مرقد السيد إبراهيم بن عبد الله بن الحسن المثنى (أحمر العينين)
كاظم الناشي
كاظم الناشي
بنظرة سريعة لمتون كتب التاريخ والسِّيَر، تجد أن السادة الأشراف من ولد الإمام الحسن المجتبى(ع) وأحفاده لم يذعنوا لحكم السلاطين من الأمويين والعباسيين ومن تبعهم، بل أعلنوا رفضهم القاطع لسياساتهم وظلمهم من باب، ومطالباتهم المتكررة بثارات الإمام الحسين وآله (ع)، وبحقهم المُستلب من باب آخر، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كتكليف شرعي.. لذا توالت الثورات والإنتفاضات والحركات، ولعل أبرزها وألمعها ثورة الإمام محمد بن عبدالله (النفس الزكية)، وثورة شقيقه أبي الحسن إبراهيم (أحمر العينين)، الذي يستقبلك مرقده على الطريق الواصل بين قضاء الحمزة الشرقي وقضاء الرميثة، على الجانب الأيمن، وعلى بُعد(10)كم من الأخير، في منطقة بني عارض، وتسمى (أبو جوارير أو أبو قوارير).
نسبه الشريف:
هو الإمام أبو الحسن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام).. مولده 95هـ وقيل 97هـ ، ودعوته يوم العيد، غُرّة شوال 145هـ.
بيعته ومدة ظهوره:
يقول إبن الأثير: ورد عليه نعي شقيقه محمد أول يوم من شوال سنة خمس وأربعين ومائة للهجرة الشريفة، وهو يريد أن يصلي بالناس صلاة العيد في البصرة، فصلى بالناس ثم رقى المنبر وخطب، وذكر قَتْلَ شقيقه ونعاه إلى النَّاس، وقال في جملة ما قاله في رثائه:
سأبكيكَ بالبيضِ الرِّقاق وبالقنا * فإنَّ بها ما يُدركُ الطالبُ الوترا
ولستُ كمن يبكي أخاه بعَبْرةٍ * يعصِّرُها من جفن مُقلتهِ عَصرا
فلما نزل بايعه بالإمامة علماء البصرة وفقهاؤها وزهّادها، وبايعه المعتزلة، ولم يتأخر عن بيعته من فضلاء البصرة أحد، واجتمع معه العلماء، واستولى على واسط والأهواز وكورها وعلى أعمال فارس.
مقتله وموضع قبره:
يقول إبن الأثير: خرج (رض) من البصرة لقتال جيش أبي جعفر المنصور، الذي أنفذ عيسى بن موسى (قاتل شقيقه محمد) في عسكر عظيم، والتقوا بـ(باخمرى) ويقال لها (الهاشمية) أيضاً بين البصرة والكوفة، وكانت معركة حامية قتل فيها الكثير من العباسيين، إلى أن أصاب سهم رأس الإمام إبراهيم فاعتنق فرسه، وألتف حوله أصحابه كالسور، فقتل حوله أربعمائة فيهم من العلماء الكثير، وأنزلوه عن فرسه وأخذه (بشير الرحال)، وأسنده إلى صدره، حتى قضى (رض) نحبه، وذلك يوم الاثنين في أول ذي الحجة من سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل لخمس بقين من ذي القعدة، وحُزَّ رأسه الشريف وحُمِل إلى أبي جعفر المنصور العباسي الذي قام بإرسال الرأس الشريف إلى عبدالله بن الحسن (عليه السلام) والد الإمام إبراهيم وهو في سجنه للتشفي والحقد، ودفن بدنه (رضوان اللّه عليه) بـ(باخمرى).
وصف مرقده الشريف:
المرقد بناء بسيط عليه قبة مكسوّة بالكاشي الكربلائي، وعلى القبر يوجد شباك من البرونز تزيّنه الزخارف الاسلامية، ومساحة الصحن 60×60 متراً، يتوسطه الحرم بمساحة 20×20 متراً، يحيطهُ رواق مسقف 4×20 متراً لكل ضلع من أضلاعه، مخصص للصلاة وراحة الزائرين، وتوجد في الحرم كتابة بالقاشاني عن حياة السيد ابراهيم بن عبد الله المحض، وما قيل بحقه من الشعر، كما ان القبة حزمت من الداخل بالبلاط القاشاني الملون، الذي كتبت عليه آيات من الذكر الحكيم، وأسماء الله الحسنى، وأسماء أهل البيت الطاهرين(ع)؛ وللمسجد أراض وقفية حوله تبلغ مساحتها (150 دونماً).
صدى الروضتين زارت المرقد الطاهر، والتقت أمينه الخاص الحاج هاتف حسين ابراهيم الفتلاوي، فكان معه هذا الحوار:
متى كان أول بناء للمرقد الشريف؟
كانت بداية بناء المرقد قبل ما يربو على الثلاثمائة عام، ففي البدء تم بناء القبر الشريف من قبل أجدادنا، وكان أولهم الشيخ جبر الفتلاوي، ومن بعده جاء أبناؤه، حيث تم بناء القبر من الطين مستنداً على رواية مؤكدة أن هذا الموضع هو قبر السيد(أحمر العينين)، وبعدها توالت أعمال البناء والترميم على مر السنين، وكان آخرها في ستينيات القرن المنصرم، حيث تم بناء قبة كبيرة بيضاء أكبر من القبة الحالية، بعدها جددت القبة وتم إكساؤها بالكاشي الكربلائي، وكل ذلك بجهود وأموال خدمة المرقد والمتبرعين من أهالي الرميثة.. وبعد أن تم استلام المرقد الشريف من قبل الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة في العراق، فقد زاره الأمين العام السيد حسن الخرسان، وقد وعدنا خيراً.
ماهي المشاريع التي تم تنفيذها، وما هي الخطط التي تم وضعها لتطوير وتوسعة المرقد الشريف؟
تم الإنتهاء من بناء الصحيات في الجانب الجنوبي الشرقي من المرقد، حيث خصصت الأمانة العامة للمزارات مبلغ (21) مليون دينار عراقي لهذا الغرض؛ أما الخطط المستقبلية فقد قدمنا بذلك كشوفات كاملة الى الأمانة العامة للمزارات، ومنها تجديد البناء وتوسعته - فالتشققات كبيرة وواضحة على القبة الشريفة - وتبديل أرضية الصحن الشريف، كما في النية فتح الجهة الغربية من الصحن الشريف لتوسعته كي يستوعب الأعداد الكبيرة من الزائرين التي تقصد المرقد الشريف، فكثيرة هي المناسبات التي تزداد فيها جموع الزائرين، ومنها ذكرى استشهاد النبي الأكرم (ص)، وذكرى استشهاده (رضي الله عنه)، وأيام الجمعة من كل اسبوع، وأيام الزيارة الأربعينية، حيث تتوافد جموع الزائرين السائرين الى كربلاء.
هل هناك نشاطات دينية أو ثقافية تقام في المرقد؟
نعم، ففي مساء كل يوم جمعة يقيم الإخوة المؤمنون من أهالي الرميثة مجلساً حسينياً في الصحن الشريف، حيث يكون دورنا هو تأمين الفرش والماء، وأجهزة الصوتيات، وتزداد هذه المجالس نشاطاً خلال شهري محرم الحرام وصفر الخير.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat