الارهاب Terrorism ( الجزء 1 )
صلاح الاركوازي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صلاح الاركوازي

كما هو معلوم سواء لدى القارىء الكريم والمتابع سواء اكان متخصصا او مهتما او هو احد ضحايا الارهاب بان هذا المصطلح اصبحت من اكثر المصطلحات التي تؤرق الانسان والانسانية ، لذلك ساحاول في هذه السلسلة من المقالات ان اغطي هذا الموضوع ان شاء الله ، ونعتذر من القارى لطول الموضوع لكن مثل هذه المواضيع تحتاج الى كتب ومجلدات .
الإرهاب والاستخدام المنهجي للإرهاب، هو عبارة عن وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع الدولي.
ولقد إستأثرت ظاهرة (الإرهاب) العالمي خلال العقد الاخير من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين بإهتمام متزايد من البلدان المتقدمة والنامية على حدٍ سواء، وذلك نتيجتاً للأثار السلبية التي ترتبها في حياة المجتمعات البشرية، إذ ارتبط شيوع هذه الظاهرة بتطور الأحداث الجارية في الساحة السياسية وتعمقها، حتى أضحى مفهوم (الإرهاب) صفة لصيقة لكل حدث سواء كان مخططا أم غير ذلك والإطار العام الرئيس الحاكم لحركة الدول وسياستها المختلفة.
وهنا فقد اختلفت التفسيرات والدوافع التي أدت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب بين من يؤكد ان حالات التنافس والصراع الدولي ساعدت في تغذية ونمو ظاهرة الإرهاب، وبين من يدعي ان الإرهاب ظاهرة طبيعية يمكن ان تظهر في أي مجتمع مرتبطة بعوامل مختلفة منها البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الدينية و الايديولوجية ، إن أي معالجة لقضية ذات صلة ببعض المفاهيم تحتاج ان تحدد تلك المفاهيم من خلال تعريف يوضح مكوناتها وخصائصها.
وقبل تحديد معنى ومفهوم الإرهاب ينبغي الإشارة مسبقا إلى أن لفظة الإرهاب Terror تعود في أصلها إلى اللغة اللاتينية حسبما تشير إلى ذلك معاجم اللغة، وهي كلمة تمتد إلى لغات ولهجات المجموعات الرومانية ثم انتقلت اللفظة فيما بعد إلى اللغات الأوربية الأخرى.
وهاتان المشتقتان الإرهاب Terror، والأعمال الإرهابية Terror action أصبحتا شائعتي الاستعمال في ادبيات السياسة الدولية.
اذ تعد مشكلة تحديد التعاريف وتصنيفها واحدة من اصعب واعقد المشاكل التي تواجه العديد من الباحثين والمهتمين بالسياسة الدولية، لما تنطوي عليه من الخلط والتداخل الذي يعتري بعض المفاهيم المرتبطة بها.
وبالتالي يجري فهمها وتفسيرها من وجهات نظر عديدة ومختلفة قد تقود إلى عدم تكوين صورة واضحة حول الظاهرة موضوع الدراسة.
وعلى اساس ما تقدم يمكن تناول بعض التعاريف فيما يخص ظاهرة الإرهاب:
أولا : مفهوم الإرهاب: يعرف الإرهاب لغة بأنه (الترويع وإفقاد الأمن بمعناه الأوسع بهدف تحقيق منافع معينة).
فيما يعرف الإرهاب دوليا بأنه (اعتداء يصل إلى حد العمل الإجرامي ولكن المستهدف بهذا الإرهاب وطبيعته السياسية هو الذي يفرق في الطبيعة القانونية لهذا العمل بين الجريمة السياسية والجريمة الإرهابية).
من جهة أخرى يعرف علم الاجتماع السياسي الإرهاب بأنه (كل تصرف أو سلوك بشري ينزع إلى استخدام قدر من القوة القسرية بما في ذلك الاكراه والاذى الجسدي والاستخدام غير المشروع للسلاح ولتقنيات التعذيب التقليدية والحديثة المخالفة لحقوق الانسان الاساسية التي اقرتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية في التعامل مع ادارة العلاقات الانسانية بما في ذلك الاختلافات في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بهدف تحقيق غايات في تلك المجالات تتراوح بين الاخضاع والضغط والتعديل والتهميش (الإقصاء) وقد يطال اخرين غير مستهدفين، هذا السلوك البشري القسري غير السلمي يحدث بين الأفراد أو الجماعات أو السلطات بعضها تجاه بعض داخل مجتمع معين أو بين مجتمعات معينة وعناصر معينة.. ويتولد اساسا من تقاطع أو تداخل أو تظافر عناصر من بيئات مختلفة).
فالإرهاب قد يكون أحيانا (فعل) وفي أحيان كثيرة (رد فعل)، وفي كلتا الحالتين يستهدف من ورائه جماعة معينة أو أشخاص معينين بهدف إيقاع الرعب والفزع في نفوسهم هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يكون الطرف الذي وقع عليه فعل الإرهاب ليس هدفا بحد ذاته وانما هو وسيلة لإيقاع التأثير في طرف اخر بحيث تتولد لديه الرغبة أو الإجبار في الخضوع لارادة الطرف القائم بفعل الإرهاب فالطرف الأول المستهدف بالإرهاب غالبا ما يكون هو الطرف الاضعف لهذا يتم استهدافه، في حين أن الطرف الثاني (الذي يقع عليه فعل الإرهاب) يتوافر على عوامل قوة اكبر بحيث يتم تجنب الصدام المباشر معه.
مما تقدم، نستنتج أن الإرهاب ظاهرة خطيرة في حياة المجتمعات الانسانية وهو أسلوب متدن للوصول إلى الأهداف فالإرهاب ليست له هوية ولا ينتمي إلى بلد وليست له عقيدة إذ انه يوجد عندما توجد أسبابه ومبرراته ودواعيه في كل زمان ومكان وبكل لغة ودين.
وهنا يطرح التساؤل الاتي، ما هي دواعي الإرهاب؟ وما هي الأسباب التي جعلته ظاهرة عالمية تزداد توسعا وانتشارا؟ وما هي السبل والحلول الكفيلة لمعالجة واستئصال هذه الظاهرة؟
والإرهاب لا يوجد لديه أهداف متفق عليها عالمياً ولا ملزمة قانوناً، وتعريف القانون الجنائي له بالإضافة إلى تعريفات مشتركة للإرهاب تشير إلى تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف، ويكون موجهاً ضد أتباع دينية وأخرى سياسية معينة، أو هدف أيديولوجي، وفيه استهداف متعمد أو تجاهل سلامة غير المدنيين. بعض التعاريف تشمل الآن أعمال العنف غير المشروعة والحرب. يتم عادة استخدام تكتيكات مماثلة من قبل المنظمات الإجرامية لفرض قوانينها.
فمن منهجية التعاطي المزدوج في مسألة الإرهاب تمثّل سابقة خطيرة على السلام والعدل والاستقرار، وإذا ما سكت العالم على الإرهاب بمعاييره ومقاييسه القائمة، فإن القضاء على الإرهاب سيكون كمن يحارب طواحين الهواء ـ كما فعلها دون كيشوت..
وبسبب التعقيدات السياسية والدينية فقد أصبح مفهوم هذه العبارة غامضاً أحياناً ومختلف عليه في أحيان أخرى. الجدير بالذكر أن المسيحين قد عانوا منه بسبب إستهداف الجماعات المتطرفة لهم وأيضاً الإسلام في الوقت الراهن قد نال نصيب من هذه العبارة لأسباب سياسية تحكمها صراعات دولية وإقليمية.
والذي يدعو إلى الأسف أن مصطلح الإرهاب لا يزال ورقة يتلاعب بها الكثيرون ويتقاذفون بها كالكرة فيما بينهم، وكل يوصم الآخر بالإرهاب فالقضاء على أسباب الإرهاب خطوة إيجابية لدحره وتقزيمه ولو بصورة متدرجة، وهو في اعتقادنا أفضل الأساليب لاستئصاله من جذوره، وهذا الإرهاب لا نختلف جميعاً على رفضه ونبذه بكل أنواعه وصنوفه ومبرراته، لكن الأسباب الكامنة لعلاجه مسألة هامة للقضاء على الإرهاب.
من هذه الأسباب، أن الكثير من المجتمعات في العالم تفتقر إلى الديمقراطية والتعددية السياسية وآلياتها في الاختيار الحر النزيه من خلال الانتخابات التشريعية، إلى جانب أن أحزمة الفقر وظروف الهجرة الكثيفة إلى المدن، وانتشار الأحياء العشوائية من أسباب انتشار التطرف الذي هو بلا شك محصلة أخيرة للإرهاب، كما أن عجز بعض السكان عن التكيف مع قيم المدينة الحديثة، وطريقة حياتها القائمة على المنفعة المادية البحتة، وافتقارها إلى الكثير من قيم المدن الصغيرة أسهم في الكثير من أسباب الاحتجاج والتطرف.
هذه الأسباب اجتمعت مع أسباب أخرى وهي غياب العدالة، وازدواجية المعايير في القضايا السياسية، وغيرها من الأسباب المساهمة في بروز ظاهرة العنف والإرهاب، كظاهرة عالمية والتي تحتاج إلى التقييم والفهم والتعامل العادل.
يؤكد باحثون أن تاريخ العمل الإرهابي يعود إلى ثقافة الإنسان بحب السيطرة وزجر الناس وتخويفهم بغية الحصول على المبتغى بشكل يتعارض مع المفاهيم الاجتماعية الثابتة، وقد وضع الكاتب تفسير لمعنى كلمة الإرهاب ووصفه أنه العنف المتعمد الذي تقوم به جماعات غير حكومية أو عملاء سريون بدافع سياسي ضد أهداف غير مقاتلة، ويهدف عادة للتأثير على الجمهور.
العمل الإرهابي عمل قديم يعود بالتاريخ لمئات السنين ولم يستحدث قريباً في تاريخنا المعاصر. ففي القرن الأول وكما ورد في العهد القديم، همت جماعة من المتعصبين على ترويع اليهود من الأغنياء الذين تعاونوا مع المحتل الروماني للمناطق الواقعة على شرق البحر المتوسط. وفي القرن الحادي عشر، لم يجزع الحشاشون من بث الرعب بين الأمنين عن طريق القتل، وعلى مدى قرنين، قاوم الحشاشون الجهود المبذولة من الدولة لقمعهم وتحييد إرهابهم وبرعوا في تحقيق أهدافهم السياسية عن طريق الإرهاب.
وبحسب حقبة الثورة الفرنسية الممتدة بين الأعوام 1789 إلى 1799 والتي يصفها المؤرخون بـ"فترة الرعب"، فقد كان الهرج والمرج ديدن تلك الفترة إلى درجة وصف إرهاب تلك الفترة "بالإرهاب الممول من قبل الدولة". فلم يطل الهلع والرعب جموع الشعب الفرنسي فحسب، بل طال الرعب الشريحة الأرستقراطية الأوروبية عموماً.
ويرى البعض أن من أحد الأسباب التي تجعل شخص ما إرهابياً أو مجموعة ما إرهابية هو عدم استطاعة هذا الشخص أو هذه المجموعة من إحداث تغيير بوسائل مشروعة، أكانت اقتصادية أو عن طريق الاحتجاج أو الاعتراض أو المطالبة والمناشدة بإحلال تغيير. ويرى البعض أن بتوفير الأذن الصاغية لما يطلبه الناس (سواء أغلبية أو أقلية) من شأنه أن ينزع الفتيل الذي من خلاله يمكن حدوث أو تفاقم الأعمال الإرهابية.
لا شك أن مصطلح الإرهاب، كما تحدده المصطلحات السياسية، هو أسلوب من أساليب الصراع الدولي الذي يقع فيه ضحايا بصورة جزافية أو رمزية كهدف إيقاع أذى أو عنف فعال لطرف آخر، بدون أن يكون هدفا أسمى للعمل الإرهابي.
لكن الإشكالية التي تسهم في غموض هذا المصطلح وجعله أكثر التباساً، هو عدم التفريق الدقيق بين الإرهاب كظاهرة عالمية، غير محدد بدولة أو بشعب أو بعقيدة، وبين كفاح الشعوب ونضالها لنيل حقوقها المشروعة في التحرير ومحاربة المحتل والمستعمر.. وهذه بلا شك قضية محورية يجب أن توضع في مكانها الصحيح، وتنضبط وفق مقاييس دقيقة وثابتة بعيداً عن الأهواء والميول والاتجاهات الأيديولوجية واختلافها.. فمصطلح الإرهاب يستخدم أحياناً بطريقة انتقائية وتلصق أحيانا على أعمال لا تندرج ضمن مفهوم التعريف المشار إليه آنفاً، وهذه مسألة تثير الارتياب في تعريفات بعض الدول للإرهاب ومنها الولايات المتحدة على وجه التحديد.
ولا شك أن العمل الإرهابي في بعض أهدافه ـ كما يقول د/ منصور الزهراني ـ " يستهدف عادة تحقيق غايات سياسية، أو اقتصادية أو اجتماعية، وهو في ذلك يوجه إما إلى أشخاص أو إلى ممتلكات خاصة أو عامة. والإرهاب كما أنه عمل فردي يقوم به شخص أو مجموعة من الأشخاص، فإنه قد يكون سلوكاً حكومياً نظامياً وهو ما يسمى إرهاب دولة،فعلى سبيل المثال الإرهاب الإسرائيلي في احتلاله وجرائمه التي ارتكبت ضد العرب في فلسطين يعد أفظع أساليب الإرهاب في عصرنا الراهن، وهذا الإرهاب الإسرائيلي ربما يفوق الإرهاب القديم بما يملكه من وسائل حديثة ووحشية منذ منتصف القرن الماضي إلى الآنوليس أقوى داعم للإرهاب مثل تجاهل أسبابه الكامنة والموضوعية لقيامه وانتشاره في المجتمعات الحديثة، وخاصة في عصر الثورة المعلوماتية والعولمة، ونتيجة للفوارق الاقتصادية والاجتماعية، فإن التطرف والإرهاب سوف يعشش ويقتات من هذه السلبيات التي تزداد بازدياد أنظمته العالمية الجائرة والمجحفة في تعاملها الاقتصادي وفق النظرية الدارونية البقاء للأقوى "بدل البقاء للأصلح !
أيضاً من السلبيات التي تسهم في انتعاش الإرهاب قضية الازدواجية والمعايير في السياسة الدولية، والكيل بمكيالين عند التعاطي معها، والتي أصبحت ظاهرة تؤرق العالم، والشعور بالظلم إزاء بعض القضايا التي باتت تستعصي على الهضم والتقبل، مثل معاناة الشعب الفلسطيني والقتل العشوائي، والكوارث الإنسانية التي يلاقيها هذا الشعب من هذا الحصار الظالم والحصار... إلخ.
والمشكلة التي يجب طرحها أن الولايات المتحدة واجهت إرهاباً فظيعاً لم تكن تتوقعه بالصورة التي حدثت، وبدلاً من التروي والدراسة المتأنية لاتخاذ الرد على هذا الإرهاب المفاجئ، قامت بشن حرب على أفغانستان، لاحتضانها أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة المتهم بهذه التفجيرات في 11 سبتمبر 2001م، ثم أكملت ذلك باحتلال العراق، بعد تبريرات أصبحت في ذمة التاريخ، ومنها امتلاك النظام السابق!
والغريب أن الولايات المتحدة لم تناقش بجدية قضية الكراهية التي تواجهها من غير الكثير من دول العالم في هذا العصر، فالكثير من أسباب الكراهية المرفوضة، ربما تزيد في معدلات الإرهاب وتناميه بصورة مضطرة والسؤال الذي يحتاج إلى أجوبة صريحة من العالم كله: لماذا لا يتساوى إرهاب شارون مع إرهاب أسامة بن لادن المشتبه به في تفجيرات نيويورك وواشنطن بنفس الوقفة والحدة والصرامة؟
الإرهاب لغة واصطلاحا.
منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي وكلمة ” الإرهاب” ومشتقاتها من أمثال ” إرهابي” و الإرهاب المضاد” وغيرها قد غزت بالفعل أدبيات جميع فروع العلوم الاجتماعية، فالمؤلفون في ميادين علم النفس وعلم الإجرام وعلم الاجتماع، وعلم اللاهوت … انكبوا على دراسة هذا الموضوع أكثر من أي ظاهرة اجتماعية – سياسية أخرى في عصرنا والذي يقرأ ويشاهد أو يستمع إلى رسائل الإعلام المختلفة، يعتقد أننا نعيش في حقبة من هوس الإرهاب، وأن الإرهاب هو الخطر البادي للعيان، وهو التهديد الرئيسي لوجود جيلنا والأجيال المقبلة ما لم يزل أثر هذه الظاهرة غير القابلة للاحتمال من وجه الأرض إلى الأبد .
وفي هذه الدراسة سنحاول تهديد مفهوم الإرهاب سيما بعد صدور ونشر أكثر من 6000 كتاب ومقال وبحث حول الإرهاب والإرهاب المضاد خلال سنوات السبعينات والثمانينات وتأسيس الكثير من المعاهد التابعة للجامعات أو الحكومات لدراسة الإرهاب وثبوت عدم وجود اتفاق محدد لمفهوم الإرهاب.
وسنعرض لماهية إرهاب من خلال التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي بالتطرق إلى التعريف الفقهي العربي منه والغربي وكذا التعريف التشريعي المغربي.
أولا: الإرهاب لغة
Terrorism is a Language
أتت كلمة رهبة من رهب، رهبا ورهبه خافه وأرهب فلانا خوفه وفزعه والإرهابيون وصف يطلق على الذين سيسلكون سبل العنف لتحقيق أهدافهم السياسية وفي القرآن الكريم عماد الشريعة الإسلامية ودستورها جاء ذكر مصطلح الرهبة ومشتقاته ثماني مرات، وقد استعملت الكلمة مرة واحدة بمعنى إضافة عدو الله وعدو المؤمنين خلال الجهاد، حيث قال جل شأنه :{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} ، أما الآيات السبع الأخرى فقد استعملت كلمة الرهبة من أجل الدعوة إلى مخافة الله فحسب .
ويعود ظهور كلمة الإرهاب إلى الثورة الفرنسية، وترتبط بما يسمى حكم الإرهاب الذي يرى فيه روبيسبير ورفاقه عنوانا للفضيلة ولم تتحول هذه الكلمة عن معناها إلى المعنى الحالي والذي يضم أعداء المجتمع والخارجين على نظامه إلا بعد أن وصلت انجلترا وجعلت كاتبا ومفكرا مثل ” أدمون بيرلي” يطلق على الجماعات التي تحاول الترويج لآرائها بأسلوب التخويف والإكراه بقوله ” الآلاف من أوغاد الجحيم الذين يسمون بالإرهابيين”:
وقد أورد الدكتور عبد العزيز مخيمر عبدالهادي ” في كتابه ” الإرهاب الدولي” بعض التعريفات اللغوية نورد منها ما يلي :
1-القاموس الفرنسي لاروس: يعرف الإرهاب بأنه ” مجموعة أعمال العنف التي ترتكبها مجموعات ثورية أو أسلوب عنف تستخدمه الحكومة ”
2-قاموس اللغة روبير : يعرف الإرهاب بأنه ” الاستخدام المنظم لوسائل استثنائية للعنف من أجل تحقيق هدف سياسي”
3-قاموس اللغة الإنجليزية: الصادر عن مطابع اكسفورد يعرف الإرهاب بأنه ” استخدام الرعب خصوصا لتحقيق أغراض سياسية”.
” الإرهاب والرهبة لغة توازي الخوف والذعر… يقال فلان أرهب فلانا أو جماعة : أي أخافهم و عمد إلى نشر الذعر بين صفوفهم في تملهم الفزع…” قال ابن منظور في كتابه لسان العرب” رهب بالكسر يرهب ورهبا بالضم ورهبا بالتحريك أي خاف، ورهب الشيء رهبا ورهبة : خافه.
وفي التعريف اللغوي يقول الأستاذ تامر ابراهيم الجهماني: ” إن كلمة ” رهبة” من الناحية اللغوية، ينحدر أصلها من اللغة اللاتينية فيما بعد إلى لغات أخرى لدرجة أصبحت مشتقاتها ” الإرهابي، الإرهاب، الأعمال الإرهابية، الإرهاب المضاد… إلخ واسعة الانتشار وطبقا لما يقوله ( بوغدان زلاتريك) فإن مصطلح ” الإرهابيين.. أصبح مصطلحا موضع استعمال متباين مقرونا بمضامين جنائية”.
ويبقى الإرهاب كمفهوم لغوي في ظل القواميس العربية مرادفا للعنف غير المشروع أو بالأحرى بديلا له وعلق الدكتور عبد الهادي على ذلك بأن الإرهاب وتحقيق أغراض سياسية، مرده ارتباط هذه التعريفات بالمراحل الأولى لظهور مفهوم الإرهاب، حيث كان الإرهاب متمثلا في ممارسة أعمال العنف المتبادل بين السلطة السياسية ومجموعة أو مجموعات أو منظمات الثوار المناهضين لها ورأى ان مفهوم الإرهاب لم يعد يقتصر على الصراع بين السلطة السياسية ومعارضها ولكنه قد يستخدم للابتزاز وتحقيق مآرب شخصية أو ذاتية .
ثانيا :الإرهاب اصطلاحا
Terrorism as a Convention
سنتطرق للتعريف الاصطلاحي للإرهاب للبحث في مفهوم الظاهرة من خلال المجهودات التي بدلها الفقه وكذا التعريفات الواردة في العديد من التشريعات الوطنية .
- التعريف الفقهي
- الفقه العربي
دخلت فكرة الإرهاب عالم الفكر القانوني العقابي الذي انعقد في مدينة وارسو في بولاندا عام 1930م ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف المحاولات الفقهية لوضع تعريف جامع مانع للإرهاب.
- التعريف الفقهي
عرف الدكتور حسنين عبيد الإرهاب بأنه ” الأفعال الإجرامية ضد الدولة والتي يتمثل غرضها أو طبيعتها في إشاعة الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص أو من عامة الشعب وتتسم الأعمال الإرهابية بالتخويف المقترن بالعنف مثل أعمال التفجير وتدمير المنشآت العامة وتحطيم السكك الحديدية والقناطر وتسميم مياه الشرب ونشر الأمراض المعدية والقتل الجماعي .
ووضع الفقيه المصري الأصل الدكتور شريف بيسوني، رائد القانون في حقل الإرهاب تعريفا حديثا أخذت به فيما بعد لجنة الخبراء الإقليميين التي نظمت اجتماعاتها الأمم المتحدة في مركز فيينا ( 14-18 مارس 1988) الإرهاب هو استراتيجية عنف محرم دوليا، تحفزها بواعث عقائدية، وتتوخى أحداث عنف مرعب داخل شريحة خاصة من المجتمع من مجتمع معين، لتحقيق الوصول إلى السلطة، أو القيام بدعاية لمطلب أو لمظلمة، بغض النظر عما إذا كان مقترفوا العنف يعملون من أجل أنفسهم ونيابة عنها أو نيابة عن دولة من الدول” .
والتعريف الذي قدمه الدكتور بسيوني هو أقرب التعريفات إلى الواقع العملي.
