إفطارٌ على لحم ٍ ميّت ٍ
عبير المنظور
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبير المنظور

من الرذائل الاخلاقية التي نهى عنها الاسلام واكد على تجنبها هي الغيبة .
و"الغيبة، و هو أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه، فإن كان صدقا سمي غيبة، و إن كان كذبا سمي بهتانا"(١)
وتتأكد كراهة هذه الخصلة السيئة في شهر رمضان المبارك لان الصائم في شهر رمضان يحاول قدر الامكان المحافظة على صومه وتعبه في شهر رمضان سواء صوم الجوارح او صوم الجوانح وللتأكيد على هذه الجوانب وصفت بعض الروايات الغيبة بانها تفطر! كما ورد عن النبي صلى الله عليه واله وسلم : " الغيبة تفطر الصائم "(٢)
وفي وصية له قال صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله:"...يا علي احذر الغيبة والنميمة، فإن الغيبة تفطر والنميمة توجب عذاب القبر...."(٣)
كما جاء عنه ايضا صلى الله عليه واله: " من اغتاب مسلما أو مسلمة ، لم يقبل الله تعالى صلاته و لا صيامه ، أربعين يوما و ليلة ، إلا أن يغفر له صاحبه " ، و عنه ( صلى الله عليه و آله ) قال : " من اغتاب مسلما في شهر رمضان ، لم يؤجر على صيامه "(٤)
ولو تأملنا جيدا في ظاهر الروايات اعلاه يتبادر للذهن ان الغيبة تعتبر مفطرا ماديا للصيام ولكن في حقيقة الامر لا يعدو كونه افطارا معنويا حسب رأي اغلب الفقهاء والمراجع اي ان الصيام صحيح لكن لايؤجر الصائم عليه وهنا لا ينال الصائم المستغيب من صيامه الا الجوع والعطش.
كما انه على الصائم ان يجتنب المفطرات المعنوية كاجتنابه المفطرات المادية ، فالصيام ليس امتناعا من طعام وشراب مادي وانما تجنب للطعام والشراب المعنوي ايضا فالصيام الحقيقي معادلة التوازن بين صيام الروح والجسد في حركة تفاعلية للارتقاء مفاهيميا وسلوكيا في هذا الشهر الكريم وتكون ثمرة شهر رمضان الحقيقية .
فهل هناك شيء في الدنيا يستحق بان نفسد صيامنا في شهر رمضان ولا نؤجر على تعبنا ونصبنا فيه؟
وكلنا نعلم ان القرآن الكريم شبّه لنا الغيبة تشبيها معنويا دقيقا بقوله تعالى
"...وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ ...." (الحجرات/١٢).
فهل نتخيل انفسنا في شهر رمضان الذي اعتدنا فيه ان نهيئ لموعد الافطار المادي ونترقب موعده اننا نسبقه ونُفطر معنويا على لحم ميت!
الهوامش:
(١) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج١٠، ص: ٤٠٦.
(٢) مستدرك الوسائل، ج٩، ص٨٤.
(٣) تحف العقول، ص١٤.
(٤)مستدرك الوسائل، ج٧، ص٣٣٨.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat