رحمك الله يا ام هادي...
الشيخ مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 اثنان وسبعون يوما هي أيام عمرك القصير بعد رحيل خالتي..
سريعا كان رحيلك عنا كسرعة رحيل خالتي..

فقد كنتِ بقية العاطفة الصادقة من رائحة خالتي...

ها نحن اليوم نودعك الى بيتك الجديد بجوار خالتي...

في صباح الامس سألت عنك خالتي...

وفي المساء استقبلتني بجوار جثمانك خالتي..

عام تصرم فقدنا فيه خالتي وابنة خالتي..

وقبله عام فقدنا فيه خالتي وابن خالتي..

                        *

إنها سنة الحياة التي لا تبقي لذي خل من خليل...

وعلى هذا النحو نستذكر في هذه الأيام أبيات شعر لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام قالها في رثاء الزهراء عليها السلام ونحن الان في الأيام الفاطمية..

مالِي وَقَفتُ عَلى القُبورِ مُسَلِّماً                قَبرَ الحَبيبِ فَلَم يَرُدَّ جَوابي

أَحَبيبُ مالَكَ لا تَرُدُّ جَوابَنا                    اَنَسيتَ بَعدي خِلَّةَ الأَحبابِ

ولسان حال الجواب:

قالَ الحَبيبُ وَكَيفَ لِي بِجَوابِكُم               وَأَنا رَهينُ جَنادِلٍ وَتُرابِ

أَكَلَ التُرابُ مَحاسِني فَنَسيتُكُم                 وَحُجِبتُ عَن أَهلي وَعَن أَترابي

فَعَلَيكُمُ مِنّي السَلامَ تَقَطَّعَت                    مِنّي وَمِنكُم خِلَّةَ الأَحبابِ

                        *

استذكرك يا خلود.. كومضة سريعة في حياة لا تغدوا كونها لحظة..

منذ أربعة عقود.. استذكرك تلميذة نشيطة تنال أعلى الدرجات لا لأنك قريبتي، بل لما تستحق أكثر مما كنت اضعه من علامات..

وينتقل شريط الذكريات مع بعض الرسائل في مجموعة العائلة التي نشرتها خلود:

الرسالة الأولى توجهها الى الأقارب في المجموعة:

ربي إن هذه المجموعة مليئة بأحباب لا نعلم ظروفهم ولا حاجتهم

ولا نعلم ما في قلوبهم...

🍃 اللهم من كان منهم

🍃مريضا فإشفه

🍃ومن كان مبتلى فعافه

🍃ومن كان محتاجا فإقض حاجته

🍃ومن كان مهموما ففرج همه ونفس كربه

🍃ومن كان مدينا فاقضي دينه وارزقه رزقا حلالا طيبا

🍃ومن كان يريد الذرية فأرزقه الذرية الصالحة

🍃ومن كان في نفسه حاجة لا يعلمها إلا أنت فيسرها

🍃وإختر له ما هو خير ، ولا تردنا خائبين يارب العالمين.

🍃 اللهم اجعل أعضاء هذه المجموعة:

🍃من الكوثر يشربون

🍃ومن الحرير وسندس يلبسون

🍃وفي قصور الجنة يمرحون

🍃ومن فاكهتها وثمارها يقطفون

🍃ومن أبوابها الثمانية يد خلون

🍃 وفي جنة الفردوس يتنعمون

🍃وبأهليهم وأحبتهم يلتقون

🍃وبرضى الرحمن يفرحون

🍃وبجوار خير الخلق يسكنون

🍃وبرؤية وجه الله الكريم يفوزون

🍃امين يا رب العالمين

 🍃 اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

 الدعاء بظهر الغيب مستجاب بإذن الله دعواتكم لنا ولكم بالمثل يارب.

 

الرسالة الثانية تتوجه فيها بالدعاء:

سم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد

اللهم كن لنا حبيبا ولدعائنا​ مجيبا​

واجعل لنا من رحمتك وكرمك حظا ونصيباً

ووفقنا لما تحب​ وترضى

 ​واسمعنا جميعا ما به النفس​ ترضى

​ولا تنسينا ذكرك سرا وجهرا

اللهم أشفي مرضانا وارحم موتانا وفرج همنا وغمنا

وثبتنا على دينك واجعل عاقبة أمرنا إلى خير يا رب العالمين

​اللهم صل وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين

اسعد الله صباحكم بكل خير

ونسألكم الدعاء والسلام

 

واما رسالتها الثالثة: فكأنها تحكي فيها ثمرة الحياة قائلة:

كبـرنـا بهـــدوء ..   

كبرنا لدرجة اننا لم نعد نبحث عن  أصدقاء جدد

أو حتى على أشخاص

يحبوننا ونحبهم ..

كبرنا لدرجة اننا نرتدي نفس الملابس لاسبوع  واسبوعين  متتالين دون أن نشعر بحرج ..

كبرنا لدرجة اننا أصبحنا نخاف على أهلنا

بدلا من الخوف منهم ..

 توقفنا عن مجادلة احد

حتى وإن كنا على  صواب ..

أصبحنا نترك الأيام تثبت صحة وجهة  نظرنا ..

كبرنا لدرجة أنه ما عدنا نتحدث مع أحد عما يحدث  معنا

ولا عما  يؤلمنا وصرنا نداوي جراحنا بانفسنا ..

كبرنا وصرنا نفرح  بصمت ونبكي بصمت ونضحك بابتسامة .. ولم نعد نتاثر بمعسول الكلام...

أصبحنا نريد افعالا من القلب ..

لم نعد نستهزئ بالغير ....

بل صرنا نقول :

( الله يعين الناس ) ...

كبرنا وصرنا نحزن لابسط شيءٍ .. ونفرح لابسط منه ...

كبرنا وعرفنا ان المظاهر خداعة ، وتعلمنا

إنه ليس كل ما يلمع ذهبا

وان حبل الكذب قصير ..

 صرنا نعرف من يضحك علينا بل ونتركه يصدق نفسه بأنه استغفلنا ..

 صرنا نعرف متى نسامح ولا ننتقم

ومتى  نتغابى

وتعلمنا ألا ننتظر أي شيء من أحد ولا نتأمل باحد بل تعلمنا  كيف نكتفي بانفسنا..

  تعلمنا متى نثق وبمن نثق

 كبرنا .. نعم كبرنا 

و كبـرنــا بهـــدوء ...

 

وكانت آخر رسالة نشرتها وكأنها تنعى نفسها.. حيث تقول فيها:

‏رائحة الصباح لها يد حنونه ..

‏تمسح على قلوبنا بلطف

‏رب اجعل هذا الصباح خيراً لكل قلب ‏اودع امانيه عندك، ‏

وينتظر الفرج منك وحدك.

اللهم إني أسألك أن تحفظ علينا النعم وتدفع عنا النقم ،

وأن ترزقنا حلوالحياة ، وخير العطاء ،

وسعة الرزق وراحة البال ،

ولباس العافية وحسن الخاتمة والفردوس الأعلى من الجنة

ولوالدينا وأهلنا ولجميع المسلمين ...

رحمك الله يا خلود وأعلم انك تطلعين على ما اكتب..

ابلغي من تلقين من الاحبة عنا السلام ..

ونحن على الأثر...

الى روحك ثواب الفاتحة

الموضوع السابق ما أقربَ الموت !

الموضوع التالي حوارية ( ٧٦) ما معنى لن يفترقا؟

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat