمر الباري عز وجل الناس ببرّ الوالدين , فيكون هذا الامر ذما لعقوقهما , وهكذا . 
غير ان بني اسرائيل نقضوا ذلك الميثاق , فقد كانت افعال الخير تهدد مصالحهم الشخصية , فالاحسان الى الوالدين وذوي القربى واليتامى والمساكين , يوجب الانفاق عليهم , واطعامهم وكسوتهم , وقد عرف بني اسرائيل بالبخل واشتهروا به , اما القول الحسن فيوجب طيب النفس , وطهارة القلب , فالكلام الطيب لا يصدر من قلب متسخ , وباطن قذر , اما الصلاة فتوجب الالتزام بمواعيدها , وترك ما سواها , وهذا يهدد شؤونهم التجارية , وانشغالهم بأمور الدنيا , واما ايتاء الزكاة , فذلك يوجب نقصان اموالهم , التي جمعوها بحل وحرام , تلك الاموال التي طالما سهروا عليها في سبيل انماءها وكثرتها , واجهدوا تفكيرهم , وشغلوا عقولهم بجمعها , واما عبادة الله وحده لا شريك له , فيوجب الالتزام بكل ذلك , الذي يهدد مصالحهم , فلابد لهم من الالتفاف على الشرائع , او تغييرها بما يتناسب مع مصالحهم , او البحث عن آله اخر لا يأمر بذلك , ويأمر بما تهوى انفسهم ! . 
   
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ{84}
ويخاطبهم الله مباشرة , مذكرا اياهم بالميثاق , الذي جاء فيه لا تسفكوا دماءكم , ولا تخرجوا انفسكم , ويؤكد الله عز وجل عليهم (أَقْرَرْتُمْ ) و (وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ) , فقد اقروا بذلك وشهدوا على انفسهم , ما يوجب الالتزام بالميثاق . 
 
ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{85}
فيخاطبهم الله بشكل مباشر , لكنكم لم تلتزموا بالميثاق وما جاء فيه , وكأنكم تعمدتم نقضه , واتيتم بمخالفة كل ما فيه , فقتلتم انفسكم , واخرجتم فريقا منكم من ديارهم , مستعينين عليهم بالاعداء , فتؤمنون ببعض ما في الكتاب , مما يخدم مصالحكم فقط , وتكفرون بكل ما في الكتاب مما يتعارض مع مصالحكم . 
فيتوعدهم الله عز وجل بالخزي في الحياة الدنيا , العقوبة العاجلة , ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب , العقوبة الآجلة , (وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) . 
 
أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ{86}
يصفهم الباري عز وجل , بأنهم اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة , باعوا اخرتهم الباقية من اجل دنياهم الفانية , وهذه هي التجارة السلبية , حيث يبيع التاجر فيها اثمن ما لديه , بأتفه الاشياء , على النقيض من التجارة الايجابية , التي يبيع التاجر فيها اتفه ما لديه , بأفضل الاشياء وادومها .
لا يخفف عنهم عذاب يوم القيامة , ولا يجدون نصيرا لهم , او حتى من يستشفع لهم عند ربه كي يخفف عنهم شيئا من العذاب , الذي اشتروه بدنياهم . 
ما اجمل ان يكون هناك ميثاقا بين العبد وربه ! , فيلتزم العبد بما جاء فيه , فيشعر انه انسان عاقل , مدرك , ولحياته هدف , يسعى لتحقيقه , بدلا من ان تكون حياته مجرد عبث ولغو , بدون طعم ولا رائحة , فيزرع فيها ما يجنيه في يوم الحساب ( الدنيا مزرعة الاخرة ) . 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7999
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 07 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28