إعلام الصحابة الصحابي الجليل سعيد بن جبير (رض)
محمد الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الصحابي الجليل سعيد بن جبير بن هشام الأسدي، من أعلام التابعين، وهو حبشي الأصل أسود اللون، وهو من بني الحارث من بني أسد، وقد أخذ العلم في شبابه من حبر الأمة عبد الله بن عباس، فتعلم من العلوم والحديث والفقه وتفسير القرآن الكريم، ويعد من علماء العراق، وتتلمذ على يده مسلمون كثيرون، فاشتهر بعلومه المؤيدة لرسالة رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (ع)، وكان يوصي تلامذته باتباع نهج وسيرة آل البيت (ع).
وبسبب تلك التوجهات بدأ المنافقون والحاقدون على آل البيت، ومنهم المؤيدون للحكم الأموي، يتآمرون عليه وفي خلافة عبد الملك بن مروان سنة (77) هـ أمر الحجاج بن يوسف الثقفي بالمسير إلى العراق، فتوجه إلى البصرة، ومعه جيش من الشام أكثر من ستة آلاف مقاتل، وأحكم سيطرته على البصرة، بعد أن قتل منهم أكثر من سبعين ألف من رجالهم في مسجد البصرة، وفي الطرقات... توجه بعدها إلى الكوفة، فلجأ سعيد بن جبير إلى مكة، فأرسل الحجاج في طلبه عن طريق والي مكة خالد بن عبد الله القسري، فألقى القبض عليه، وبعث به إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، فلما أدخلوه على الحجاج، سأله الحجاج: ما اسمك؟ قال: أنا سعيد. فقال له: ابن مَنْ؟ قال: ابن جبير، فقال له: بل أنت شقي بن كسير؟ قال سعيد: إني أعلم باسمي واسم أبي. فقال له: شقيت وشقيت أمك. قال سعيد: الغيب يعلمه غيرك. فقال الحجاج: لأوردنك حياض الموت. فأجاب سعيد: أصابت إذن أمي اسمي. فقال له: لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى. قال سعيد: لو إني أعلم أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهاً. فسأله الحجاج: فما قولك في محمد؟ قال: نبي رحمة ورسول رب العالمين إلى الناس كافة بالموعظة الحسنة. فسأله: فما قولك في الخلفاء؟ قال: لست عليهم بوكيل، كل امرئ بما كسب رهين. قال الحجاج: أشتمهم أم أمدحهم؟ قال سعيد: لا أقول ما لا أعلم، إنما استحفظت أمر نفسي. فسأله: أيهم أعجب إليك؟ قال: حالاتهم بفضل بعضهم على بعض. قال الحجاج: صف لي قولك في علي أفي الجنة هو أم في النار؟ أجاب سعيد: لو دخلت الجنة فرأيت أهلها علمت، ولو رأيت من في النار علمت، فما سؤالك عن غيب قد حفظ بالحجاب؟ فسأله: فأي رجل أنا يوم القيامة؟ قال: أنا أهون على الله من أن يطلعني على الغيب. فقال له الحجاج: أبيت أن تصدقني؟ فقال سعيد: أبيت أن اكذبك. فدار بينهما حديث طويل حتى قال الحجاج له: ويلك. قال سعيد: الويل لمن زُحزح عن الجنة، وأدخل النار. قال الحجاج : اذهبوا به فاقتلوه. قال له سعيد: إني أشهدك يا حجاج أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الإمام علياً ولي الله، استحفظكهن يا حجاج حتى ألقاك. فلما أدبر سعيد ضحك. فقال له الحجاج: ما يضحكك يا سعيد؟ فقال له سعيد: عجبت من جرأتك على الله وحلم الله عليك. قال الحجاج: إنما أقتل من شق عصا الجماعة، ومال إلى الفرقة التي نهى الله عنها، اضربوا عنقه. قال سعيد: اصبروا حتى أصلي ركعتين، فاستقبل سعيد القبلة وهو يقول: (إِني وَجَّهْتُ وَجهِيَ لِلذِي فَطَرَ السماواتِ وَالأَرضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ المُشرِكِينَ). قال الحجاج لحرسه: اصرفوه عن القبلة إلى قبلة النصارى الذين تفرقوا واختلفوا بغياً بينهم، فانه من حزبهم، فصرف عن القبلة. فقال سعيد: (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ...) الكافي بالسرائر. فقال له الحجاج: لم نوكل بالسرائر وإنما وكلنا بالظواهر. قال سعيد: اللهم لا تترك له ظلمي، واطلبه بدمي، واجعلني آخر قتيل من أمة محمد (ص). فضربت عنقه، ودُفن في مدينة الحي أحد أقضية مدينة الكوت الآن، وكان استشهاده في (25 ربيع الأول في سنة 95 للهجرة).
أول من شيّد ضريح الصحابي سعيد بن جبير هو أحد محبيه والتابع إلى مدرسته العلمية هو (كنعان أغا) عام (1241هـ) وفي عام (1922م) تم إعادة بنائه، واستخدم في البناء الطين والجص وسعف النخل، وفي عام (1958م) أعيد بناؤه بطراز جديد. وفي عام (1989م) شهد عملية همجية بربرية من قبل نظام الطاغية صدام، لإزالة أضرحة السادة والعلماء في الكوت، ومنهم ضريح سعيد بن جبير (رض). وفي عام (1996م) تبرع المحسنون في المدينة بإعادة بنائه، وبمساحة عشرة آلاف متر مربع، محاط بسياج كبير، وفتح الطريق له لتنشيط السياحة الدينية له، لكرامته كصحابي جليل، ومكانته في استجابة الدعاء، فهو من العلماء الصالحين المقربين من آل بيت رسول الله محمد (ص).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat