صفحة الكاتب : شاكر فريد حسن

" العوسج " رواية جديدة للكاتب الفلسطيني عبد اللطيف مهنا  
شاكر فريد حسن

 "العوسج" هي أحدث أعمال الكاتب والشاعر والسياسي والفنان التشكيلي الفلسطيني عبد اللطيف مهنا، المولود في خان يونس في القطاع سنة 1946، والمقيم في بودابست، الذي قال عنه الفنان الراحل مصطفى الحلاج إنه "يكتب اللوحة، ويرسم القصيدة" وهو فعلًا كذلك. 

والرواية صادرة عن دار الرعاة للدراسات والنشر في رام اللـه، ودار "جسور ثقافية" للنشر والتوزيع في عمان، وتقع في 229، وهي الرواية الأولى التي يصدرها عبد اللطيف مهنا بعد أربعة دواوين شعرية، هي: "كأنها هن، إنها هن، أعشق صبرا واشترط، وابتهالات للوطن". إضافة إلى كتابه "أدبيات سياسية"، ومجموعة من الأعمال التشكيلية. 

يقول عبد اللطيف مهنا عن روايته:" إنها سردية مثقلة بالرموز، التي تنوء بدورها تحت ثقل أسئلتها الكثيفة والمائرة، وتلهث في معارج تشعُّبات رسائلها التائهة. أنا لا أريد أن أفسد على القارئ حقه في اكتناه منداح عوالمها بنفسه، أكتفي بالقول إنها استندت لواقعٍ، لتجربةٍ مُعاشةٍ خلف قضبان، لكنها حاولت أن تنأى بنفسها عن السائد، فيما يعرف بأدب السجون، جهدت لأن تدير ظهرها ما استطاعت للقضبان، وتنبري للغوص عميقاً في عوالم من هم خلفها، انشغلت بتلك اللحظات واللقطات الإنسانية جداً لدى إنسانها هناك، وإذ لم تنس إنصاف السجان، إذ تراه ضحيَّةً هو الآخر، ناست فيما قبل القضبان وفيما بعدها علَّها تجد فرقاً بين ما هو داخلها وخارجه. ويضيف :" من خصوصيات العوسج أنها، وعامدةً، لم تذكر مسمَّيات لأمكنةٍ ولا ذكرٍ لأزمنةٍ، لكنما، ومنذ أول سطرٍ فيها، أتاحت لقارئها ببيّنة ويسر التنقُّل في أمكنتها، وعلى متن أزمنتها، وكأنما في يده خارطة وبرفقة دليله السياحي، زد عليه، أنها أعطته ميزة إسقاطها على ما شاء من أمكنة دنيانا وأزمنتنا العربية.. 

العوسج لا تعترف بالحدود الما بين بثور القطريات الطافحة على سحنة خريطة الأمة، تجاهلتها وحفلت بشخوصها، الذين جمعت شملهم القضبان من أربع جهات منابتهم، لذا انتثرت فيها، وعن عمدٍ، شذرات من لهجات محلية تشي بهذه المنابت.. فنيّاً، وأسلوباً، حاولت جهدي أن أكون في هذه الرواية كما أظنني في الشعر والتشكيل، نسيج وحدي ولا أشبه إلا أنا. الماضي هنا لا يبدو لنا من خلف حاضرنا، بل وكأنما حاضرنا هو الذي من خلفه، مبينا أن "العوسج شجرة يعرفها أهلنا، لا سيما في الجنوب الفلسطيني، تشبهنا ونشبهها، رقيقة الأوراق، لكنها شاهرةً أشواكها المدببة، ماضيةً في صراعها الوجودي مع العطش وتقلُّبات الفصول، تراها صامدةً في تربة رملية جافة، أو معلَّقة في أعلى سفح جرف بوادٍ، حيث تمرجحها الرياح وتمر عليها السنون وتمضي وهي الباقية المتشبثةً بمكانها، حتى ليخيَّل لك أنها لن تبارحه ولن تسمح له بأن يبارحها !". 

تتناول "البنفسج" عالم الشتات والمنافي والسجون في الستينات من القرن الماضي، وتسجل لكفاحات الشعب الفلسطيني، وتصور العلاقات الاجتماعية، ويمكننا أن ندرجها في  باب " الأدب الاعتقالي" أو "أدب السجون"، وهي تتقاطع مع عالم عبد الرحمن منيف في " شرق المتوسط"  في سردها ووصفها للأحداث. 

ونجد عبد اللطيف مهنا يتحدث في روايته عن تجربة اعتقاله في أحد سجون دولة خليجية، سافر إليها كي يعمل رسام كاركاتير في أحد صحفها، وما كان أن دبرت له مكيدة، فيتم اعتقاله ويتخذ قرارًا بترحيله إلى بلده الذي اكتمل احتلاله في العام 1967. 

وما يميز الرواية طغيان اللغة الشعرية، والتلقائية في التعبير، وبساطة شخصياتها، فضلًا عن ثرائها الإنساني الذي يبدو تلقائيًا في التفاعل بين الأسرى والسجناء الذين ينتمون لشرائح مختلفة ويلتقون في شعورهم بالظلم والوجع والقهر الإنساني.  

وفي روايته حرص عبد اللطيف مهنا توظيف كل خبرته في السرد الذي لا ينقصه التشويق، والاستعانة باللغة القادرة على نقل المشاعر والأحاسيس دون مبالغة، وفي إدارة الحوار المعبر عن مدى وعي الشخصيات، وفي التنويع على السرد بالعودة إلى الماضي واستحضار ذكريات الشخصيات، وتوزيعها بطريقة فيها امتاع من جهة، وكشف عن طبيعة هذه الشخصيات من جهة أخرى. 

" البنفسج" رواية تتسم بحبكة جيدة، وسرد ممتع ومشوق، كتبت بحس شاعري وأسلوب أدبي رفيع، ومقاربة واقعية لأحداثها وطريقة رسم شخوصها. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شاكر فريد حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/28



كتابة تعليق لموضوع : " العوسج " رواية جديدة للكاتب الفلسطيني عبد اللطيف مهنا  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net