من ملفات جرائم النظام البعثي البائد : المقابر الجماعية ( 1 )

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 واحدة من أبشع ملفات قتل العراقيين خلال فترة سلطة النظام البعثي البائد، هو ملف المقابر الجماعية التي لم يتعرّف عليها الرأي العام العالمي الاّ بعد سقوط البعث عام 2003، وإذا كان البعض يقول سابقا في مجال التعريف بالعراق: «أينما تحفر في العراق فأنك سوف تجد آثاراً أو نفطاً»، فنحن نعدّل العبارة لتصبح: «أينما تحفر في العراق فأنك سوف تجد آثاراً أو نفطاً أو مقابر جماعية»! ولا توجد أية مبالغة في العبارة لأعداد ومناطق أنتشار تلك المقابر التي لم يتم التعرّف على جميعها لحد الآن  .

تذكر تقارير سابقة :  ارتفاع عدد المقابر الجماعية المكتشفة في العراق إلى 157 مقبرة جماعية، مشيرة إلى فتح 18 مقبرة خلال سنة واحده. وقال وزير حقوق الانسان خلال افتتاحه «مؤتمر احياء ذكرى ضحايا المقابر الجماعية» الذي عقدته الوزارة: «ان المؤتمرات التعريفية بجرائم النظام السابق التي عقدت في بريطانيا والولايات المتحدة اضافة إلى مقر الامم المتحدة في جنيف اثمرت عن الحصول على إقرار دولي بأن المقابر الجماعية تعتبر جريمة إبادة جماعية بحق العراقيين» .
دخلت عبارة «المقابر الجماعية» قاموس العراقيين عقب عام 2003 إثر الكشف عن عشرات المقابر التي حوت رفات الآلاف العراقيين الذين إما دفنوا أحياءً أو نفّذ فيه حكم إعدام جماعي ليواروا حفرا أعدت لدفنهم في مناطق متفرقة من العراق. بعض تلك المقابر ارتبط بمناسبات وتوقيتات أنتجت قتلا جماعيا لمجاميع سياسية او قومية او طائفية. وبقيت مشاهدُ بثتها قنوات تلفزيونية عقب إسقاط نظام حكم صدام لعراقيين رجالاً ونساء مائلة في الذاكرة، وهم ينبشون مقابر جماعية بحثاً عن ما يدلهم على رفات أبنائهم وضحاياهم. وبعد اكثر من 17 عاما من تلك المشاهد والصور، مازالت الأخبار تتوالى عن كشف المزيد من المقابر الجماعية» . 
جاء في تقرير : «أمهات وأباء وأشقاء وزوجات وأخوات وأبناء، جميعهم يبحثون في أرض قاحلة لا زرع فيها ولا ماء، سوى بقايا لجثث بشرية غيّر معالمها الموت القسري لنظام صدام الإجرامي، منهم من يبحث في بقايا الملابس المتهرئة وآخر يتفحص الجماجم والعظام لعله يستدل على من فقده قبل اكثر من عشرين عاما، الحفر الكبيرة اختلطت فيها رفات الشهداء مع بعضها فنظام المباد صدام لم يراعِ حتى حرمة دفن الموتى، مما صعب مهمّة التعرّف على هوية الشهداء وارجاع رفاتهم إلى ذويهم. وقد تم تحديد 177 مقبرة، منها 130 مقبرة تم فتحها وبعض منها في طور العمل، في حين وصل عدد الشهداء حتى الان اربعة آلاف شهيد، ألفا شهيد منهم تم العثور عليهم في أكبر مقبرة أكشفت في السادس عشر من ايار العام 2003 وهي مقبرة المحاويل» .
 العديد من المؤتمرات الدولية عقدت مؤخرا حول المقابر الجماعية التي وصل عددها إلى قرابة 300 مقبرة جماعية في مناطق مختلفة من العراق، وقد وُجٌهت الانتقادات للحكومة العراقية وطريقة تعاملها مع ملف المفقودين. ومن أبرز التوصيات التي رفعها المشاركون في الندوة، دعوة الحكومة الجديدة إلى التعامل الجدي مع ملف المقابر الجماعية وجرائم النظام السابق بصورة عامة، ومخاطبة البرلمان العراقي الجديد للاعتراف بجرائم المقابر الجماعية واعتبارها تطهير عرقي وإبادة للجنس البشري» .
و أظهرت المقابر الجماعية التي تم اكتشاف المئات منها بعد سقوط نظام حكم البعث في نيسان عام 2003 حجم وهول الجرائم التي ارتكبتها سلطات ذلك النظام بحق ابناء الشعب العراقي بقتل وتغييب مئات الالاف من العراقيين الابرياء. وتؤكد المعلومات ان عدد المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في مختلف محافظات العراق منذ العام 2003 وحتى اليوم بلغت نحو 346 مقبرة منها 81 مقبرة تضم رفات المئات من ضحايا عمليات الأنفال من الكرد، أما البقية فتعود إلى ضحايا انتفاضة 1991 المعروفة بالانتفاضة الشعبانية التي انطلقت عقب حرب الكويت. ويؤكد المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الانسان "ان هناك مقابر تم اكتشافها بعد نيسان 2003 تعود إلى حقبة السبعينيات والثمانينيات وتضم رفات معارضي النظام السابق الذين تم تصفيتهم واعدامهم ودفنهم في مقابر جماعية. 
وواجه ملف المقابر الجماعية مشاكل عديدة، لعل أبرزها النبش العشوائي من قبل ذووي الضحايا. وعلى الرغم من مرور اكثر من 17 عاما على اكتشاف اول مقبرة جماعية في محافظة بابل قبل ان يتوالى اكتشاف المئات منها في مناطق مختلفة من العراق لاسيما في وسط العراق وجنوبه، الا ان هذا الملف بنظر العديدين ما زال في بدايته، إذ ان المشكلة الاكبر تكمن في وجود عشرات الالاف من ضحايا المقابر الجماعية الذين لم يتم التعرف عليهم بسبب ضعف اجراءات وزارة حقوق الانسان في تسوية هذا الملف، لكن الوزارة أطلقت  حملة وطنية لجمع العينات من ذوي ضحايا المقابر الجماعية عن طريق اجهزة حديثة، ومن قبل خبراء أجانب»
تذكر إحدى التقارير:  «منذ اكتشاف أول مقبرة جماعية في العراق، تنهمك مجموعات مختلفة من الهيئات القانونية ومنظمات حقوق الإنسان في عواصم العالم في استكمال الملفات القانونية المتضمنة للتهم الموجهة لقادة نظام صدام المخلوع عن ارتكاب مجازر جماعية وانتهاك فاضح لحقوق الإنسان. من ناحية أخرى، تقول رئيس منظمة (إندايت) النائبة العمالية آن كلايد: إن لدى منظمتها ملفات مفتوحة أيضاً منذ أكثر من عشر سنوات حول المفقودين من العراقيين والمصريين والكويتيين في آن، وتضيف: إن العثور على المقابر الجماعية أخيراً سيساعدنا في عملية استكمال المعلومات والشهادات من أقرباء الضحايا، تمهيداً لإعداد الملفات القانونية لتقديمها لمحاكم جرائم الحرب ضد مجرمي نظام صدام».
وفي موقع شركة ناقلات النفط القريبة من جامعة البصرة، تمكن أعضاء من المنظمة من تسجيل روايات شهود عيان قالوا إنهم شاهدوا عملية تصفية جسدية بحق 25 رجلاً وعشر نساء في الساحة الخلفية للشركة، وتم دفن الجثامين في حقل قريب وقد اكتشفت جثثهم أخيراً.
من الملفات الأخرى (ملف قصي) الابن الأصغر لصدام، وهو الأكثر ترويعاً وذعراً، والمعلومات الواردة فيه مستقاة من شهود عيان وقعوا على وثائق تؤكد استعدادهم للإدلاء بشهادات حول الأمر أمام المحاكم. وتكشف المعلومات كيف أن قصي كان يعطي الأوامر بقتل العشرات من السجناء أثناء زيارته المفاجئة للسجون. فتقول إحدى الروايات مثلاً: إن قصي كان يلقي من فوهة الزنزانات الفردية الضيقة بقارورة من غاز الخردل بعد سؤاله الحرس عن من في داخلها. كما كان يقوم باستخدام آلات فرم المواد البلاستيكية الكبيرة لفرم الموقوفين.
وتقول إحدى هذه الروايات ما يلي: «كان هناك (في السجون) آلة كبيرة مخصصة لفرم البلاستيك، وكان يتم حمل السجين ورميه في داخلها أمام أعين بقية السجناء. أحياناً كان يوضع السجين من رأسه أولاً ويموت على الفور، وفي أحيان أخرى كان يوضع من ساقيه كي يصرخ ويتألم أثناء عملية الفرم التي يشاهدها قصي»
الحقيقة المرعبة التي يصعب تصديقها لحد الآن من قبل الكثير من العراقيين، هي إن المفقودين نتيجة قمع النظام البعثي البائد قد تصل أعدادهم إلى الملايين، فتقديرات المختصين بالإحصاءات السكانية إن عدد سكّان العراق في هذا الوقت وبالمقارنة بمعدلات النمو السكّاني للدول المجاورة، يجب أن يكون أكثر بكثير من العدد الحالي ..

( بمناسبة اليوم الوطني للمقابر الجماعية في العراق  16 مايس  2021 )
يتبع / ---


منقول من قناة "  مُزارع "


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/20



كتابة تعليق لموضوع : من ملفات جرائم النظام البعثي البائد : المقابر الجماعية ( 1 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net