قرار حظر أنشطة اتحاد الطلبة.. صراع سياسي أم قرار تعليمي؟

ترى التجمعات المدنية بان قرار حظر أنشطة اتحاد الطلبة ناجم عن صراع سياسي بعد فشل محاولات كسبها على يد قوى سياسية، اذ انها تحمل توجهات مغايرة لتوجهاتها.

تسبّب قرار وزارة التعليم العالي في العراق، بحظر عمل ونشاطات “اتحاد الطلبة” في الجامعات العراقية الحكومية والخاصة، بغضب بين صفوف أعضاء الاتحاد والتجمعات والأحزاب المدنية والليبرالية في البلاد، لا سيما أن القرار وجّه جهاز “الأمن الوطني” للتكفل بتطبيق هذا الإجراء الجديد، بحجة “الحفاظ على سير العملية التعليمية”.

ودفع قرار حظر أنشطة اتحاد الطلبة، الذي صدر في مايو/أيار الماضي، وعُمم على جميع جامعات العراق، بما فيها إقليم كردستان، اتحادات الطلبة في عموم المدن العراقية بإصدار البيانات والتوجه نحو الإعلام المحلي للتعبير عن رفضهم الإجراء، معتبرين إياه “قراراً تعسفياً بوليسياً” يستهدف التثقيف السياسي في الجامعات.

وتربط القوى المدنية العراقية القرار بشخص وزير التعليم الجديد نعيم العبودي، الذي ينتمي لجماعة “عصائب أهل الحق”،  والمعروفة بمواقفها المتشددة من القوى والحركات المدنية بالعموم.

 وأصدر الاتحاد العام لطلبة العراق، بياناً حمل عنوان “لن تُسكتوا صوت الطلبة”.

وجاء فيه أن “القرار مرفوض، وأنه تعسفي يمثل كبتاً واضحاً للحريات الطلابية والأكاديمية، ويحمل في طياته استهدافاً واضحاً وممنهجاً لصوت الطلبة واتحادهم، بغية التغطية على فشل الإدارات المتعاقبة وفسادها، الذي أوصل العملية التعليمية والتربوية إلى الانهيار، ومن أجل تمرير المزيد من المشاريع والقرارات المدمرة للتعليم في بلادنا”.

 وأضاف أن “ما يثير استغرابنا واستنكارنا أكثر هو إحالة متابعة هذا القرار إلى مكاتب الأجهزة الأمنية في الجامعة، وهي خطوة بوليسية مرفوضة ومخالفة صريحة لقانون التعليم العالي، الذي يمنع وجود أي مظاهر عسكرية داخل الحرم الجامعي”.

واعتبر “أن السمعة الأكاديمية قد أهينت عندما اعتمدت المحاصصة الطائفية والاثنية معياراً لاختيار الإدارات الجامعية على حساب الكفاءة المهنية والنزاهة، وبالغ المتنفذون في سحقها عندما أقر قانون معادلة الشهادات، الذي شرع الآلاف من الشهادات المزورة خارج العراق ليتولى حاملوها لاحقاً مناصب عليا في الدولة”.

 واتحاد طلبة العراق، هو منظمة مستقلة تهتم بشؤون الطلاب وتهتم بحل مشكلاتهم، تأسس على يد قوى وشخصيات سياسية يسارية عام 1948، ويعتبر أعرق الاتحادات الطلابية في الوطن العربي.

وقدم المئات من الضحايا خلال مواقف سياسية من مختلف الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد منذ ذلك الوقت، كان آخرها في الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

ويضم الاتحاد في عضويته جميع الطلبة الراغبين في العمل التطوعي في صفوفه، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو القومية أو الدينية. كما أنه انتمى إلى اتحاد الطلبة العالمي وساهم بنشاط في جميع فعالياته واحتل مواقع قيادية، إذ شغل منصب السكرتير العام ومنصب نائب الرئيس.

 وقال عضو اتحاد طلبة بغداد، محمد حمزة، إن “الأحزاب النافذة والفصائل المسلحة، حاولت الاستيلاء، في أكثر من مناسبة على الاتحاد من خلال اختراقه وزج عناصر موالية لهذه الأحزاب فيه، ولم تنجح خطتهم، كما أنهم أرادوا تغيير اسم الاتحاد إلى منظمة “الحشد الطلابي” كي يكون مسانداً لهيئة الحشد الشعبي، وفشلوا أيضاً في ذلك”.

وأضاف: “يبدو أنهم باتوا ينظرون إليه كمنظمة تهدد وجودهم، ما دفعهم باتجاه محاصرته وحظر نشاطاته داخل الجامعات”.

مبيناً أن “القرار يهدف إلى منع مساندة اتحاد الطلبة للحراك المدني الرافض لعسكرة المجتمع وسرقة موارده عبر الأحزاب”.