الفقه الغربي:
اختلف هذا الفقه وتضاربت آراءه بهذا الصدد، باختلاف المعايير التي يعتمدها أصحابها لتحديد مفهوم العمل الإرهابي وهو ما يمكن أن نعزوه إلى كل باحث يحمل أولويات معينة، وأفكار مسبقة، تسيطر على ذهنه في تحديد مدلول فكرة الإرهاب.
الاتجاه الأول :إن ما يميز العمل الإرهابي في هذا الاتجاه هو طابعه الإديولوجي.
الاتجاه الثاني :يذهب هذا الاتجاه إلى أن ما يميز العمل الإرهابي عن الصفة العشوائية
الاتجاه الأول :إن ما يميز العمل الإرهابي في هذا الاتجاه هو طابعه الإديولوجي.
إن ما يميز العمل الإرهابي في هذا الاتجاه هو طابعه الإديولوجي فقد عرف ايريك دافيد الإرهاب بأنه ” عنف إيديولوجي يرتبط بأهداف سياسية .
واعتمد صالدانا في تحديده لمفهوم الإرهاب على أعمال العنف السياسي حيث يعرف الجريمة الإرهابية بأنها “كل جناية أو جنحة سياسية يترتب عنها الخوف العام” وينحاز إلى هذا الاتجاه معظم الكتاب السياسيين في الغرب حيث عرف ليسرير وهو أحد كبار المسؤولين الأمريكيين المكلفين بدراسة موضوع الإرهاب، عرفه بأنه ” النشاط الإجرامي المتسم بالعنف الذي يهدف إلى التخويف من أجل تحقيق أهداف سياسية” وإذا كان يغلب على الجرائم الإرهابية أنها تتم لأهداف سياسية، فالهدف السياسي ليس بالضرورة أن يكون غالبا في الإرهاب كما يقول بيفابري إلا أن هذه الصفة ليست هي المميز الوحيد للعمل الإرهابي.
الاتجاه الثاني :يذهب هذا الاتجاه إلى أن ما يميز العمل الإرهابي عن الصفة العشوائية
يذهب هذا الاتجاه إلى أن ما يميز العمل الإرهابي عن الصفة العشوائية، فالعمل الإرهابي” هو عمل عنف عشوائي ” un acte de violence aux effets indicernés ” وأهم خصائص الإرهاب وفقا لهذا الاتجاه أنه ذو أثار غير تمييزية ، فالإرهاب لا يهمه تحديد أشخاص ضحايا بقدر ما تهمه النتائج والآثار التي تحدثها أفعاله.
تعتبر الأفعال الجرائم الآتية أفعال إرهابية إذا كانت لها علاقة بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف :
اولا - الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص أو على سلامتهم أو على حرياتهم أو اختطافهم أو احتجازهم
ثانيا - تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو تزييف أختام الدولة والدمغات والطوابع والعلامات أو التزييف المنصوص عليه في الفصول 360-361-362 من هذا القانون.
ثالثا - التخريب أو التعييب أو الإتلاف.
رابعا - تحويل الطائرات أو السفن أو أية وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلاف منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال.
خامسا - السرقة وانتزاع الأموال .
سادسا - صنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة خلافا لأحكام القانون .
سابعا - الجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.
ثامنا - تزوير أو تزييف الشيكات أو أية وسيلة اداء أخرى المشار إليها على التوالي في المادتين 316 و 331 من مدونة التجارة.
تاسعا - تكوين عصابة أو اتفاق لأجل اعداد أو ارتكاب فعل من أفعال الإرهاب.
عاشرا - إخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة إرهابية مع علمه بذلك.
1 - الجهود القانونية الدولية في الاتفاقيات الدولية.
International legal efforts in international agreements.
2 - الجهود القانونية الدولية في الاتفاقيات الإقليمية.
International legal efforts in regional agreements
3 - الاتفاقية الأوروبية لقمع الإرهاب.
European Convention for the Suppression of Terrorism
4 - الاتفاقيات العربية لمكافحة الإرهاب.
Arab conventions against terrorism
5 - معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي:
Treaty of the Organization of the Islamic Conference on Combating International Terrorism
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat