الحرب في السودان.. تراشق مدفعي ومعارك شرسة وسط الخرطوم
تستمر الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع فيما شهد محيط القيادة العامة للقوات المسلحة وسط العاصمة الخرطوم اشتباكات شرسة.
وتتابع المعارك العنيفة في بحري، وأم درمان، وشرق النيل لليوم الخامس على التوالي. وسمع دوي انفجارات وتصاعدت سحب وأعمدة الدخان السوداء بالقرب من معظم المقار الحكومية والاستراتيجية بما فيها القصر الجمهوري (الرئاسي) في قلب الخرطوم، التي باتت مسرحاً لتبادل القصف الصاروخي والمدفعي.
الحرب في السودان..قصف ومعارك
وأفادت مصادر عسكرية عن تصدي الجيش لهجوم رافقه قصف مدفعي شرس شنته قوات “الدعم السريع” على مقر القيادة العامة للجيش. وتكبدت القوات المهاجمة خسائر قدرت بعشرات القتلى وعدد من العربات القتالية المدمرة، إضافة إلى الاستيلاء على عدد آخر منها بكامل عتادها.
وقالت المصادر ذاتها إن الجيش قصف تجمعات للقوات المتمردة التي تتخذ من قلب الخرطوم، أكبر المناطق الحضرية بالعاصمة السودانية، حيث القصر الرئاسي وكل الوزارات ورئاسات مقار معظم مؤسسات الدولة والشركات الكبرى، منصات وقواعد لانطلاق هجماتها على قيادة الجيش المركزية.
وبالتزامن مع المواجهات العنيفة حول مقر القيادة العامة، يخوض الجيش معارك أخرى ضارية في كل من الخرطوم بحري وشرق النيل وأم درمان، حيث تبادل الطرفان القصف المدفعي المكثف شمال سلاح المهندسين في مدينة أم درمان، وامتدت الاشتباكات العنيفة إلى داخل أحياء الفتيحاب والمربعات والبستان جنوب المدينة، ما تسبب في موجات نزوح لسكان المربعات إلى مناطق أخرى بعيداً من قذائف القصف المتبادل. وأوضح فارون، من سكان مربعات 16 و20، و16، إن أصوات الرصاص لا تكاد تنقطع منذ أسبوع عن منطقتهم ليل نهار، ما تسبب في رعب وهلع السكان واحتجازهم داخل بيوتهم، مشيرين إلى أن قوات “الدعم السريع” تطلب من السكان عدم النزول إلى الشوارع أو الجلوس خارج بيوتهم.
هجوم على محيط القيادة العامة
وأكد العميد نبيل عبدالله المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة في بيانه حول موقف العمليات مساء أمس الأربعاء 20 سبتمبر (أيلول) الجاري، تصدي الجيش لمحاولة هجوم من عناصر “الدعم السريع” على مواقع متقدمة في محيط القيادة العامة، وتمكن من دحرها تماماً وتدمير عدد من الآليات والعربات القتالية ذات الدفع الرباعي والثنائي والمدرعات وعدد كبير من القتلى والجرحى.
اشتباك بغرب كردفان
وأشار بيان الجيش اليومي إلى أن قواته “تواصل عملياتها ضد الميليشيات المتمردة في جميع مناطق العاصمة وتوقع بها خسائر كبيرة ومؤلمة بشكل مستمر في الأفراد والعتاد”، منوهاً باستقرار الأوضاع في كل المناطق العسكرية بالولايات.
كما شهدت ولاية غرب كردفان اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوة كبيرة من “الدعم السريع” هاجمت أمس الأربعاء حامية محلية الأضيه العسكرية، جنوب مدينة الأضيه، بولاية غرب كردفان، إلا أن الجيش تمكن من صدها وتدمير عدد من العربات القتالية.
وكانت القوة، بحسب مصادر رسمية، اعتدت على منازل المواطنين وروعتهم، وأحرقت مباني قوات الشرطة وأتلفت سجلاتها ونهبت مخازن السلاح، وأطلقت سراح السجناء الموقوفين على ذمة التحقيق.
وفي الوقت الذي تنحدر فيه الأوضاع الإنسانية في الخرطوم إلى مرحلة أكثر تعقيداً، من حيث شح السلع والخدمات، مع صعوبة الوصول إلى الأسواق القليلة العاملة للحصول على حاجاتهم اليومية بسبب حدة الاشتباكات، وتوالي انهيار المنظومة الصحية، يصارع سكان العاصمة السودانية، الجوع وسط دوي المدافع في مناطق وأحياء عدة ببحري وأم درمان، عبر المبادرات التكافلية لصنع وتقديم الطعام الجماعي في الساحات والشوارع داخل الأحياء في مناطق شمبات وبحري وأم درمان.
وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بدأت ولاية الخرطوم الأربعاء بتخصيص 16 ألف شوال دقيق للوحدة الإدارية “الثورة الغربية” التي تضم 14 من حارات “منطقة الثورات” كدفعة أولى، على أن يتم توزيع دقيق الأمن الغذائي على مواطني محلية كرري بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تحت الإشراف المباشر لوالي الخرطوم المكلف، أحمد عثمان حمزة.
وفي جنوب دارفور فاقمت الأمطار والسيول التي شهدتها كل من مدينة نيالا ومعسكر “كلمة” الأكبر للنازحين هذا الأسبوع، من الأوضاع الإنسانية للمواطنين والنازحين، حيث تسببت في انهيار ما لم تدمره الحرب من منازل وتشريد ما تبقى من السكان.
وحذر ناشطون من تدهور صحي مريع ينذر بكارثة بيئية بالمدينة وتفاقم الأوضاع الإنسانية الغذائية والصحية التي يعيشها النازحون، ومعاناة مئات الأسر من النقص الحاد في الغذاء والمياه، بجانب انتشار أمراض الملاريا والإسهال المائي وسط أطفال نازحي مدينة نيالا في مراكز إيواء مدينة الفاشر.
وقال محمد عبدالرحمن الناير، المتحدث الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان (عبدالواحد نور)، إن “آلاف المواطنين الفارين من المعارك والاشتباكات بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في كل من الفاشر، نيالا، زالنجي والجنينة، وصولاً إلى عدة مناطق تسيطر عليها الحركة في جبل مرة”.
وكشف الناير أن الفارين من الحرب في السودان يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة يفتقدون فيها أبسط مقومات الحياة من نقص في الغذاء والدواء والكساء وقد فاقم هطول الأمطار الغزيرة معاناتهم، وبخاصة شرائح النساء والأطفال وكبار السن والمرضى.
أوضح متحدث الحركة، أن السلطة المدنية بالأراضي المحررة والقيادة العامة لجيش الحركة بذلت مجهودات كبيرة لإيواء النازحين ودعمهم للتخفيف عنهم وتوفير الحماية لهم، على رغم شح الإمكانات، مقارنةً بأعداد النازحين الكبيرة التي تفوق طاقة الحركة وإمكاناتها في الأراضي المحررة.
نذر الجوع جراء الحرب في السودان
وبدأت تلوح نذر الجوع وتفشى سوء التغذية وسط السكان في ولايتي غرب ووسط دارفور في ظل انحسار الإنتاج المحلي من الحبوب بسبب تقلص المساحات الزراعية وشح الأمطار وانقطاع وصول المساعدات الإنسانية إلى الولايتين.
وقال مصدر رسمي ولائي إنه على رغم وصول بعض المساعدات إلى مدينة الجنينة، لكن الوضع الإنساني لا يزال حرجاً، بينما لم تصل إلى وسط دارفور معونات منذ اندلاع الحرب، مناشداً حكومة المركز والإقليم الالتفات إلى معاناة مواطني الولايتين، وحض المجتمع الدولي والوكالات الإنسانية الإسراع في التدخل قبل أن يستفحل تردي الأوضاع وينحدر إلى كارثة محققة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat