على ضفاف الانتظار (41)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كيفَ يجمعُ الكلمةَ على التقوى؟
من الصفاتِ التي وصِفَ بها الإمامُ المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه) هو أنّه جامعُ الكلمةِ على التقوى، كما في دعاء الندبة، وهي كلمةٌ توحي بأنّه سيقومُ بما لم يُتَحْ لمن قبلِه من الأنبياء والأوصياء من جمعِ كلمةِ الناس عمومًا على ما يُريدُه اللهُ (تعالى) من الناسِ، من الالتزامِ بطُرُقِ الكمالِ والابتعادِ عمّا يُسبِّبُ التقهقُرَ الكمالي.
وقد أشارتِ الرواياتُ الشريفةُ إلى هذه الحقيقة، فقد رويَ عن رفاعة بن موسي قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ قال: إذا قامَ القائمُ (عليه السلام) لا تبقى أرضٌ إلا نوديَ فيها بشهادةِ أنْ لا إلهَ إلا الله، وأنّ محمدًا رسولُ الله.
أما عن الآليةِ التي سيتبعُها الإمامُ المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه) لجمعِ الكلمةِ على التقوى، فيُمكِنُ تلخيصُها بالتالي:
أولًا: على المُستوى النظري:
تتلخّصُ الأهدافُ المرسومةُ لحركةِ الإمامِ المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه)ببسط العدل على ربوعِ الكرةِ الأرضية، وإزالةِ الظلمِ والجور وما يستلزمُه ذلك من فقدانِ الأمنِ وانتشارِ الفقرِ وانعدام الحقوق، ولا شكَّ أنَّ هذه الأهدافَ هي مطلبُ كُلِّ إنسانٍ عاقل.
وهذا ما أكّدَته الرواياتُ الشريفةُ التي تعرّضتْ لذكره (عجل الله (تعالى) فرجه) والتي ما فتأت تذكرُ أنّه سيملأ الأرضَ قسطًا وعدلًا بعدما مُلئت ظلمًا وجورًا.
ولا شكَّ أنَّ هذه النظرية سيكونُ لها وقعٌ إيجابي في النفوسِ ممّا يؤدّي إلى تلهُفِهم لتطبيقِها في الحياة العملية.
ثانيًا: على المُستوى العملي:
سيقومُ الإمامُ (عجل الله (تعالى) فرجه) بتطبيقَ تلك الشعاراتَ على أرضِ الواقع، الأمرُ الذي سيُدركُ معه الناسُ وبفترةٍ وجيزةٍ أنَّ شعاراته لم تكُنْ مُفرغةً من العمل، وإنّما هي خطوةٌ أولى لخطوةٍ أهمّ،هي التطبيقِ العملي،وسيجدُ الناسُ أنَّ الإمامَ (عليه السلام) قد حقّقَ لهم ما يصبون إليه مُنذُ أمدٍ بعيد.
ومن الخطواتِ العمليةِ التي سيقومُ بها (عجل الله (تعالى) فرجه) هي التالي:
أولًا:أنّه لا مكانَ مُتاحَاً للظالمين، فالتعامُلُ معهم سيكونُ شديدًا جدًا، إلا من يُعلِنُ التوبةَ النصوحَ منهم إذا كانتْ بالمستوى المقبول، وإلا فإنَّ مصيرَه الاستئصالُ تمامًا.
ثانيًا:أنَّ المناهجَ التربويةَ ستنصبُّ على إضفاءِ (الحكمة) ووضعِ الشيءِ في موضعه في سلوك الناس، الأمرُ الذي يصلُ إلى ما رويَ عن أبي جعفر (عليه السلام) أنَّه قال: «... وتؤتون الحكمةَ في زمانِه، حتَّى إنَّ المرأةَ لتقضي في بيتها بكتاب الله (تعالى) وسُنَّةِ رسول الله (صلى الله عليه وآله)»
بل يصلُ الأمرُ إلى ما رويَ عن أبي جعفر (الباقر) (عليه السلام) أنّه قال: إذا قامَ قائمُنا (عليه السلام) وضعَ يدَه على رؤوسِ العباد، فجمعَ بها عقولَهم، وكمُلَتْ بها أحلامُهم.
ثالثًا:أنَّ نفسَ وجودِ الإمامِ المعصومِ (عجل الله (تعالى) فرجه) ظاهرًا بينَ الناس، وما يرونه من سلوكياتِه الشفّافة التي تكشفُ عن التزامٍ كاملٍ بالمبادئ التي رسمَها للناس، بل إنّه يصوغُ سلوكَه بحيث لا يسمحُ حتى للعدوِّ بأنْ يطعنَ عليه بفعلٍ أو قولٍ أو حتى صمت، لهو من الأمورِ التي ستجعلُ الناسَ يلتفّون حولَه ويعملون على اتخاذِه قدوةً عمليةً لهم في حياتهم، الأمر الذي يعني سعيهم الحثيث للتشبُّه به (عجل الله (تعالى) فرجه)، وهذا أمرٌ من شأنه أنْ يقودَهم نحو التقوى العملية، وليس النظرية فقط.
على أنّه يُمكِنُ للإمامِ (عجل الله (تعالى) فرجه) أنْ يُبيّنَ لهم الملاكاتِ الواقعيةَ للأحكامِ الشرعية المُبتنية على المصالحِ والمفاسدِ الواقعية، الأمر الذي سيدفعُ الناسَ إلى التزامِ مُفرداتِ الدين حينما يقطعون بموافقتها للمصلحة العامة، بل وحتى الشخصية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat