أَلذِّكْرَى [الأَربَعُونَ] لانتِفَاضَةِ [ الأَرْبَعِينَ] [٢]
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نزار حيدر

لم تكُن الثَّورة الاسلاميَّة قد إِنتصرت بَعْدُ في إِيران، كما لم تكُن الجمهوريَّة الاسلاميَّة قد أَسَّسها بَعْدُ الامام الخُميني [قُدِّس سِرُّه] ولذلك لم يستطع الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين وإِعلامهُ الطَّائفي وأَبواقهُ المنتشرة في كلِّ مكانٍ من العالم إِتِّهام المُنتفضين الذين تحدَّوا قرار المنع بأَنَّهم [فُرسٌ مجوسٌ وروافض يأخذونَ أَوامرهم من (الخُميني الدجَّال)] على حدِّ وصف إِعلامهِ البائس فيما بعدُ كلَّما حصلَ شيءٌ ضدَّهُ في العراق! فظلَّ يلتفت يَمنةً ويَسرةً بحثاً عمَّن يُمكن لهُ أَن يتَّهمهُ بالوقوفِ وراء الانتفاضة فلم يجد إِلّا الجارة الأُخرى سوريا التي كانت علاقتهُ معها وقتها متدهوِرة إِلى أَبعد الحُدود، وذلكَ من خلالِ إِخراجهِ لسيناريو مسرحيَّة [القُنبلة السوريَّة] التي عثر عليها مُفوَّض الشُّرطة في صحنِ الامام الحُسين (ع)! [وكان تُركمانيّاً من أَهالي مدينة كركوك] وهو الفيلم الذي حبكَ إِعلامه إِخراجهُ للرَّأي العام! بالاضافةِ إِلى إِتِّهام المُنتفضِين بالعملِ على تقويضِ الاقتصاد الوطني بسبب أَنَّهم يأكلونَ البُرتقال بشراهةٍ! حسب الريبورتاج الذي نشرتهُ وقتها مجلَّة الحزبِ الحاكم [أَلف باء]!.
نعودُ إِلى السُّؤال؛
لماذا كلَّ هذه القوَّة العسكريَّة لمواجهة ثُلَّة من الحُفاة راموا إِحياء شعيرة من الشَّعائر الحسينيَّة التي تعوَّدوا عليها وتوارثوها من جيلٍ إِلى جيلٍ؟!.
الجواب، وبكلِّ بساطةٍ، أَنَّ الطَّاغيةَ الذَّليل [السيِّد النَّائِب وقتَها] الذي كان يُخطِّطُ للاستحواذِ على السُّلطة من الرَّئيس الخَرِف وقتَها [أَحمد حَسن البكِر] أَراد أَن يكسِر شوكتهُم ويهزم العراقييِّن نفسيّاً من أَجلِ أَن لا يفكِّروا بتكرارِ التَّحدِّي مرَّة أُخرى أَبداً وبأَيِّ شكلٍ من الأَشكال! ولذلك تراهُ أَنزلَ أَقسى العُقوبات [الاعدام] بحقِّ مجموعةٍ من المُشاركين وفيهم عددٌ من الشَّباب اليافع الذي لم يبلُغ الحُلُم! كما أَصدرَ أَحكاماً قاسيةً بحقِّ عددٍ آخرَ تراوحت بَيْنَ السِّجن المؤَبَّد وعِدَّة سنوات!.
لقد أَشرفَ الطَّاغية بنفسهِ على كلِّ ذلك لتظهرَ القَساوة والتوحُّش في شخصيَّتهِ للعراقيِّين! وهو الشَّيء الذي كان يحرص على إِظهارهِ في كلِّ مُناسبةٍ ومنذُ اليوم الأَوَّل الذي نزت فيهِ عصابتهُ على السُّلطة في بغداد في [١٧ تموز ١٩٦٨].
فكانَ يواجهُ أَبسط التحدِّيات كالمنشور السِّياسي مثلاً، بالاعدام، ومحاولة الاغتيال التي يتعرَّض لها على يدِ عددٍ محدودٍ من المسلَّحين بمحو المدينة التي تنطلق منها رصاصةٌ عن بِكرة أَبيها، كما فعلَ بمدينة الدِّجيل الصَّامدة والبطلة! ويواجه أَبسط تمرُّد برشِّ المدينةِ بالكيمياوي، كما حصلَ لمدينةِ حلبچة الشَّهيدة! ومعارضة عددٍ من أَفرادِ أُسرةٍ ما بالأَنفال كما حصل للبارزانيِّين! أَمّا إِنتفاضة شعبان الخالدة فقد تعامل معها بصواريخ أَرض أَرض والكيمياوي والمقابر الجماعيَّة!.
لقد بنى سياستهُ على القَسوة والتوحُّش على قاعدة [خُذوهم بالظِّنَّة واقتلوهُم بالتُّهمة].
فهل حقَّقَ النِّظامُ الدِّيكتاتوري البوليسي الشُّمولي ما أَرادَ من كلِّ هذهِ القَسوة؟! هل كسرَ شوكةَ الشَّعب؟! هل هزمَ المُؤمنين؟! هل تمكَّن من تكميمِ الأَفواه وإِخضاع النَّاس ومنع الشَّارع من التَّحدِّي والتمرُّد؟!.
٢٧ تشرينِ أَلأَوَّل ٢٠١٧
لِلتَّواصُل؛
E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat