مخلفات انشائية...
د . منهال جاسم السريح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . منهال جاسم السريح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المخلفات الانشائية، هي مجموعة من المواد الفائضة عن الحاجة، ولاتنفع للاستعمال، ويكون تجمعها عادة من مواد البناء، من (طابوق، أخشاب، رمل، خرسانة، كاشي ديكور، أو سيراميك..) وفيها من المواد التي تتعلق بالبناء، أو هي ناتجة من أعمال الهدم والازالة والترميم، في المناطق السكنية والتجارية، واعمال الطرق والجسور.. وقد برزت مشكلة المخلفات الانشائية، كواحدة من أهم المشكلات البيئية في المحافظات العراقية، نتيجة ارتفاع معدلات النمو السكاني، والحاجة لانشاء مشاريع جديدة، ومواكبة النمو المطرد.. ولحد الآن، ليس هناك تصور دقيق لوزارة البلديات والاشغال العامة، والدوائر البلدية والبيئية في المحافظات، عن حجم مخلفات البناء الناتجة عن مختلف النشاطات.. وإن أكثر هذه المخلفات، يتم التخلص منها بطريقة غير نظامية، عن طريق القائها على جنبات الطرق، وفي الأراضي المتروكة، ولا توجد احصائية دقيقة لكمياتها، ولاتتوفر المعلومات حول الأساليب المتبعة لادارة مخلفات البناء والهدم.. حيث يتم بيع قسم من هذه المخلفات، أو إعادة استخدامها في مشاريع أخرى، ولا توجد سياسات وطنية، أو برامج حكومية مدعومة، لإعادة استخدامها، فضلاً عن غياب التشريعات التي تشجع وتدعم جهود إعادة استخدامها، وإعادة تدويرها. وتزداد المشكلة عندما تتجمع تلك المخلفات بعد نهاية البناء، وتصبح فائضة تالفة، وعديمة النفع في الموقع المعين، فيكون تأثيرها كبيراً، إذ انها تشغل حيزاً كبيراً يمكن الاستفادة منه في الساحات او الشوارع، وهذا يؤدي الى الضرر الصحي الكبير على صحة الانسان وسلامته، لما تسببه من تلوث بيئي لمحيطه، وقد تكون عرضة لعبث الأطفال، مما تشكل خطراً عليهم.. وربما تجمعت هذه الأنقاض فوق خطوط الصرف الصحي، أو قريبة من خطوط الكهرباء والاتصالات، فتعيق العمل فيها.
كما ان لهذه المشكلة تأثيرات اقتصادية، حيث أكدت الدراسات ان هذه المخلفات، هي الجانب الأكثر تكلفة في مواقع مشاريع البناء، وان فقدان المواد يقلص الأرباح، ويزيد التكاليف على المالك؛ فاذا كانت مواد البناء تمثل نسبة 50% للمشروع، فان فقدان 20% من هذه المواد يتسبب في خسارة 10% من الكلفة الاجمالية للمشروع، وتصبح هذه النسبة أعلى عند الحديث عن مشروعات ضخمة، إذ يصبح المفقود مئات الملايين..! ان معالجة هذه المشكلة، يتطلب إصدار القوانين التي تحدد أساليب التعامل مع مخلفات البناء والهدم، على أن تتضمن تشجيع أساليب الخفض من المصدر، وإعادة استخدامها وتدويرها مع الحد من التخلص منها في مناطق الطمر.. ويتطلب اقرار نظام لدفع رسوم، نظير التخلص من مخلفات البناء في المطامر العامة، والتشجيع على تأسيس مصانع ومعامل مركزية، لإعادة تدوير مخلفات البناء والهدم في المدن الكبرى.. ويتطلب الحل أيضاً، قيام البلدايات بتشجيع ومكافأة شركات مقاولات البناء على خفض مخلفاتها من المصدر، واعادة استخدامها في مواقع المشروع، والتعاون مع وسائل الاعلام المختلفة لتوعية المواطنين بخطورة الانقاض، وتأثيرها البيئي والصحي، ومايترتب عليها من مخاطر على الصحة العامة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat