الإمام الحجة (ع)أمل المستضعفين
زاهر حسين العبدالله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زاهر حسين العبدالله

💡مقدمة
إن الله سبحانه وتعالى خلق الدنيا على نظام دقيق تحكمه قوانين صارمة لا يختلف بعضها عن بعض ثم خلق الإنسان وجعل له مساحة حيث جعلها كما ورد في الرواية لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين ولسنا بصدد بيان هذه القاعدة العميقة في دلالاتها ومعناها وما نريده هو أن الله سبحانه وتعالى خلق عالم الإنسان وجعله رهن ظروف موضوعية كلما قدم الإنسان شيئاً نحو الكمال مَده الله بفضله وسابق كرمه وحكمته بأشياء من أجل صلاحه فخروج الإمام الحجة عليه السلام في آخر الزمان تحكمه ظروف ومناخ عام يصل فيه الإنسان بالحاجة الماسة لوجوده عليه السلام لأن الناس ضاقت ذرعاً من الظلم والاضطهاد والقهر والألم حيث بينت الرواية الشريفة ( عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلزال يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض )(١)
وقد أشار القرآن الكريم أن هذا الأمر حاصل لا محالة وهذا وعد الله سبحانه لخلقه المستضعفين في الأرض خصوصاً إذا تأملنا الآيات الشريفة التي لا تقف عند عموم اللفظ لا بخصوص السبب لأن القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان ولا يقتصر على زمان محدد دون آخر حيث قال تعالى {ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ونَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥)} القصص.
وقال تعالى {ولَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥)} الأنبياء.
وهنا سنقف على نقطتين ونتأمل فيهما بعمق هما :
١-ماهي مكانة الإمام الحجة عليه السلام في الروايات الشريفة.
٢-دور مولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام في زمن الغيبة .
١- ماهي مكانة الإمام الحجة عليه السلام في الروايات الشريفة .
إذا تصفّحنا في كتب الحديث ككتاب بحار الأنوار لوجدنا حديث قدسي جميل وعجيب يثير العقول وتستبشر به القلوب وتأنس له النفوس
عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنْ عَلِيِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنِ ابْنِ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ مِنْهَا إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَ مِنَ السِّدْرَةِ إِلَى حُجُبِ النُّورِ نَادَانِي رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ عَبْدِي وَ أَنَا رَبُّكَ فَلِي فَاخْضَعْ وَ إِيَّايَ فَاعْبُدْ وَ عَلَيَّ فَتَوَكَّلْ وَ بِي فَثِقْ فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ بِكَ عَبْداً وَ حَبِيباً وَ رَسُولًا وَ نَبِيّاً وَ بِأَخِيكَ عَلِيٍّ خَلِيفَةً وَ بَاباً فَهُوَ حُجَّتِي عَلَى عِبَادِي وَ إِمَامٌ لِخَلْقِي بِهِ يُعْرَفُ أَوْلِيَائِي مِنْ أَعْدَائِي وَ بِهِ يُمَيَّزُ حِزْبُ الشَّيْطَانِ مِنْ حِزْبِي وَ بِهِ يُقَامُ دِينِي وَ تُحْفَظُ حُدُودِي وَ تُنْفَذُ أَحْكَامِي وَ بِكَ وَ بِهِ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ أَرْحَمُ عِبَادِي وَ إِمَائِي وَ بِالْقَائِمِ مِنْكُمْ أَعْمُرُ أَرْضِي بِتَسْبِيحِي وَ تَقْدِيسِي وَ تَهْلِيلِي وَ تَكْبِيرِي وَ تَمْجِيدِي وَ بِهِ أُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ أَعْدَائِي وَ أُوَرِّثُهَا أَوْلِيَائِي وَ بِهِ أَجْعَلُ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِيَ السُّفْلَى وَ كَلِمَتِيَ الْعُلْيَا بِهِ أُحْيِي بِلَادِي وَ عِبَادِي بِعِلْمِي وَ لَهُ أُظْهِرُ الْكُنُوزَ وَ الذَّخَائِرَ بِمَشِيَّتِي وَ إِيَّاهُ أُظْهِرُ عَلَى الْأَسْرَارِ وَ الضَّمَائِرِ بِإِرَادَتِي وَ أُمِدُّهُ بِمَلَائِكَتِي لِتُؤَيِّدَهُ عَلَى إِنْفَاذِ أَمْرِي وَ إِعْلَانِ دِينِي ذَلِكَ وَلِيِّي حَقّاً وَ مَهْدِيُّ عِبَادِي صِدْقاً.(٢)
المتأمل في الحديث القدسي هذا يجد فوائد كثيرة منها :
١-أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أفضل عباد الله سبحانه وتعالى .
