صفحة الكاتب : نجاح الجيزاني

لقاء مع رسام
نجاح الجيزاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عالم يضجّ بالطهارة والنّقاء في كل حرف نخطّه، وفي كل كلمة نكتبها، وفي كل رسمة نبدعها في سماء الطفولة العذبة.. انه عالم الصغار أحباب الله. 

فما أجمل العودة الى طفولتنا، بعد أن  غادرناها مجبرين.. هي عودة للبراءة التي نفتقدها بشدة ونحن نخوض غمار بحر الحياة، كلُّ منا له طفولته الخاصة.. البعض منا عاش طفولة مرحة صافية كصفاء السماء الزرقاء، والبعض الآخر عاش طفولة صاخبة وربما قلقة، وهكذا تتباين وتتقاطع الطرق تبعا لثقافة الأسرة والنسيج المجتمعي الذي يضم مختلف التوجهات والثقافات. 
بين أروقة شعبة الطفولة والناشئة في العتبة العباسية المباركة، ينغمس الفنان علي رستم رسام الطفولة في حاسوبه الخاص، يعمل بصمت وشغف كبيريٌن.. التقيناه وأجرينا معه لقاءا فنيّا، نقلنا حديثه الشيق الى حيث البدايات .
**** . 
# البدايات هي التي تشكل المسيرة، مسيرة اي انسان على وجه الأرض.. كيف كانت بدايات الفنان علي رستم؟ هل هناك من أخذ بيده عندما كان طفلا، وشجعه على الرسم مثلا؟  
_البداية كانت من والدي المرحوم المصوّر رستم الهنداوي، بحكم عمله في مجال التصوير (الأبيض والأسود, رتوش البلورات, النكتف إلى تكبير وتلوين الصور) والتأثر بطريقته ورؤيته الفنية, وقد وفر لنا أدوات الرسم، فكنت أمسك الأوراق وأملأ بياضها بما يدور في مخيلتي الخصبة، متأثرا بالرسوم المتحركة آنذاك كالسندباد, وميمونة ومسعود, وافتح يا سمسم, إضافة إلى المجلات المصورة المتوافرة في سورية حيث كنا نسكن مثل:
أسامة, أحمد ومجلة الهدى وغيرها الكثير ممن كنت مبهورا بها، وأتمنى أن أصل لمصاف رسّاميها. 
**** 
# شعبة الطفولة والناشئة في العتبة العباسية المباركة.. كيف تم انتسابك لهذه الشعبة بالذات ؟
 _ حقيقة بركات اهل البيت وخدمة عقيلة بني هاشم عليها السلام أول الأسباب، وأما السبب الآخر كان عندي كتلوك أرشفة لأعمالي صور ورسوم، عرضته على الدكتور نعيم الصياد، ثم تمّ عرضه على الأستاذ علي الخباز، وكنت لا أعلم بوجود مرسم، كان في نيتي التصوير لكن تم إخباري بأنهم بحاجة لرسّامين، فكانت مفاجأة لي، وصراحة من هنا بدأ اختصاصي وبدأ تحقيق الحلم، بعد عدة اختبارات انضممت لفريق العمل برئاسة  الأستاذ كمال الباشا والأستاذ علي البدري ومضينا.. كانت بدايتي في العدد 36 والآن وصلنا إلى العدد153 من مجلة الرياحين بالإضافة للإصدارات  .
و أود شكر العتبة العباسية المقدسة لأنها احتضنت ومازالت تحتضن الكثير من المبدعين والكفاءات.
****
# يقال انّ طاقة الأبداع ...تولد مع الأنسان فليس هناك من طفل لا يمتلك موهبة الرسم، كيف يمكن اكتشاف موهبة الرسم عند أطفالنا ؟ وكيف يمكن الحفاظ على خصوبة المخيّلة لديهم؟ 
_ في زمننا لم يكن هناك هواتف أو شاشات ذكية، وكان التلفاز صغيرا جدا وغير ملوّن, وكانت فترة الأطفال قصيرة ننتظرها بفارغ الصبر، والوقت طويل فليس أمامنا إلا الكرة أو الدراجة أو الورقة والقلم.
فالورقة هي التي تكتشف البذرة الأولى للموهبة، ثم يأتي دور الأهل لسقايتها والاعتناء بها لتثمر, ولتنمية المخيّلة لا بدّ من قراءة القصص المصوّرة للطفل، وجعله يقلّد بعض الشخصيات الكارتونية، ورسم الطبيعة والجماد، حتى وان كانت رسومات بسيطة في بادئ الأمر، لأنه سيتقنها فيما بعد. 
**** 
# بماذا يختلف رسم الأطفال عن الكبار؟ وما هي العناصر التي تركّز عليها في رسوماتك الموجّهة  للطفل؟ 
_ الرسم للصغار فيه صعوبات عديدة، وخصوصا أنّ الطفل يحبّ الألوان ويحب التساؤل, فكلما كانت الرسمة غير واقعية وخيالية تملؤها المبالغة وخارجة عن القواعد، ينجذب إليها الطفل أكثر، ويجلس ليفكك أجزاءها. وعلى الرسام أن يفكر كما يفكر الطفل، وينظر من زاويته ليصل بخطوطه لقلب الطفل ووجدانه, فمثلا إعطاء لون للدب غير لونه، وتبسيط الأشياء كمنح حياة للنبات أو الحيوانات، وجعلها ترتدي الملابس و لها عينان وفم وأذنان ,شجرة تنظر وتضحك هذه النقاط تشد الطفل وتستهويه.
أما الرسم للكبار فيعتمد على قوانين وحدود وقواعد منظور وتشريح وتفاصيل، حتى وإن كانت خيالية أو رمزية أو سريالية. 
**** 
# شعبة الطفولة والناشئة  في العتبة العباسية فيها الكثير من الفنانين الروّاد .. بمن تأثر الفنان علي رستم؟
_ كل الرسّامين في شعبة الطفولة الحاضرين أو الذين انتقلوا مؤثرون ومحترفون, وكانوا ولا يزالون حافزا لتقدّمي، فلكل فنان منهم  لمسة وبصمة تختلف عن الآخر, ولولا هذا التنوع والاحتكاك لم يكن هناك تطور في عملنا. 
 ***** 
# بماذا يبدع الفنان علي رستم ايضا؟ غير الرسم
_ التصوير الرقمي.. وقد عملت مصورا لسنوات عديدة، ولي خبرة في هذا المجال, المعالجة والتصميم على برنامج الفوتوشوب، وغيره من البرامج, والكتابة والطباعة, إضافة إلى تصليح الأجهزة الكهربائية.
**** 
#  نعود للرسم مجددا، حينما ترسم رسوماتك للأطفال هل تشعر بمتعة خاصة ام انه شعور من يؤدي الواجب فحسب؟ 
_  إنه عمل وهو واجب فيه الكثير من المسؤولية في الأساس, استمتع نعم لأني أخاطب طفلا فأذهب مع خطوطي وألواني محلّقا في سماء صافية ونقية كنقاء قلوب الصغار، وأستعيد طفولتي وهوسي بحب و تقليد الشخصيات الكارتونية التي أصبحت عندي سهلة اليوم, ثم أتحمس وأبتهج حين أجد الأطفال يشاهدون رسوماتي متفاعلين ومسرورين. 
****
# هل تكتفي برسم الرسومات المطلوبة للقصة ام تشارك في كتابة السيناريو؟ والى اي مدى يكون العمل ناجحا اذا اجتمع الأمران معا ؟ 
_ النصوص المكتوبة والجاهزة ألتزم بما يريده الكاتب فيها, ولكن أحيانا يتدخل الرسام لتغيير صورة أو مشهد أو جزء من النص بعد حوار مع الكاتب وحسب الضرورة ...نعم أشارك بكتابة نص (يوميات حسن) وأشعر بحرية أكثر، وأنطلق بخيالي لأن النص نصي وأرجع إلى الكاتب لأخذ الملاحظات إن وجدت.
حسن طفل صغير، يعيش مع جدّته ويتصرف أحيانا تصرفات خاطئة، مايلبث أن يصححها, وأيضا هو يسافر في رحلات دينية سياحية في بلدنا، والأعداد الأخيرة سافر فيها نحو الفضاء.
بالنسبة لكتابة السيناريو، أو النص من الرسام نفسه وتخطيط الرسوم بالتأكيد ستخرج الرسوم متجانسة مع النص ومؤثرة، لأن الرسام يتخيل المشهد والصورة وهو يرسمها في ذهنه قبل أن يكتبها، وبهذا تكون القصة نابعة من صميم الفنان حروفا وألوان. 
****
# من المؤكد أن لك مشاركات في معارض عدة ما هي أبرزها؟
الحمد لله شاركت في معارض للتصوير والرسم في سورية والعراق أذكر منها:
المعرض الذي أقامه مركز أدهم منصور/ سورية عام 2002
المعرض الذي أقامه المركز الثقافي في أبو رمانة/ سورية 2000
معرض مديرية شهداء كربلاء السنوي الثاني. 
المشاركة في ديكور مسرحية شمس الحسين الخالدة 2016. 
المشاركة في مهرجان ولادة الإمام الحسن المجتبى السنوي السادس. 
*** 
# هل هناك نوايا لتطوير الذات ام انك راضيا الى ما وصلت اليه ؟ وما هو دور المؤسسات الثقافية لتطوير رسامّيها؟ 
_ الحمد لله انا راض لما وصلت إليه، ولكني بالتأكيد أطمح للأفضل، فلا حدود للعلم والتعلم ولا نهاية.
 ودور المؤسسة لتطوير رساميها توفير الأجهزة الحديثة، لمواكبة تطور العالم السريع, والأجواء البيئية المناسبة في العمل, وإقامة معارض فنية,  واستقطاب رسامين محترفين ضمن ورش فنية، وتبادل المعلومات ومشاهدة فنونهم وإبداعاتهم, إلى جانب التحفيز المادي والمعنوي. 
**** 
#  بالفن نستطيع ان نقول ، ما لايمكن قوله من خلال الكلمة، مجلة الرياحين ما مدى تفاعل الأطفال معها؟ وهل استطاعت كسر حاجز المناطقية أقصد هل لها جمهور من القرّاء خارج اسوار كربلاء؟

علي الخباز, [18/03/2023 07:20 ص]
_ رسمة واحدة أو لقطة وبدون أي كلمة تعبّر عن الكثير من القضايا، وتوصل العديد من الرسائل فتحطم كل الحدود الجغرافية، لأن الفن رسالة إنسانية. 
مجلة الرياحين مجلة مؤثرة وجميلة، ليس لأني أعمل فيها، لكنها أثبتت بجدارة كونها مجلة متنوعة، فنية اجتماعية علمية تاريخية بأسلوب طفولي محبب، وكادرها من المحترفين كتّابا ورسّامين, وهي توزع بسعر رمزي مع وجود موقع الكتروني، ولها جمهورها الواسع في مختلف مناطق العراق. 
***** 
#  الأجهزة الحديثة والعمل على الحاسوب الى اي مدى تسهّل عمل الرسّام؟ 
_  كنا في الماضي نخطط على الورق بقلم الرصاص، ثم نبدأ التحبير أو الإعادة على نفس الخطوط، وعلى ورقة أخرى بقلم أسود، ثم تحول إلى الحاسوب للتلوين والعملية تأخذ وقتا وجهدا, أما الآن مع وجود الأجهزة الحديثة كالشاشات الالكترونية والأجهزة اللوحية أصبحت عملية التخطيط والتحبير والتلوين أسهل بكثير.  
***** 
#  نجاح أي منجز أدبي يعتمد على نجاح كافة العناصر مجتمعة، كالسيناريو والرسم والتصميم، والى اخره.. اما العمل منفردا كقيامك برسم لوحات المجموعة القصصية : أنت البطل والتي خرجت للنور مؤخرا، ماذا يضيف الى إرشيفك كرسّام وماذا  يُلقي عليك من تبعات ومسؤوليات ؟ 
_ نعم اكيد نجاح اي كتاب قصص، او مجلة يعتمد على نجاح هذه العناصر، ونحن في مجلة الرياحين أو حيدرة، نعمل كفريق للخروج بكل ما هو أفضل من خلال النقاش أو التعديلات والإضافة.
بالنسبة لإصدار (أنت البطل) وهي مجموعة قصصية جميلة وعمل جديد ودافع للأمام, صراحة تجربة جديدة خارج نطاق فريقي، ومسؤولية كبرى وبوابة انتقالية لأعمال خارجية مختلفة تدفعني نحو الإبداع. 
*****
#  اخيرا ما هو طموحك للمستقبل كرسّام أطفال محترف؟ 
_ كل رسام يتمنى الاحتراف، ويسعى ويجاهد لنيل ذلك, وأنا أعتبر نفسي متعلما دائما وساعيا في طريق التفوق, وكأي رسّام أطمح للتطوير, وأمنيتي أن أرى رسوماتي يوما ما تتحرك كفلم كارتوني. 
في الختام أشكر الأستاذ علي رستم على إتاحته الفرصة لدخول الصدى إلى عالمه الإبداعي، فألف تحية له.. وتحية لكل فنان على خارطة هذا الوطن.. وتحية لكل ريشة رسّام  تعرف كيف تشكّل  ذلك النبض الطفولي الجميل، وتعرف كيف ترسم وهج الطفولة وألقها في هذا العالم الفسيح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح الجيزاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/18



كتابة تعليق لموضوع : لقاء مع رسام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net