صفحة الكاتب : الشيخ محمد قانصو

العربية وآلامها !..
الشيخ محمد قانصو

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 .. منذ فترة ليست ببعيدة وصلتني دعوة من إحدى المدارس الأجنبية المقيمة في لبنان لحضور الإجتماع التمهيدي لعقد مؤتمر عام حول دعم اللغة العربية وسبل حمايتها وتفعيلها.
ولا أخفي عليكم الدهشة التي اعترتني حينها, وأظنّكم تشاركونني دهشتي التي تفاقمت حين لبّيت الدعوة وشاهدت المدير العام للمدرسة صاحبة الدعوة وقد انبرى خطيباً بلغة أجنبية فصيحة وهو يدافع باستماتة عن العربية ويتغنّى بجمالها وعمقها وتوسّعها, ويلهب حماسة المشاركين والمهتمّين من المعنيين وأصحاب الشأن لعقد مؤتمر عام انتصاراً للّغة العربية وتصامناً معها.
لم تكن تلك الحادثة وحدها ما قلّب المواجع وأثار الحزن والحسرة في النفس, ولكنّ الكثير من المعاينات اليوميّة وفي أكثر من موقع واتجاه تقودك إلى نتيجة مؤلمة لا بدَّ من الإعتراف بها, وهي أنّ اللغة العربية الأمَّ تعاني في مهدها ومسقط رأسها من حالة تصحّر مخيفة  فد تؤدي في حال تفاقمها إلى انكفاء اللغة الأصل وانحسارها في أفق معين, ما يسمح للغات بديلة من احتلال مكانها, أو لرموز مبتدعة من انتزاع دورها .
ولا بدَّ في هذا المقام من استعراض بعض النماذج التي تصلح لتكوين شاهد حسيّ على ما نفترضه من نتائج أو نستحضره من هواجس, فما رأيك مثلا ببنية الخطاب الرسميّ لأهل السلطة وممثلي الشعب؟ والذي يشبه كلّ شيء باستثناء العربية في قواعدها ومخارج حروفها وتشكيلاتها, وما رأيك بتمدّد اللّهجة العامية وتسلّلها إلى واجهة الإعلام المرئيّ والمسموع, واعتلائها منابر الفكر والثقافة والأدب؟
ما رأيك بلغة الرموز والأرقام المحكيّة في أواسط الشباب العربيّ أمل الأمّة ومستقبلها الواعد؟ وأيّ ضحالة تلك التي وصلنا إليها بعدما أصبحت حروفنا العربية أرقاماً حسابية وباتت كلمة عروبة تكتب بهذا الشكل: ( 3oroba)!..
ونأتي إلى المناهج المدرسية وطرائق التدريس وما يثير الغرابة حقيقة أنّك ترى في الكثير من المدارس نظاماً صارماً يلتزم الطالب بموجبه التكلّم في الصفّ باللغة الأجنبية التي يتعلمها إلى جانب اللغة العربية الأصيلة, ولكنّ المفارقة أنّ الطالب ذاته يتكلّم اللهجة العاميّة المحكية في حصة اللغة العربية الفصحى دون أن يكون هناك أيّ إلزام أو مساءلة!..
 آخر ما أقدّمه لكم يا أصدقائي من صور وشواهد على مأساوية الواقع الذي وصلت إليه لغة البيان والبديع, أنّ صديقاً  لي حدثني عن صديق له أنّه في الفترة التي كانت تُعرض مسلسلات مكسيكية مدبلجة باللغة العربية على بعض محطات التلفزة, وبينما كان الرجل يشاهد إحدى الحلقات إلتفت إلى جليسه قائلاً بالعاميّة :\" نحن عربية ما عم نفهم كيف مكسيكية \"؟؟
على أمل أن تعود العربية زاهية بآدابها .. متخفّفة من معاناتها وآلامها ..
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد قانصو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/14



كتابة تعليق لموضوع : العربية وآلامها !..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي حسين النجفي من : العراق ، بعنوان : لغة القران..هجروها في 2010/12/15 .

اشد ما يحز في نفسي الما ياشيخنا الجليل ان اقرأ لكتاب يحسبون انفسهم من اهل الادب والثقافة مقالات لايخلو سطر فيها من طعنة نجلاء مسددة الى لغة القران الكريم فيكون الفاعل منصوبا والمفعول به مجرورا والمضاف اليه او الاسم المسبوق بحرف جر مرفوعا!!! كتاب لايحسنون النحو ولايعرفون احكام الاعراب ومنهم من يحرف الكلم عن مواضعه فيستشهدون بايات قرانية لا يكلفون انفسهم حتى امانة نقلها بصورة صحيحة..ومن المثير للاستغراب ان اجد من يشنع علي تشخيصي لمثل تلك الاخطاء وكانه يرى في الاخطاء والسكوت عليها مكرمة وكمالا وفي كشفها وتصويبها مثلبة وعارا !!حسبنا الله فانه نعم الوكيل.






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net