 وتابع حمزة أن “القرار الذي اتخذته وزارة التعليم العالي، التي تسيطر عليها جماعة سياسية عسكرية معروفة التوجه، وهي “عصائب أهل الحق”، يهدف إلى التضييق على الحريات العامة، وينافي مبادئ الدستور العراقي، التي نصت على حرية التجمعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، طالما أنها تتوافق مع القوانين والأطر العامة”.

وأشار إلى أن “الطامة الكبرى في هذا القرار، هي إحالة متابعة تنفيذه إلى مكاتب الأجهزة الأمنية وتحديداً “جهاز الأمن الوطني” وليس مكاتب المتابعة في الجامعات، ما يعني أنه ضوء أخضر لاعتقال أعضاء اتحادات الطلبة”.

ورفض مسؤولان في وزارة التعليم العراقية التعليق على قرار حظر أنشطة اتحاد الطلبة.

لكن مستشاراً في هيئة الرأي بالوزارة قال عنه إنه “صادر من مكتب الوزير نعيم العبودي”،.

مقراً بالوقت ذاته، حول دوافع القرار، بأنه “غير بعيد عن السياسة”.

حسين الحمداني، وهو عضو في اتحاد طلبة محافظة البصرة، قال لـ”العربي الجديد”، إن “الطلبة كان لهم دور كبير في إنجاح الحراك المدني خلال السنوات الماضية، وتحديداً خلال فترة الاحتجاجات الشعبية، لذلك فإن الأحزاب تدرك خطورة الاتحاد، وإمكاناته الحالية، بالنظر إلى الأعداد الكبيرة لطلبة العراق، وأنهم جميعاً يشتركون بنفس الهموم”.

ورأى أن “القرار جاء لهدف لا يعرفه الجميع، وهو أن الأحزاب زجت فرقها داخل الجامعات من أجل التثقيف السياسي لصالح مرشحين في الانتخابات المحلية المقبلة، وهو ما لا يقبله اتحاد الطلبة، لأنه خرق للقانون الذي يمنع التعاطي السياسي داخل الجامعات”.

 من جهته، أشار عضو حراك “البيت العراقي” وائل البارود، إلى أن “الطلبة كانوا جزءاً مهماً وأساسياً في انتفاضة تشرين 2019، وتسبب الطلبة باستمرار الاحتجاجات ودعمها وزيادة الزخم البشري فيها، وهذا ما جعل الأحزاب الكبيرة، والمتهمة بالفساد، تحقد على اتحادات الطلبة التي نادت بإنهاء البطش تجاه المحتجين وتعديل المسار الديمقراطي”.

واعتبر البارود، أن “الإجراءات بحق الطلبة من قبل السلطات حالياً، تشير إلى مخاوف داخل صفوف الأحزاب والمليشيات، لذلك فإن الأخيرة، باتت تتعامل بعنف وتحييد مع كل أشكال المدنية في العراق، بما فيها اتحادات الطلبة والأحزاب”.

 وأضاف البارود أن “هذه القرارات الغاية منها واضحة، وهي إسكات كل من ينتقد عمل السلطة ويثقف ضد فسادها وتخبطها ويلغي احتكارهم للعمل الحكومي ليتسنى للجميع المشاركة في بناء عراق ديمقراطي قوي. وما حصل لاتحاد الطلبة، يمثل ضربة كبيرة لحريات التعبير في العراق، وهو إجراء ينطوي على مخاطر كبيرة على الحريات العامة، وقد يكون للاتحاد حراك جديد أكبر من إصدار بيانات أو خطابات، في المرحلة المقبلة”.

بدوره، رأى الباحث العراقي غالب الدعمي، أن “اتحاد الطلبة مهم كحلقة تواصل ما بين عمادة الكلية والطلبة من جهة، ورئاسة الجامعة والطلبة من جهة ثانية، كما أن له الفضل في إسهامات مهمة، مثل الأنشطة الثقافية والاجتماعية والحملات التطوعية والإغاثة، بالتالي فإن إبطال عمله أو إيقافه بقرار وزاري، هو قرار مستعجل ولا يسهم في تقوية العملية التعليمية، بل إنه يساهم بتهميش أصوات الطلبة”.

وأكد الدعمي، أن “هناك صراعاً سياسياً على اتحادات الطلبة، حيث إن الاتحادات تميل باتجاه القوى الثورية والمدنية، وهو ما لا يخدم مصالح القوى السياسية الدينية، لذلك فإن محاولات كسب للاتحادات من قبل هذه القوى يبدو أنها فشلت، فصدر القرار بمنع عمل الاتحاد العام، وهذا خطأ كبير”.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/29



كتابة تعليق لموضوع : قرار حظر أنشطة اتحاد الطلبة.. صراع سياسي أم قرار تعليمي؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net