, أردتُ إخباركِ وعجزت، عن قصة هذه الثياب التي يرتديها ولدك في الصورة التي تحملينها، أضحت ثياب النهاية كما كنتُ لفافة البداية... عند ذلك السرادق الذي تتقدّم مدخله طاولة خشبية رمادية اللون، تقف عليها بعض الصغيرات وهن يسكبن اللبن في الأقداح، يقفن على أصابعهن ليبدين أطول مما هنّ عليه... وعلى تلك الحصيرة المليئة بتراب الأقدام، وصورة من دون برواز لرسم للإمام الحسين... هنا... كنتِ كمَن يحدد خطوط الرسمة، يضع أرقام المعادلة، كأنكِ تسقين نباتاً بطيء التجذّر، كأنكِ تعلّقين يافطات يحملن عناوين الخلود، كأنك تصفّين حجراً للعبور، تمدّين سلّماً للسماء... أسدلتي ستارة هذا السرادق ومددتي ساقيك المتعبتين من طول الطريق، وضعتني عليهما ثم لففتي بي رضيعك النائم، جيء إليك بأحد كؤوس اللبن، فشربتها ثم أرضعتي ولدكِ وغفوتما معاً على تلك الأرض، لتكملان بعدها الطريق الىٰ كربلاء. يا للقصة القصيرة، لم أخبركِ، حتى عند آخر موعد لي معه عندما كبر قليلاً وما عاد بحاجة لي، حُشرت في خزانة الثياب قليلة الإستعمال وكتمت سري معي... سينام ولدك على الأرض أيضاً، وسادته الرمل من دون كتفك، من دوني أنا القماط الأبيض، سينام على أرض معركة شريفة، بثوب الجندي المخلص، يُسقى المنون ليصل الى حضن الحسين، يوسد لحده بهذا الزي المرقط، من دون كفن، أنا آخر لفافة بيضاء تحوطه، إن ابنكِ شهيد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat