صفحة الكاتب : زعيم الخيرالله

خوفُ غريزةٌ والجُبْنُ رَذيلَةٌ أَخلاقِيَّةٌ
زعيم الخيرالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هناكَ فَرقٌ كبيرٌ بينَ الخَوفِ والجُبْنِ لايعرِفُهُ الكثيرونَ ، وَيَتُمُّ الخَلطُ بينَهما كثيراً.
الخوفُ ضِدُّ الأمنِ ، والخوفُ لُغَةً تَدُلُّ عليه مادَةُ خَ وَ فَ التي تَدُلُّ على الذُّعرِ وَالفَزَعِ ، واصطلاحاً عَرَّفَهُ الراغِبُ الاضفهانيُّ بأَنَّهُ:( تَوَقُعُ مَكروهٍ عَنْ أَمارَةٍ مظنونَةٍ أو مَعلومَةٍ ، ويُضادُّ الأمنَ ويُستعملُ في الأُمورِ الدُّنيَوِيَّةِ وألأُخرَوِيَّةِ).
أَمّا الجُبْنُ فهو ضد الشَّجاعة، والجَبانُ من الرِّجالِ هو ضعيفُ القَلبِ، الهيوبُ للاشياء لايُقدِمُ عليها. وَعَرَّفَهُ ابنُ مسكويه بأَنَّهُ :(الخوفُ عَمّا لاينبغي أَنْ يُخافَ منهُ). وقيلَ:( هوَ الجَزَعُ عندَ المخاوفِ والاحجامُ عمّا تُحذَرُ عاقِبَتُهُ أَو لاتُؤمَنُ مَغَبَتُهُ).
ومن هذا البيانِ يتضحُ لنا اَنَّ الخوفَ غريزَةٌ غرزها اللهُ فينا لندافعَ بها عن الأعراضِ والأوطانِ ، أَمّا الجُبْنُ فهوَ رذيلَةٌ أَخلاقِيَّةٌ مذمومَةٌ.
الخوفُ في القُرآنِ الكريم
-------------------------
جاءت كلمةُ الخَوفِ في القُرآنِ الكريمِ بمعانٍٍ متعددةٍ منها : القتال ، كما في قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ). النساء: الآية:(83).
وجاءت أيضاً بمعنى توقُع حصول أمرٍ مكروهٍ مع العلمِ بهِ ، كما في قولهِ تعالى:(فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). البقرة: الآية: (182). وكذلك جاءت كلمةُ الخوفِ بمعنى الخشية من العذابِ والعقوبة :
(تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ). السجدة: الآية:(16) .
وجاء الخوفُ في القُرآنِ الكريمِ بمعنى الحَذّر كما في الآياتِ التالية:
(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امَْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا).مريم: الآية: (5).فزكريا عليه السلام يَحْذَرُ ابناء عمه من التلاعب بميراثه.
(وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).القصص: الآية: (7).
(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). التوبة: الآية: (28).
(إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ). الشعراء: الآية:(135).
(قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ).يوسف: الآية:(13).
الخوف الطبيعي الذي يقع فيه الانبياء (ع)
----------------------------------------
اضافة الى الخوف بمعنى الحذر الذي حدثنا الله عنه في قصة موسى وكيف أنَّهُ عليه السلام كان في المدينة حذراً يترقب ، وعندما خرج من المدينة خرج منها خائفاً يترقب ، فهذا الخوف لامحذور منه ويقع من الانبياء عليهم السلام وهو لاينافي عصمتهم وكمالهم.
وهناك نوع آخر من الخوف وهو الخوف الطبيعي كخوف موسى عليه السلام من العصا التي انقلبت ثعباناً في يديه ، هذا الخوف خوف طبيعي ولامحذور فيه ويقع فيه المعصومون عليهم السلام لانه لايتنافي والعصمة والكمال. وهناك آياتٌ تشير الى هذين المعنيين :
(فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ).القصص:الآية: (18).
(فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ).القصص: الآية:(21).
(فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).القصص: الآية: (25).
(وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ).القصص:الآية:(31).
(قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ ).طه:الآية:(21).
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ).طه: الآية:(67).
نسنتج مما مرَّ ، أنَّ الخوفَ الطبيعي ، والخوف بمعنى الحذر والترقب واتخاذ الاجراءات التدبيرية هي امور غير مذمومة وتقع من الانبياء عليه السلام ، انما الذي يتنزه عنه الانبياء هو الجبن ؛ لانَّهُ رذيلةٌ أَخلاقِيَّةٌ ، ويتنزهون عن الخوف المرضي الذي يشل حركة الانسان ويجعله سلبياً ازاء الاشياء والاحداث ، وكذلك الخوف من الامور الموهومة التي لاواقع لها ، فانَّ الانبياء عليهم السلام منزهون عن كلِّ ذلك.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زعيم الخيرالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/08/05



كتابة تعليق لموضوع : خوفُ غريزةٌ والجُبْنُ رَذيلَةٌ أَخلاقِيَّةٌ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net