مغالطة تعميم تجربة أوروبا القروسطية
الشيخ ليث الكربلائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 (القروسطية) مصطلح نحته الكتّاب العرب لاختصار قولنا (القرون الوسطى المظلمة في أوروبا).
أما المغالطة محلّ الكلام فبيانها بما يلي: لمّا كانت الكنيسة في اوروبا في القرون الوسطى لا تكتفي بمكانتها الدينية بل تطرح نفسها كسلطة علمية عليا في العلوم الطبيعية أيضا وتحاول فرض متبنياتها العلمية -التي لا تملك على بعضها دليلا حتى من الإنجيل- من الطبيعي جدّا أن تقع خلافات بينها وبين علماء الطبيعة الذين لا ينضوون تحت رايتها فيتبنون رؤى تختلف عن رؤيتها.
ولمّا كانت السلطة بيد الكنيسة شرعت بقهر من يخالفها وجارت عليهم في أحكامها حرقا وقتلا ونفيا و... ومن هنا بدأت مقولة صراع العلم مع الدين.
وعندما يطالع بعض المثقفين شيئا عن هذا الصراع يندفع بلا رويّة للحكم على جميع الأديان بأنها تعارض العلم والتطور؟
ومثل هذا الاندفاع يعرف في علم المنطق بمغالطة التعميم المتسرع.
ولتلافي الوقوع في هذه المغالطة يجب على الباحث أن يختبر المزيد من العيّنات قبل أن يعمم الحكم.
عليه أن يسأل نفسه مثلا: ما هو التشريع الإسلامي الذي يتعارض مع العلم؟
هل حرم الإسلام دراسة علم أو نظرية علمية محددة؟
لو توقف كل واحد منهم قليلا عند هذه الأسئلة ومثيلاتها لوجدوا الإسلام يحث على العلم بل يوجب دراسته إجمالا وليس فيه ما يتنافى معه لذا يكون تعميم الحكم بالصراع مع العلم إليه مغالطة منطقية شائعة.
صراع العلم مع الدين هذا مرض خاص بالكنيسة في أوروبا في القرون الوسطى وتعميمه على جميع الأديان والمؤسسات الدينية من دون اختبارها يدخل في مغالطة  التعميم المتسرع.
أما لو طالع هؤلاء الباحثين كتب التاريخ التي وثّق فيها المتنورون الأوربيون نهضتهم لوجدوا شيئا عجبا من حجم اعتماد النهضة العلمية والفكرية الحديثة على ترجمة بحوث العلماء المسلمين التي دونوها أيام ازدهار وسيادة الحضارة الإسلامية قبل الغزو المغولي وهذا بحد نفسه كفيل بدفع تلك المغالطة
___
 نظرة سريعة على الرسم البياني أدناه  تبين لك كيف أن الأديان عموما لم تمنع من العلم يوما ما خلا طغيان الكنيسة في العصور المظلمة وبالتالي يكون تعميم هذه الحالة النشاز على جميع الأديان ضربا من الضحك على الذقون

الموضوع السابق البعث و يبعثون و بعثنا في القرآن الكريم (ح 6)

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat