عين التمر وخالد بن الوليد
اسعد عبد الرزاق هاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد عبد الرزاق هاني

أيام كانت الرحلات المدرسية لها رونقها، كأجراء تربوي وترفيهي وجغرافي وتاريخي، كانت رحلات مدارس كربلاء تذهب إلى عين التمر تلك الواحة الخلابة، استفزني سؤال سمعته هناك ما علاقة خالد بن الوليد بكربلاء، وتحديدا بعين التمر، وحين عودتي عرضت السؤال على الأستاذ عبد الرزاق الحكيم
ابتسم لي حينها وقال:
- إنها حكاية من حكايات الفتح، تقول الروايات إن خالد بن الوليد فتح عين التمر.
قلت نعم لكننا لا نعرف تفاصيل هذه المعركة ولا كيف تم تحريرها وممن حررناها؟ ابتسم حينا وقال
- سأروي لك التفاصيل، بعد أن فتح خالد بن الوليد الحيرة توجه إلى الحامية الفارسية الكبيرة، التي كانت في عين التمر والواقعة على الطريق المؤدي إلى دومة الجندل، هذه الواحة كان يسكنها العرب النصارى الموالين للفرس.
قلت هل تعرف يا أستاذ أن هذه المعلومة جديدة لم أسمع بها من قبل، ولم أقرأ عنها شيئا، قال
- ولعلمك، إن الحامية كانت أيام خالد بن الوليد مؤلفة من قسمين الأول فارسي تحت قيادة القائد الفارسي مهران بن بهرام، والقسم الآخر هم من العرب النصارى، قاطعته لأساله من أي القبائل هم؟
قال
- من قبائل النمر وتغلب وأياد بقيادة (عقة بن أبي عقة) قلت هذا يعني أن هناك قائد فارسي وآخر عربي قال
- نعم وكان عقة مغرورا ومتعجرفا ويبدو أن الرغبة تمتلكه لحيازة الفخر والمجد والانتصار على المسلمين، هو لوحده فطلب من القائد مهران الفارسي أن يخلي الساحة ليقاتل المسلمين وحده دون مساعدة من الفرس.
وقال له إن العرب أعلم بقتال العرب، فدعنا وخالد، وهو يعلم أن خالد بن الوليد حقق انتصارات كبيرة قبل ذلك ويقاتل بمعنويات عالية قلت معقبا:
يبدو أنه مغرور فعلا، وإلا لقاتل بهم بدل أن يصرفهم، لكن ماذا كان رد مهران الفارسي؟ الفرس لهم غروهم أيضا
- أجابني ولهم خبرة قتالية وذكاء ميداني، استطاع مهران أن يدرك إنه لا يمكن أن يقاتل مع جيش يقوده عقة القائد، المغرور الذي لا يفهم من الحرب شيئا، وغروره سيقوده إلى شر هزيمة، لهذا ما أن سمع مهران هذا الكلام قال له صدقت لعمري انتم أعلم بقتال العرب، دونكم هم، وأن احتجتم إلينا أعناكم، عقبت على الموضوع وأنا في غاية الدهشة:
يبدو أن الموضوع موضوع مهران أراد الهروب من المواجهة؟
أجابني
- لأنه يعلم أن المسلمين في وضع مستريح ومعنويات نفسية عالية بعد انتصاراتهم المتلاحقة في العراق.
قلت أعتقد أن مهران الفارسي كقائد ذكي وميداني حسبها جيدا؟ أجابني
- الفرس لم يرضوا عن القائد الفارسي مهران بهذا القول وانتقدوه واستنكروا عليه ما قاله لعقة، أجابهم مهران الفارسي دعوهم فإن غلبوا خالدا فهو لكم، وإن غلبهم خالد قاتلناه، قلت مع نفسي أيا شيطان يا مهران، وللأستاذ قلت:
شيطان هذا المهران.
- وخرج عقة المغرور ومعه من العرب المتنصرة من عين التمر للمعركة مع جيش خالد وأوغل في الصحراء غرورا منه لمبادرة المسلمين بالهجوم، ووصل إلى منطقة الكرخ وعبأ قواته النصرانية، وعبأ بالمقابل خالد الجيش بسرعة واستعد للقتال.
أرسل جيشا صغيرا يشاغب جيش عقة مناوشات بسيطة، فهجم خالد وأسر عقة وعاد به أسيرا من أرض المعركة دون أن يسلوا سيفا وكانت أسرع هزيمة في التاريخ.
سالته أين صفى الدهر بمهران؟ أجابني
- نزل من الحصن، وهرب مسرعا مع حاميته إلى المدائن، وحين رجعت فلول النصارى الأعراب وجدوا الحصن مفتوحا فدخلوه واحتموا به، وسلموا خالد الحصن ثم أمر بضرب عنق عقة ومن كان معه في الأسر وفتح جميع ما في الحصن، قلت ما التحليل المناسب لعمل عقة، هل الغرور وحده كان الدافع للانفراد بالقيادة؟ أجابني
- من خلال دراسة الواقع التاريخي وجدنا أن القيادة كانت لمهران بن بهرام، وعقة كان يريد التحرر من مهران أولا بضرب خالد، ومهران يريد ضرب العرب بالعرب، حين دخل خالد الحصن وجد 40 شابا في كنيسة من عرب العراق وقد أسلموا جميعا وكان من بينهم نصير هو والد القائد موسى بن نصير فاتح الأندلس
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat