• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : أيتمتنا على بابك سيدي .
                          • الكاتب : احمد البحارنة .

أيتمتنا على بابك سيدي

 كنت نائما فجر الأمس مع إخواني اليتامى.نعم،مجموعة من اليتامى آخى بيننا أبونا علي بن أبي طالب  وآوانا في هذا البيت الذي بناه لنا، وأخذ يغذينا كل يوم بأقراص خبز عجنها بطيبته وعطفه وسخنها بدفء حبه...
 
استيقظنا  على صوت الآذان القادم من المسجد.. حي على خير العمل.. حي على خير العمل.. آه ..ما أعذب هذا الصوت،إنه صوت أبينا أبي الحسن،صوت يعرج إلى عنان السماء طولا ليصل إلى ملكوت العرش ويشق عبابها عرضا ليملأ أفق الكوفة  سكينة وخشوعا مهيأً أهلها للصلاة...
 
 قمنا متأخرين بعض الشيء ولكن كان لابد من الذهاب للمسجد واللحاق بالصلاة جماعة ولو في الركعة الأخيرة، فقد وعدنا أبا الحسن بالصلاة في المسجد دائما...
 
أسبغنا الوضوء على عجل وخرجنا نهرول في أزقة الكوفة متجهين نحو المسجد، بينما كنا كذلك وإذا بصوت ينادي من السماء... «تهدمت والله أركان الهدى وانفصمت العروة الوثقى»!
 
تيبست أقدامنا من هول المسمع، ما هذا النداء المهول؟!
 
لا زال يدوي في أسماعنا.. تعكر صفاء الجو فجأة، إنه منظر لم نرى مثله من قبل...
 
ارتفعت الضجة من ناحية المسجد، فذهبنا هناك، وما إن وصلنا حذوه إلا والمصلون خارجون فزعين وهم يحملون رجلا يتقاطر الدم من رأسه..
 
 
 
 
 
اقتربنا أكثر لنتحقق من الأمر.. بدا وكأننا نعرف الرجل المحمول، فرغم أن هامته كانت مشقوقة ورغم أن ملامح وجهه كانت مغطاة بالدم إلا أننا جميعا عرفناه، وكيف لا نعرفه؟ كيف لا نعرف أبانا ؟! كيف لا نعرف من غمرنا بعطفه وحنانه ممسرعا ليجلب ؟!الآن تغمرك الدماء يا سيدي...
 
تبعناهم حتى وصلنا إلى دار الإمام، أردنا أن ندخل لنقوم برعايته  حتى يشفى لكننا منعنا من الدخول كما منع سائر الناس فظللنا واقفين على بابه مع العشرات من الناس طوال اليوم..
 
 
 
في اليوم التالي طلبنا الدخول على الإمام أكثر من مرة للاطمئنان على صحته ولكنه لم يسمح لنا، قيل أن صحته لا تحتمل مقابلة الناس، أخذنا نتساءل عن مدى قوة الضربة التي تلقاها الإمام على رأسه، وكيف أن رجلاً بقوة و عظمة الإمام تؤثر فيه تلك الضربة، و كيف أن ضاربه امتلك هذه الجرأة على ضربه، ترى ما مدى هذا الحقد الذي يملأ قلبه ليقوم بهذا العمل، أكيد أن قلبه ممتلئ حقداً كافياً لينقع فيه خنجره قبل أن ينقعه في السم..
 
جيء إلى الإمام بالطبيب لفحصه وعند خروج الطبيب سألناه عن حال الإمام فأخبرنا بسوء حاله ولكنه قال بأن اللبن ربما قد ينفعه...
 
استبشر الجميع وذهب كل شخص إلى بيته مسرعا  ليجلب اللبن للإمام، كل واحد يريد أن يكون الأسبق بإعطائه إياه...ذهبنا لدارنا مسرعين، وأخذ كل واحد حصته التي ادخرها من اللبن لإفطاره ورجع مرة أخرى إلى دار الإمام...
 
 وصلنا إلى دار الإمام حاملين أوعية اللبن الذي لا ندري أما زال لبناً أم أنه تحول إلى ماء من كثرة ما اختلط به من دموعنا.. طلبنا الدخول على الإمام مرة وأخرى و أخرى حتى سمح لنا بعد إصرار وإلحاح...
 
دخلنا على الإمام، كان ممدا على الفراش، معصوب الرأس، مصفر الوجه، ذابل الجسم.لكن رغم هذا كله لم تغب البسمة من شفتيه عندما رآنا...
 
عندما رأيناه بهذا الحال ألقينا بأنفسنا عليه باكين منتحبين، أخذ يمسح بيده على رؤوسنا كما كان يفعل من قبل، شعرنا أن يده ذبلت بعد أن كانت نضرة مرتوية إلا أنها لازالت تمدنا بنفس الحنان الذي من قبل. ما زال يمسح على رؤوسنا وهو يقول لابنيه: يا حسن... يا حسين، الله الله في الأيتام ،الله الله في الأيتام...بقينا نتساءل: هل ستبقى تلك اليد لتمسح علينا باقي حياتنا؟؟ 
 

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : مهند البراك من : العراق ، بعنوان : لا تعليق في 2011/08/19 .

غير البكاء والنحيب والعويل
على فقد الحبيب ابو الايتام عليه السلام
لم امسك نفسي وانا اقرأ .... ولن استطيع ان اضيف شيئا لهذه الرائعة التصويرية



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=8799
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16