٢-أن حجج الله سبحانه وتعالى معروفون قبل خلق الخلق وأنهم خلفاء الله في أرضه وهداة لخلقه وهم أسباب الخير كله على عباده
٣-أن خاتم خلفائه وحججه سبحانه هو مولانا الحجة عليه السلام الذي سيمده بمختلف العطايا والهبات ما لم يُعطِ أحدا من خلقه من قبل. وبه سَيُعلي كلمته سبحانه ويُنفذ أمره ويكشف له أسرار الأولين والآخرين وما تخفي الصدور فهو مظهر لجلال الله وجماله سبحانه وتعالى في أرضه.
٢-دور مولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام في زمن الغيبة.
إن للإمام الحجة عليه السلام دور كبير في سلامة الوجود بكله فضلاً عن سلامة الناس لأنه مظهر لرحمته وعز جلاله وحجته على عباده وقد وردت رواية تؤكد هذا المعنى ، وأن الإمام الحجة (ع) ينتفع الناس من غيبته من زمن رسول الله صلى الله عليه وآله
فعن جابر الأنصاري أنه سأل النبي (ص) هل ينتفع الشيعة بالقائم (ع) في غيبته فقال (ص) إي والذي بعثني بالنبوة إنهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب. (٣)
الإمام الحجة عليه السلام على أتم الاستعداد لأمر ربه في هداية خلقه في السر والعلانية فيقوم الإمام بأدوار كثيرة في زمن الغيبة أهمها دعاؤه المستجاب في آناء الليل وأطراف النهار حيث ورد في الرواية من كتاب بحار الأنوار
عن أحمد بن ثابت إلى آخر السند وذكر الأدعية فقط - إلى أن
قال: دعاء المهدي عليه السلام:
" يا نور النور، يا مدبر الأمور، يا باعث من في القبور، صل على محمد وآل محمد واجعل لي ولشيعتي من كل ضيق فرجا، ومن كل هم مخرجا، وأوسع لنا المنهج، وأطلق لنا من عندك، وافعل بنا ما أنت أهله يا كريم ".(٤)
فوجود الحجة عليه السلام بين الناس تواتر في الروايات بشكل مستفيظ . من تلك الروايات
ماورد عن الإمام علي (عليه السلام)[ اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه، إما ظاهرا مشهورا، أو خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته](٥)
وهناك روايات تؤكد على الثبات على ولاية الإمام أرواحنا فداه والاشتياق لظهوره المقدس فقد ورد عن الإمام الباقر (ع) قال: «يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان (٦)
وجاء في الذكر الحكيم قوله ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ و ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ وهاتان الآيتان تشيران إلى نمط من الهداية لا يتم بالطرق المعروفة كالمشافهة والكتابة.. بل هي الهداية الأمرية التي بمقتضاها يقوم الإمام (عج).
في زرع نور الهداية في الآخر إذا كان ذلك الآخر معدًا لتلقي النور.. أي بث الإيمان والصلاح في القلب عن طريق التأثير الروحي.
نختم برواية أخيرة تثلج الصدر لشيعة أمير المؤمنين عليه السلام
عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ قَائِمَ أَهْلِ بَيْتِي وَ هُوَ يَأْتَمُّ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ وَ يَتَوَلَّى أَوْلِيَاءَهُ وَ يُعَادِي أَعْدَاءَهُ ذَاكَ مِنْ رُفَقَائِي وَ ذَوِي مَوَدَّتِي وَ أَكْرَمِ أُمَّتِي عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.(٧)
فمن يثبت على ولاية مولانا الحجة عليه السلام ويؤمن به إيماناً صادقاً ويمتثل أمره ويجتنب نهيه ويحب أولياءه ويعادي أعداءه حتماً سيكون من رفاء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بل من أهل مودته وأكرم الناس عليه في أمته يوم القيامة .
نكتفي بهذا القدر والحمد لله رب العالمين.
✍️ : زاهر حسين العبد الله
المصادر
(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥١ - الصفحة ٧٤.
(2) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٣٤٣.
(3) بحار الأنوار ج 52 ص 93.
(4) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩١ - الصفحة ١٨٧.
(5) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ١١٨.
(6) بحار الأنوار ج52 ص 145.
(7) بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج51، ص: 72.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat