الرجوع للحياة... بين التمني والواقع
محمد سناء الاعرجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد سناء الاعرجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وهب الباري (عز وجل) الانسان نعماً لا تعد ولا تحصى، وأهمها نعمة العقل، وبفضل تلك النعمة، منحه قابلية التمييز بين الخطأ والصواب، وبين الصالح والطالح.. فهو كثير الأخطاء معرض للزلل متبعا للنفس وهواها، ملبياً نزوات الشيطان واتباعه، ولكنه سرعان ما يصحو على تلك الأخطاء ويجتاحه الندم، فيلجأ لطلب العفو والغفران..
وقد أوضحت الرسالات السماوية بجلاء السيرة المثالية التي يجب أن ينتهجها الانسان، وخاصة الرسالة المحمدية خاتمة الأديان، لينال الانسان رضاء الخالق الذي أوجده للعبادة (ما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون)، فأمرهم بأداء الفرائض المطلوبة كالصوم والصلاة، وبقية الأعمال الصالحة التي يضمن من خلالها للبشر حسن العاقبة والمآب، وبالتالي الفوز بالخلود في جنات النعيم.
كذلك نلاحظ وضوح التعليمات الالهية وسهولة تنفيذها، وأن الخالق (عز وجل) قد آل على نفسه، إلا أن يمنح عباده فرصة مراجعة أخطائهم، ويمنحهم التوبة قبل مغادرتهم الحياة الدنيا.. لكن الملموس ان معظمهم لا يستغل هذه الفرص المتعددة، فيكفر عن ذنبه ويتوب الى بارئه.. وهنالك في القرآن الكريم عشرات الآيات الكريمة التي تنذر البشر وتحفزهم على فعل الخير والعمل الصالح، ولذلك وكمرحلة نهائية أوضحت الآية الكريمة بأنه لا رجعة للدنيا اطلاقاً بعد الموت، وقد مُنح الإنسان أكثر من فرصة ليرجع ويصحح أخطاءه في الحياة الدنيا: (حَتى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلا إِنها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِن وَرائِهِم بَرزَخ إِلى يَومِ يُبْعَثُونَ).
ولو ركزنا على عدد المرات والفرص التي منحها الله إيانا لمراجعة أعمالنا، وتصحيح أخطائنا، والتي لم نستغلها حيث ننكث بوعودنا بعد إعلاننا التوبة وطلب المغفرة، ثم نعاود ارتكاب المعاصي، فكم من جنازة رافقناها الى مثواها الأخير، ووقفنا على تلك القبور لنودع عزيزاً لا يرافقه في لحده إلا كفنه وعمله، فلا ولد يرافقه فيه ولا مال، فلو أننا تصورنا بأننا نحن المتوفون بدلا من هذا الذي جئنا نواريه في مثواه، وان الله عزوجل قد منحنا فرصة العودة الى الحياة الدنيا، ونفذ لنا طلبنا بالرجعة..! ثم أن الله سبحانه وتعالى يمنحنا في كل يوم ويستجيب لنا بالرجعة، عندما نخلد للنوم، وكم من نائم توفته الملائكة، لكننا نستيقظ من سباتنا بأمر الله وقدرته، فتعود حواسنا للعمل وغيرها من الحالات الفسيولوجية كحالات الاغماء.. الخ. فهل يا ترى سنتعظ ونعمل صالحا كما ندعي؟ ليتنا نتعظ من هذه الدروس العظيمة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat